النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية المبكرة: أي تداعيات على التشريعية ؟؟؟

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج الأولية للدور الأول من الانتخابات الرئاسية، وعن هوية المرشحين اللذين سيكونان في

الدور الثاني، قيس سعيد ونبيل القروي. نتائج يبدو جليا أنها ستؤثر بشكل مباشر على الانتخابات التشريعية القادمة وستعيد رسم الخارطة الحزبية التونسية.

حسم الامر وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم امس بعد شد وجذب عن النتائج الاولية للانتخابات الرئاسية في دورها الاول وحددت هوية المرشحين اللذين سيتنافسان علي منصب الرئيس في الدور الثاني المتوقع ان لا يتجاوز أجل إجرائه الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر القادم.

نتائج قدمتها الهيئة كاشفة من خلالها عن حجم التغيير الذي طال الخارطة الانتخابية في تونس والنزعة العقابية التي هيمنت على مزاج الناخبين الذين سيتوجهون بعد 18 يوما الي صناديق الاقتراع مرة اخرى لانتخابات أعضاء مجلس النواب الـ217.

هنا تبرز اهمية النتائج المعلن عنها في الدور الأول حيث أنها تمهد نسبيا لإعادة صياغة مشهد برلماني وحزبي جديد سواء بتاكيد النزعة العقابية ومواصلة خيار تجنب الأحزاب التقليدية او ما يمثل «المنظومة» والتوجه الى من يقدمون أنفسهم كخصوم لها او من خارجها، ام أن المزاج قد يتغير مرة اخرى وتنتهي النزعة العقابية.

هذا غير معلوم بعد، فنحن أمام اول انتخابات تشريعية تجرى بين دورتي الانتخابات الرئاسية، كما ان التقاليد الانتخابية ليست بالمتأصلة بعد في المشهد التونسي، والتجارب السابقة لا تقدم مؤشرات تمكن من قراءة المشهد الذي يبدو انه سيتجه الى وضوح قبل حلول الـ6 من اكتوبر القادم.

فنحن امام فرضيات عدة، تنطلق من ان المرشحين اللذين عبرا للدور الثاني وأولهما قيس سعيد لا ينتمي الي اية حركة سياسية او حزب ولا قائمات تشريعية مرشحة تمثله ليقع الاستنجاد بما حققه من تقدم لدفع القائمات المترشحة وتدعيم حظوظها في انتخابات 6 اكتوبر. مقابل مرشح ثان يتقدم حزبه قلب تونس بـ33 قائمة انتخابية، وهو بنفسه لا يعلم ان كانت النتائج التي حققها قد تنعكس ايجابا علي قائمات حزبه الذي قد يجذب قاعدة انتخابية تتجاوز قاعدة مرشحه للرئاسية.

المشهد مركب بشكل غير مسبوق ولا معطيات متوفرة حاليا تسمح بالذهاب بعيدا في تحليله وفهمه، فقط بعض المؤشرات الأولية التي تسمح بوضع مسار او فرضيات تتعلق بالمرشحين للرئاسية وبحظوظ أحزابهم في التشريعية على ضوء النتائج التي حققوها ليبرز في هذا الصدد بالاساس اسم حركة النهضة وحركة تحيا تونس والحزب الحر الدستوري والتيار الديمقراطي، هذه الاحزاب التي ستخوض الاستحقاق التشريعي اثر خسارتها للدور الاول من الرئاسية وما قد يعنيه ذلك من اهتراء خزانها الانتخابي، وهي فرضية قائمة خاصة بالنسبة لحركة تحيا تونس التي قد تحمل مسؤولية عدم وصول مرشح للعائلة الديمقراطية الى الدور الثاني.

اما بالنسبة للنهضة فالمشهد مختلف قليلا فقد حافظت نسبيا علي خزانها الانتخابي الصلب المقدر بـ500 الف صوت، وهي قادرة علي الحفاظ عليه وتعزيزه في التشريعية، ذات الامر قد ينطبق علي كل من التيار الديمقراطي والحزب الحر الدستوري فكلاهما يستطيع تحسين نتائجه وحشد ناخبين جدد في التشريعية.

اذن نظريا هناك 1.3 مليون صوت منحت لمرشحين لا احزاب لهم وكانوا ضمن العشرة الأوائل في النتائج، وهؤلاء هم قيس سعيد وعبد الكريم الزبيدي والصافي سعيد ، هذا الخزان لا يعلم بشكل واضح اي خيار سيتجه اليه في التشريعية. والخيارات هنا تمتد من حركة نداء تونس وافاق تونس بالنسبة لناخبي الزبيدي الي حركة الشعب بالنسبة لناخبي الصافي سعيد، اذ ان هذه الاحزاب الثلاثة اعلنت عن هوية المرشح الذي تدعمه في الرئاسية على امل ان تنعكس نتائجه عليها في التشريعية.

امل لا يعلم ان كان سيحقق لها، لكن المعلوم انه لن يتحقق لكل من حل في الترتيب بين 11و26، فهؤلاء يبدو انهم راهنوا بكل شي في مغامرة فردية ستعود بالسلب علي كياناتهم السياسية، ففي انتظار اتضاح المشهد هناك مؤشرات عدة قدمتها النتائج، تتعلق بالكيانات السياسية المرتبطة بشخصية زعيمها الذي ترشح ضمن الـ26 ولم تحمل له النتائج ما امل فيه من دفع بتحقيق نسبة جيدة تضمن له المرور للدور الثاني او على الاقل تضعه في موقع متقدم في الترتيب.

لكن هذا لم يسجل لجل من تقلد مسؤلية رئاسة او أمانة عامة لحزب او حركة، لنجد أحزابا متل بني وطني او البديل او التكتل الديمقراطي والحراك وتيار المحبة وباقي أحزاب اليسار، التي حققت نتائج جد ضعيفة تنبئ بصعوبة مهمتها في التشريعة وتضع مهمة التعبئة لها في خانة المستحيل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115