من الرئاسية الذي يمنح للمترشحين آلية التدخل لتحديد يوم الاقتراع فيه، والواضح انه سيكون يوم الـ 13 من أكتوبر القادم .
في الساعتين الأخيرتين من الآجال القانونية للطعن في نتائج الدور الأول، تقدم 6 مترشحين بطعون في النتائج، ليغيروا المعادلة بعد ان كان الظن أن لا احد سيطعن وبذلك يكون الدور الثاني من الرئاسية في الـ29 سبتمبر الجاري. موعد بات معلوما انه قد شطب من قائمة المواعيد المقترحة ليتبقى موعدان، 6 و13 من أكتوبر القادم.
هذان الموعدان المرجحان هما ما تبقى من القائمة التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ ايام، احدها من 6 أكتوبر 2019 هو الموعد المخصص للاقتراع في الداخل بالنسبة للتشريعية، أي أننا أمام فرضية تزامن الانتخابات التشريعية مع الدور الثاني من الرئاسية.
هذه الفرضية يبدو انها ستظل على الورق، والمنطلق للقول بان هذا هو السبب السياسي الذي دفع بمترشحين مختلفي التوجهات إلي الطعن في النتائج، فهوية الطاعنين سيف الدين مخلوف وعبد الكريم الزبيدي وسليم الرياحي وناجي جلول وحاتم بولبيار ويوسف الشاهد.
هذا السداسي الذي يضم مترشحا أعلن عن انسحابه من السباق لصالح أخر، وهو الرياحي الذي تنازل للزبيدي قبل ساعات من يوم الصمت، كما يضم المترشح سيف الدين مخلوف الذي حصد حوالي 150 الف صوت وحل الثامن، وكان من اول المترشحين الذين يعلنون دعمهم لقيس سعيد في الدور الثاني.
هؤلاء الثلاثة يصاحبهم في مسارهم كل من يوسف الشاهد رئيس حركة تحيا تونس والمرشح صاحب المرتبة الخامسة في الرئاسية، لا يبدو ان أسباب طعنهم في النتائج تقف عند المبرر القانوني الذي أدرجوه في العريضة، بل يتجاوزه ليكون السبب الفعلي والرئيسي محاولة التدخل لتحديد يوم الاقتراع في الدور الثاني من الرئاسية.
فالجلي بالنسبة ليوسف الشاهد علي الاقل، ان الرجل يرغب وبشدة مع حركته تحيا تونس في تقليص الارتباط بين الرئاسية والتشريعية، فبالنسبة لهم إذا انتظم الدور الثاني في موعد 29 سبتمبر، سيكون ذالك بمثابة الضربة القاضية لهم ولجزء هام من الاحزاب الاخرى.
قراءة تنطلق من ان الناخبين سيتوجهون للتشريعية وهم علي علم بهوية الرئيس الجديد لتونس، هذه الهوية ستكون مؤثرة في تحديد المزاج الانتخابي للتونسيين يوم 6 اكتوبر، اي ان جزءا هاما من الناخين سيتوجهون للصندوق وهم مازالوا تحت تاثير الرئاسية، والمرشح الفائز سيكون بالنسبة للحركة القروي، او للقوى الداعمة له اما بالنسبة لسعيد فان حظوظه اوفر من باقي القائمات.
المساواة في الحظوظ ليس هذا فقط ما يرغب فيه الطاعنون، خاصة من قادة الاحزاب علي غرار الشاهد او الرياحي، بل يرغبون ايضا في استراحة بين الدورين ليعود التركيز علي الانتخابات التشريعية، التي يبدو ان الاهتمام بها خفت نظرا لتوجه انظار الجميع للرئاسية، وهذا سيتواصل إذا اعتمد موعد 29 سبتمبر او 6 أكتوبر.
لذلك فافضل طريقة لضمان تقليص التداعيات التدخل لضمان ان يكون الدور الثاني اثر التشريعية، وهذا ما يفسر طعن الشاهد وعدد اخر من المترشحيين الذين لهم قائمات باسم احزابهم او ائتلافاتهم في التشريعية.
وهذا ما كشفه الشاهد بشكل غير مباشر في حواره امس مع اذاعة موزاييك، فالرجل تحدث عما استخلصه من الرئاسية، وهو ان الناخب عاقب المنظومة الحزبية، حكومة ومعارضة، برمتها. وان كان العقاب امر مشروعا فانه لا يجب ان يصبح عقابا لتونس.
هنا يشرح الشاهد كيف يمكن ان تعاقب تونس في الانتخابات التشريعية، بتواصل تشتت اصوات الناخبين بين مكونات العائلة الديمقراطية، لذلك لا بد من توحيدها قبل الخوض في التشريعية.
توحيد يتطلب مهلة ويستوجب بان تكون الانتخابات التشريعية محور التركيز وليس الدور الثاني من الرئاسية، وهذا يشرح نسبيا لماذا طعن الشاهد، الذي وجه دعوة لعبد الكريم الزبيدي الي الحوار من اجل توحيد العائلة الديمقراطية الوسطية التي يمكنها ان تنقذ تونس ان حققت نتائج إيجابية في التشريعية.
توحيد قال انه ممكن بل وان فرصة تدارك التصويت العقابي متاحة وذلك بتوحيد الصفوف في الإنتخابات التشريعية للحصول على كتلة برلمانية وازنة، وهذا أيضا سبب في الطعن الذي يمنح الشاهد وحركته مهلة للتحرك وحشد الصفوف دون تشويش على الدور الثاني من الرئاسية. دور ثاني يراد له ان يكون بمثابة «الفزاعة» لحشد أنصار في التشريعية، وهذا يعني ان هناك توجها للاستئناف لاحقا لضمان ان يكون الموعد 13 اكتوبر القادم.
لكن بالنسبة للمترشحين المستقلين ليس هذا السبب، من ضمن السداسي الطاعن عبد الكريم الزبيدي، صاحب الترتيب الرابع، تقدم للانتخابات كمستقل لكن بدعم من افاق تونس ونداء تونس، هذان الحزبان لا يعلم اي تأثير لهما علي قرار الطعن الذي تقدم به الزبيدي.
ولدينا ناجي جلول المترشح المستقل الذي حل في المرتبة الـ22 بـ7000 صوت، وحاتم بولبيار المترشح المستقل الذي حل في المرتبة الاخيرة بـاكثر من 3الاف صوت. طعنا في النتائج الاولية وكل منهما علل الطعن باسباب مختلفة وهذا لا يبرز الطعن من قبلهما، الا إذا كان الامر طعنا للطعن.
الواضح هنا والجلي اننا امام رغبات مختلفة للفاعلين السياسين الذين يودون التدخل للتاثير في المواعيد لضمان ان لا تتزامن التشريعية مع الرئاسية او توفير الوقت لحسم ملف قضائي عالق.