رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بلحاج حميدة لـ«المغرب»: هناك تباطؤ في مناقشة مشروع قانون المساواة في الميراث ونواب البرلمان انطلقوا في حملات انتخابية سابقة لأوانها

أحيت تونس أمس كسائر دول العالم اليوم العالمي للمرأة، وبالرغم من المكتسبات التي حققتها على مرّ السنين من انجازات ونضالات والأشواط

التي قطعتها إلا أنه مازالت أمامها خطوات كبيرة لتعزيز هذه المكتسبات والقطع مع سياسات التمييز والإقصاء خاصة في مواقع القرار، ذلك وحسب تقرير منظمة العمل الدولية فإن النساء مازلن غير ممثلات بشكل كاف في القمة رغم انه من المرجح أن يكن أفضل تعليما من نظرائهنّ من الذكور، كما أن الترسانة القانونية لحماية حقوق المرأة في تونس بداية من مجلة الأحوال الشخصية مرورا بقانون مناهضة العنف ضد المرأة ووصولا إلى مشروع قانون المساواة في الميراث، تظل على أهميتها في حاجة إلى التفعيل على أرض الواقع وتطبيقها بدقة، وفق تصريح رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال إشرافه على افتتاح ندوة وطنية، أمس تحت شعار «القيادة النسائية والاستثمار في الذكاء تحقيقا لتكافؤ الفرص».

8 مارس يبقى دائما موعدا للمرأة لتحقيق مكتسبات جديدة في انتظار المساواة الحقيقية مع الرجل على جميع المستويات، وقد تمّ أمس بهذه المناسبة اتخاذ عدة قرارات من بينها إطلاق برنامج «إحميني» عبر سحب التغطية الاجتماعية على قرابة نصف مليون امرأة عاملة في القطاع الفلاحي، إلى جانب تنقيح قانون عطلة الأمومة في اتجاه إقرار ثلاثة مبادئ وهي التمديد في عطلة الأمومة بأجر كامل كمرحلة أولية وإحداث عطلة ما قبل الولادة بين 15 يوما وشهرا واحدا وكذلك إقرار عطلة الأبوة فضلا عن المصادقة على إحداث مرصد لمناهضة العنف ضد المرأة وذلك في إطار تفعيل قانون مناهضة العنف ضد المرأة، ولئن تمّ الإعلان عن مختلف هذه القرارات المهمة بالنسبة للمرأة وخاصة المرأة الريفية إلا أن التطلع الأبرز هو لمشروع قانون المساواة في الميراث الذي مازال مجرد مشروع.

تظافر الجهود لتغيير العقليات
وفق تصريح بشرى بلحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة والنائبة بمجلس نواب الشعب وعضو لجنة الصحة لـ«المغرب» فإن المرأة التونسية حققت العديد من المكتسبات وآخرها التي تمّ الإعلان عنها أمس على غرار إحداث مرصد لمناهضة العنف ضد المرأة والتغطية الاجتماعية بالنسبة للنساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي والمصادقة على مشروع قانون يتعلق بتنقيح قانون منح الجنسية لتمتيع أبناء التونسيات من أب أجنبي من الجنسية التونسية وتنقيح قانون عطلة الأمومة..، خطوات مهمة حققتها المرأة ولا بدّ من تضافر الجهود لتغيير العقليات وحسن ضمان تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع.

النواب غير متحمسين للمشروع
وبالنسبة إلى مشروع قانون المساواة في الميراث، شددت بلحاج على أنها ترى شخصيا وجود تباطؤ في مناقشة هذا المشروع على مستوى البرلمان ويبدو أن النواب غير متحمسين لعرض هذا المشروع على التصويت ولجنة الصحة ترى أيضا أن المشروع ليس ضمن الأولويات، مشيرة إلى أن هذا المشروع وعلى عكس ما يراه الآخرون له أولوية النظر بالقانون والدستور وصلاحيات رئيس الجمهورية، فهناك تباطؤ مع غياب روزنامة واضحة لعمل لجنة الصحة والتي اكتفت فقط بالاستماع إلى صاحبة المبادرة أي رئاسة الجمهورية ولم تعقد أية جلسة استماع فيما بعد بالرغم من أنه كان بالإمكان استغلال هذا الأسبوع لعقد جلسات استماع أخرى، وأرجعت بلحاج حميدة الأسباب إلى انطلاق جميع نواب مجلس الشعب في الحملات الانتخابية من مختلف الأحزاب والانتماءات، فهم حاليا في حملات انتخابية سابقة لأوانها حتى أن العمل صلب المجلس دليل على ذلك.

جرأة وعمل جماعي
كما أوضحت محدثتنا أن النواب متخوفون من وقع هذا المشروع على نتائج الانتخابات، وأنها غير قادرة لوحدها على الضغط على بقية أعضاء اللجنة للتسريع في استكمال مناقشة المشروع وتمريره إلى الجلسة العامة للتصويت عليه، لا بدّ من تظافر كل الجهود من مجتمع مدني والنواب المقتنعين بأهمية المشروع، فهذا عمل جماعي وليس فرديا، وأشارت إلى أن هذا المشروع تعرض إلى حملة رافضة قوية جدا سواء داخل المساجد أو في بعض الجمعيات أو حتى من قبل بعض الأطراف من الذين يدعون أنهم «بورقيبيين» والحال أن لا علاقة لهم بالتيار البورقيبي ويستعملون كل طرق التخويف ولكن وبعد جرأة رئيس الجمهورية على بقية الأطراف أي نواب أن تكون لهم ذات الجرأة والتصويت على المشروع من منطلق عدم التفريط في خطوة «عملاقة».

نقائص في تمثيلية المرأة في مركز القرار
وأفادت بلحاج حميدة أنه من المفروض بعد الاستماع للجهة المبادرة أن يكون للجنة الصحة روزنامة عمل واضحة ولكنها لم تقم بذلك، مشددة على أن التعطيلات الحاصلة على مستوى المشروع لا تعدّ النقائص الوحيدة التي مازالت لم تحققها المرأة التونسية بل أيضا مازالت غير ممثلة بالشكل الكافي في مركز القرار وفي الإدارات والأحزاب السياسية والنقابات إلى جانب عدم تفعيل قانون مناهضة العنف ضد المرأة وهناك لوم كبير على وزارتي التربية والعدل في هذا الشأن إضافة إلى آلية الشراكة بين المجتمع المدني والدولة في نفس إطار مناهضة العنف ضدّ المرأة، لتشدد على ضرورة تغيير عدة عقليات وعلى وزارة المرأة الانطلاق في إعداد آليات الشراكة بين المجتمع المدني والدولة ليعرف كل شخص ما له وما عليه، عدة نقائص مازالت موجودة لا بدّ من العمل على تجاوزها لضمان ترسيخ القوانين التي جاءت بعد الثورة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115