لا يتم إلا بالوصول إلى صيغة اتفاق٬ تحقق مصالحهما٬ في إطار ما يعرف في فنّ المفاوضات winwin.
في بداية أزمة المستشفى الجامعي بصفاقس، اتبع الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة التونسية نهج تفاوض لا يهدف إلى حلّ الأزمة بقدر ما يسعى كل منهما إلى إطالة أمدها، وكلّ منهما يراهن على أن عامل الزمن يصب في صالحه. لكن كلاهما اكتشف أن حل الأزمة لن يتم ما لم تتحقق مصالحهما.
هذا الإدراك الذي جاء متأخرا نسبيا، بعد مرور 9 أشهر على انطلاقها وهي الفترة التي قضّاها الإطار العسكري شكري التونسي يدير المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس من مكتب بالإدارة الجهوية للصحة، بعد منعه من مباشرة عمله من مكتبه.
هذا المنع الذي كان في شكل «حركة احتجاجية» ضدّ تعيين طبيب عسكري كمدير لمستشفى مدني، تواصلت خلال الأشهر الفارطة وتصاعدت وتيرتها لينتهي الأمر إلى صدام بين وزارة الصحة والنقابة الأساسية لأعوان الصحة، اللذان تعذر عليهما الوصول إلى حلّ دون تحكيم من رئاسة الحكومة والمركزية النقابية.
تحكيم قال عنه عثمان الجلولي، الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان الصحة، انه انتهى إلى إبرام اتفاق بين الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي ورئيس الحكومة الحبيب الصيد، ينصّ على «نزع فتيل الأزمة».
الأزمة من وجهة نظر الاتحاد لم تكن لتحتد «لولا تعنت الوزير وعناده» برفض تغيير مدير المستشفى الجامعي بصفاقس، رغم مطالبة النقابيين بذلك لتجنب انتهاك حق العمل النقابي و»عسكرة المستشفى» التي أثارتها تصريحات المدير بأنه سيتوجه للقضاء العسكري ان وقع في خلاف مع إطارات المستشفى. مع التشديد على ان النقابة لا نية لها في أن تتدّخل في «سلطات الوزير، وفق الجلولي.
هذا الغموض في الموقف، بين رفض لمدير له خلفية عسكرية وإقرار بان الوزير له صلاحيات لا تتدخل فيها النقابة، يأتي جنبا إلى جنب مع الإقرار بان النقابة ....