تعهّدت التفقدية العامّة بوزارة العدل، بإذن من الوزير محمد كريم الجموسي، بالبحث في ملابسات إصدار بطاقتي الإيداع بالسجن، من قبل دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بتونس، ضدّ المرشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها نبيل القروي وشقيقه.
أثار قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس، عشية أول أمس الجمعة، بإصدار بطاقتي إيداع بالسجن ضد الشقيقين القروي، وذلك في إطار قضية الفساد المالي التي رفعتها منظمة أنا يقظ ضدّهما منذ 2016 استياء العديد من الجهات المعنية، خاصة بعد الانتقادات الموجهة الى القضاء.
التفقدية العامة تتعهد
استنكر أشخاص (بين محامين وقضاة)، سرعة الإجراءات التي وصفت بـ»الاستثنائية»، خاصة وانه في ذات اليوم نظرت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف وأصدرت بطاقتي ايداع بالسجن في شأن الشقيقين القروي، ليتمّ تنفيذ البطاقة الصادرة ضدّ رئيس حزب «قلب تونس» والمرشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها نبيل القروي، وذلك بعد سويعات قليلة من اصدار بطاقتي الايداع بالسجن.
هذه السرعة في الإجراءات أثارت شكوك العديد من الأطراف التي اعتبرت انّ القرار «سياسي بحت» وهو نتيجة «تعليمات مسبقة»... ونظرا لطرح مسألة مدى استقلالية القضاء التونسي من جديد، فقد قررت وزارة العدل التدخل.
وقد أذن وزير العدل محمد كريم الجموسي بتعهد التفقدية العامة بوزارة العدل البحث في ملابسات إصدار بطاقتي الإيداع في حق كل من نبيل وغازي القروي والتثبت من سلامة الإجراءات القانونية المتبعة.
الوكالة العامّة توضّح
من جهتها فقد أصدرت الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف بتونس بيانا حاولت من خلاله توضيح المسار الذي اتبعه ملف «الفساد المالي» الذي أثارته منظمة أنا يقظ منذ 2016 ضدّ الشقيقن القروي.
قضية الحال كانت على خلفية شكاية قدمتها منظمة أنا يقظ للنيابة العمومية بالقطب القضائي المالي والاقتصادي في سبتمبر 2016 ضد الشقيقين نبيل القروي وغازي القروي. من جهته فقد اتخذ قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي قرارات بتحجير السفر عن الشقيقين القروي وتجميد املاكهما في مرحلة أولى.
وبعد الاستماع إليهما، قرر قلم التحقيق إبقائهما بحالة سراح ورفض مطالب رفع تحجير السفر ورفع تجميد الأموال في شأنهما. تولت هيئة الدفاع عن الشقيقين الطعن بالاستئناف في قرار قاضي التحقيق. وقد تقدمت هيئة الدفاع عن الشقيقين القروي بتقديم مطلبين في رفع تحجير السفر ورفع تجميد الأموال عن منوبيها.
الّا أنّ دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي، نظرت اول أمس الجمعة، في الطلبات المذكورة، وقررت تأييد قرار قاضي التحقيق ورفض مطلبي رفع تحجير السفر ورفع تجميد الأموال وقررت إصدار بطاقتي إيداع بالسجن في شأن المضنون فيهما.
ووفق ما أوردته الوكالة العامة فان قرار إصدار بطاقتي الإيداع يأتي في إطار تطبيق الفصل 117 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينصّ صراحة على أنه «يجوز دائما لدائرة الاتهام أن تصدر بطاقة إيداع ضد المضنون فيه».
واكدت انه خلافا لما تم تداوله من أنه تم اختطاف “المدعو نبيل القروي” من قبل فرقة أمنية مجهولة فإن إلقاء القبض عليه يتنزل في إطار النظر في القضية التحقيقية بخصوص ارتكاب جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي والتحيّل والمتهمين فيها كل من غازي ونبيل القروي.
ودعت إلى ضرورة النأي بالقرارات التي تصدرها الهيئات القضائية عن التجاذبات السياسية، مشددة على أن الأحكام القضائية لا تناقش إلا في إطار الطعون المخولة قانونا.
النأي بالقضاء عن التجاذبات
إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وحرصا منه على سلامة المناخ والسياق الانتخابي في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به البلاد وعلى إثر الإجراءات القضائية التي اتخذت ضد رجلي الأعمال نبيل وغازي القروي بتاريخ 21 أوت 2019 في نطاق القضية المتعهد بها القطب القضائي الاقتصادي والمالي وما أثارته تلك الإجراءات من ردود فعل مختلفة فإنه :
دعت جمعية القضاة التونسيين ، في بيان لها امس السبت، الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس إلى إصدار توضيح ضاف للرأي العام بالتنسيق مع الناطق الرسمي للقطب القضائي الاقتصادي والمالي بالمحكمة الابتدائية بتونس بخصوص المسار الإجرائي للقضية وآخر التطورات الحاصلة به، وعدم الاكتفاء بالتصريحات المقتضبة، باعتبار شفافية الإجراءات من الضمانات الأساسية للحقوق والحريات حفاظا على الثقة العامة في القضاء .
كما دعت الى الموازنة بين الحق في الحوار العمومي عبر وسائل الإعلام والنأي بالقضاء عن التجاذبات والتوظيفات السياسية.
كما أكدت الجمعية الدور الأساسي للقضاء في احترام الحقوق والحريات لكل مواطن ويدعو عموم القضاة إلى العمل على ضمان تلك الحقوق والحريات باستقلالية وتجرد وأمانة.
ودعت المجلس الاعلى للقضاء إلى تحمل مسؤولياته طبق صلاحياته الدستورية في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله واتخاذ كل الإجراءات المترتبة عن ذلك في هذه الظرفية الحساسة والبلاد مقبلة على الاستحقاقين الانتخابيين الرئاسي والتشريع، مؤكدة انها ستواصل متابعة المسألة وتطوراتها.