كل طرف الطرف الآخر وكل منهما يهدف الي ان يزيح خصمه المباشر في تمثيل العائلة الوسطية وتزعمها، بعد ان ادرك كلاهما ان الخارطة السياسية تعيش على وقع اعادة التشكل من جديد.
اختار وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي صفحة حملته الانتخابية علي موقع فايسبوك ليعلن بشكل مباشر عن انطلاق الصراع السياسي بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ليطالبه بالاستقالة باعتباره مسؤولا عما بلغته الازمة من تعقيدات.
الزبيدي الذي حل رابعا في الدور الاول من الانتخابات الرئاسية لم يقتصر على مطالبة الشاهد بالاستقالة والاعتراف بفشله ، بل اتهمه بالتسبب في تأزيم الوضع الاقتصادي وفي تدهور الوضع المعيشي للمواطنين وفي تدمير الحياة السياسية والحزبية» ليصفه بانه جزء من المشكل وليس الحل.
هذا الوصف جاء متزامنا مع تاكيد الزبيدي ان حملات التشويه وغيرها من الممارسات الاخلاقية تسببت في تشتيت وفشل العائلة الديمقراطية في ايصال مرشحها للدور الثاني، والمرشح المعني هنا الزبيدي نفسه الذي ذكر الجميع بانه تحصل على نسبة أصوات تجاوزت عشر نقاط.
هذه العبارة لا تحتاج الي شرح لكشف المراد منها، وهو إعادة تشكيل العائلة الوسطية/النداء التاريخي، دون الشاهد ومجموعته، لكن هذا لن يكون كافيا دون بديل، وهنا تكشف التدوينة التي نشرها الزبيدي عن الذي سيتصدر عملية اعادة التشكيل التي يتوقع أن تمر بها العائلة الوسطية الديمقراطية.
هوية هذا الزعيم لا تكشف بشكل صريح وانما بالتلميح وترك الاجابة لمن يتابع كلماته، خاصة تلك التي تحدث فيها عن النتائج التي حققها في الدور الاول والتي وصفها بالمشرفة، بل وهو فخور بها لانها ساعدت علي ابعاد «منظومة فساد كانت تعتزم إرساء دكتاتورية جديدة لعدة سنوات» هنا ايضا لا يحتاج المرء الي الكثير من العناء لفهم المقصود بمنظومة الفساد التي يستثني منها الاحزاب والائتلافات التي دعمته في الانتخبات الرئاسية، والتي دعا ناخبيه الي التصويت اليها في التشريعية، وهي أفاق تونس ونداء تونس ومشروع تونس والحزب الاشتراكي اليساري والحزب الوسطي الجديد وحزب الورقه والتحالف من اجل تونس وحركة الوطن الجديد التي اسسها سليم الرياحي.
هذه الاحزاب التي يراد لها ان تكون نواة العائلة الوسطية المزمع تجميعها من جديد ستحتاج الى من يقودها، وهنا يبدو ان الزبيدي سيكون مرشحا للقيام بهذا، باعتباره مرشحا للرئاسية والذي كان يمكن ان يمر لولا تشتت العائلة الديمقراطية.
في تدوينته التي حظيت بانتباه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حرص الزبيدي على ان تكون حربه مع الأخير مفتوحة بل وان يصعدها الي مطالبة رئيس حكومته بالاستقالة والاقرار بالفشل السياسي والحكومي، وهذا ما رد عليه الاخير بالقول ان استقالته تعني استقالة الزبيدي نفسه باعتبار انه عضو في الحكومة.
حكومة قال ان الدعوة الي استقالتها والبلاد علي بعد ايام من الانتخابات التشريعية عمل غير مسؤول، وابدى استغرابه من تصريح الزبيدي الذي كان قد توجه اليه في نهاية الاسبوع الفارط بدعوة توحيد الصفوف لتقليص تداعيات الانتخابات الرئاسية علي العائلة الديمقراطية الوسطية.
دعوة اجاب عنها الزبيدي بالرفض القاطع بل بالاستهداف المباشر للجهة المبادرة التي لم تجد غير إبداء الاستغراب والحيرة، وهي تنظر الى محاولات اقصائها من المشهد الذي يعيش على وقع اعادة التشكل.
فالشاهد وحركته تحيا تونس يدركان ان الصراع لم يعد مع الزبيدي وانما مع الاحزاب الداعمة له، وهذه الاحزاب ترفض ان يكون الشاهد وحركته جزءا من المشهد القادم، الذي يبدو ان التفكير في كيفية تشكيله وموقع كل طرف فيه قد انطلق منذ الان.