التي سجلت في المشروع على غرار انخفاض العجز وتحسن عائدات وموارد الدولة ونقاط اخرى.
لم تمر الندوة الصحفية التي خصصها البنك المركزي للحديث عن خروج تونس من القائمة السوداء دون ان ينتقل القوم الى الحديث عن مشروع قانون مالية 2020، خاصة بالنسبة لاعضاء الحكومة على غرار وزير المالية رضا شلغوم او وزير الاصلاحات توفيق الراجحي.
حديث عن مشروع قانون مالية اعتمد على تسليط الضوء على التوازنات المالية العمومية التي تحسنت في المشروع وعلى تقليص نسبة العجر العام في الموازنة وعدد من النقاط التقنية المالية في ظل غياب اي نقاط جدلية في المشروع.
نقاط تقنية تعلقت بنسبة تعبيئة موارد الدولة، وبنسبة العجز المتوقعة في مزانية 2020 وفي تحسن المؤشرات العامة، التي يعتبرها شلغوم وزير المالية هامة في الاسواق المالية الدولية، فهي التي ستحدد ثقة المانحين وتحسن من شروط الخروج الى السوق المالية للاقتراض.
شلغوم وهو يتحدث عن السوق الدولية لم يفته التشديد على ان الموازنة الجديدة حققت تقدما هاما اذ يقارب حجم المبالغ المقترضة حجم الديون وخدماتها المسددة في مشروع الميزانية، فتونس التي تتجه لاقتراض 11.4 مليار دينار لتمويل موازنتها ستقوم في السنة نفسها بسداد 11.9 مليار دينار ديون. بل انه اعتبر ان الميزانية متوازنة لولا الديون.
هذا المؤشر اعتبره شلغوم كافيا للتاكيد على نجاح السياسية المالية التي قامت بها الحكومة، حيث تمكنت لاول مرة منذ2011 من تعبئة موارد ذاتية تكفي للتسير وللنفقات والاستثمار،اي ان موازنة الدولة التونسية المقدرة بـ47 مليار دينار وقع تعبئة 35.5 مليار منها ن الموارد الذاتية، وهي بالاساس
الضرائب المباشرة وغير المباشرة والعائدات المباشرة من قطاعات كالنفط والفسفساط وغيرها.
ها التلميح الذي اشار اليه شلغوم اراد من خلاله القول ان حكومة الشاهد نجحت في تعبئة الموارد المالية بل وتمكنت من تنميتها باكثر من 15 نقطة عن الموازنة السابقة، وكأن لسان حاله يريد ان يشيد بإجراءات حكومته لتحصيل الضرائب المستوجبة، لكنه لا يرغب في قول هذا مباشرة.
ما لا يقوله شلغوم او الراجحي، الوزيران في حكومة الشاهد والماسكين بملف المالية والإصلاحات، ان الموازنة التي قدمت للمجلس وفق الاجال الدستورية قامت بالأساس على فلسفة رفع نسبة تغطية التحصيل الضريبي، فالحكومة يبدو انها ترغب في مواصلة سياساتها وخياراتها المتبعة في 2019، ان تعلق الأمر بتعبئة العائدات الجبائية حيث شهدت العائدات ارتفاعا نجم عن ارتفاع تحصيلها لتبلغ وفق تقديرات مشروع قانون مالية 2020 أكثر من 32 مليار دينار، دون فرض ضرائب جديدة، نظرا الى ان تونس تسجل نسبة ضغط ضريبي تقدر بـ23 نقطة، إي أن الضرائب تمثل ربع الناتج القومي الخام.
هذا الارتفاع المسجل في المشروع يكشف ان البنية الهيكلية للميزانية تعاني من خلل، فارتفاع موارد الدولة الذي يقدم على انه دليل للتعافي الاقتصادي هو في الحقيقة مغاير لذلك، اذ ان الارتفاع المسجل هو في نسبة التحصيل وهذا بدوره يكشف ان نمو الموارد كان اكبر من النموي الاقتصادي المسجل، باحتساب النسبة بالدينار القار. اي انه لولا هذه التغطية المالية التي وفرها ارتفاع نسبة تحصيل الضرائب لكانت الموازنة ستعاني من اختلال قد يدفع الى حافة الافلاس.
وهنا يتمثل الخطر ففي الاعتقاد بان التحصيل الجبائي وحشد كل اجهزة الدولة لتجميع الموارد الجبائية كاف لإنقاذ الاقتصاد، وقوع في فخ سرعان ما سيجر الى الكارثة في ظل غياب نمو اقتصادي فعلي. وهذا ما يجب ان تداركه باستعجال عمليات الاصلاح الاقتصادي لضمان عودة النمو الى نسب تسمح بالتعافي وبتقليص الضغط الضريبي ليعود لحجمه الفعلي وهو 20 نقطة.