المجتمع المدني بمداهمة هذه المقاهي مقابل نفي الوزارة نفيا قطعيا ملاحقة المفطرين، يطرح تساؤل حول المنشور الشهير لمحمد مزالي لسنة 1981 ، الغائب على الورق والحاضر في اذهان المجتمع وعلى ارض الواقع .
في كل سنة يتكرر الجدل خلال شهر رمضان حول ملاحقة المفطرين وخاصة في المقاهي بين منظمات حقوقية تطالب بالعمل بمقتضيات دستور 2014 وأطراف اخرى تطالب باحترام مشاعر الصائمين وسلطة تنفيذية مرة تقول انها تطبق القانون ومرة اخرى تؤكد ان مداهمتها للمقاهي تأتي في اطار عملها من ملاحقة المفتش عنهم وتضعها في موقع المدافع باستمرار عن تصرفاتها خلال هذه الفترة خاصة اذا تعلق الامر بأحد المقاهي، وتطرح مرة اخرى اشكالية المنشور 1981 الذي يدعو لغلق المقاهي والمطاعم في رمضان باستثناء الجهات السياحية والذي صدر في سياق معين، إلا ان هذا المنشور لا اثر له من الناحية العملية.
حادثة الاعتداء على أحد المقاهي بجهة رادس، نهاية الاسبوع من قبل مجموعة من الأشخاص كانت محل جدل على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بالرغم من تأكيد وزارة الداخلية ان الامر لا علاقة له باقتحام المقهى من قبل سلفيين بل نتيجة شجار وتبادل عنف، وأصدرت البيانات حول عدم احترام الحريات الشخصية وحرية الضمير والمعتقد وتعليقات من قبل سياسيين تصب عكس رواية الداخلية ....
لقد سبق وان دعت منظمات وجمعيات حقوقية الى توضيح اشكالية منشور 1981 حتى ان رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان جمال مسلم في تصريح سابق لـ«المغرب» اكد ان مكونات من المجتمع المدنى طالبت رئاسة الحكومة منذ فترة بمدها بهذا المنشور او تمكينها من الاطلاع عليه لكنها تنتظر الاجابة الى حد كتابة هذه الاسطر .
مصادر من وزارة الداخلية اكدت لـ«المغرب»، ألا علاقة لعمل الوحدات الامنية بشهر رمضان وغلق المقاهي او فتحها خلال النهار وانها لم تغلق اي مقهى لهذا السبب متحدية اي شخص يقول انه تم غلق مقهى بسبب فتحه نهارا خلال هذا الشهر مشيرة الى ان العديد منها خارج المناطق السياحية مفتوحة وان حرية المعتقد والضمير مكفولة بالدستور ولا جدال حولها، وبالتالي العمل كما يروج بهذا المنشور غير صحيح .
عدم وجود دليل مادى لهذا المنشور الذي يتساءل حوله الجميع تؤكده ايضا مصادر من رئاسة الحكومة بعد عدم التمكن من ايجاد نسخة منه ، لكن في كل الاحوال فهو منشور غير دستوري ويتعارض مع دستور الجمهورية الثانية ولذلك انتظرت المنظمات الحقوقية الاعلان صراحة ان هذا المنشور لم يعد له وجود او باطل.
مرت اكثر من خمس سنوات على دستور 2014، وتم طرح اشكالية منشور 1981 في اكثر من مناسبة والتضارب مع الفصل 6 من الدستور المكرس لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ومع ذلك فانه ظل عالقا في عادات وتقاليد وفي اذهان فئة واسعة من المجتمع التونسي، وظلت اغلب بل تكاد تكون مجمل المقاهي البعيدة عن المناطق السياحية ووسط العاصمة تغلق ابوابها خلال هذا الشهر ...
بالعودة الى المنشور 1981 والذي اتى بعد التضييقات وحملة الاعتقالات الواسعة التي شملت المنتمين للاتجاه الاسلامي وبعد ايضا صدور القانون رقم 108 الذي صدر في عام 1981 في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة والذي اعتبر الحجاب «زيا طائفيا»، ودعا لمنعه خاصة في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوي، وكان الهدف منه ان تونس دولة لا تتعارض مع الدين الاسلامي.