مؤسسات عمومية، تسببت في اهدار مئات الملاين من الدينارات، وهي خروقات بعضها يتعلق بشبهات فساد فيما كان جزء آخر منها يتعلق بضعف الحوكمة وحسن التصرف في الموارد.
1021 صفحة حجم التقرير السنوي الصادر عن دائرة المحاسبات، والذي وزع على ثلاثة محاور اساسية، مارست الدائرة صلاحيتها وراقبت المعاملات المالية وكيفية التصرف لدى جملة من المؤسسات والمنشآت العمومية بلغ عددها 26.
هذا التقرير العام الذي تكشف فيه دائرة المحاسبات عن التجاوزات والأخطاء المرتكبة تتعلق بالاساس بالتسيير والتصرف في مؤسسات ومنشآت عمومية، والتي نجم عنها خسائر مباشرة وغير مباشرة تكبدتها خزينة الدولة التونسية.
تقرير الدائرة الذي كان يوم امس العنصر الرئيسي في التقارير الاخبارية التي ركزت بالاساس على شبهات فساد طالت عددا من المؤسسات وحجم الخسارة الناتجة عن سوء التصرف الاداري والمالي بها.
لكن في خضم هذا الاهتمام بشبهات الفساد غاب نسبيا التركيز على عنصر هام في التقرير يتعلق بضعف الحوكمة وغيابها أحيانا في مؤسسات عمومية، سواء الناشطة في قطاعات تنافسية على غرار الخطوط الجوية التونسية «تونيسار» او الصناديق الاجتماعية او صندوق الودائع والامانات التابع للبريد التونسي.
غياب حوكمة نجم عنه صرف اكثر من 100 مليون دينار من قبل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية دون وجه حق وهو ما يساهم في ارتفاع عجزه الجملي مقابل ديون غير مستخلصة لفائدة الصندوق تتجاوز 668 مليون دينار، بعنوان مساهمات وذلك في 2016.
غياب الحوكمة في تسيير الصندوق الوطني للتقاعد تسبب له في صرف اكثر من 2 مليون دينار دون وجه حق بعنوان جرايات لفائدة متقاعدين انتفعوا بأجور صرفت لهم عن طريق منظومة «إنصاف»ـ هذا بالاضافة الى صرف جرايات بقيمة 50 مليون دينار توفي المنتفعون بها، وصرف جرايات ترمل دون وجه حق بعد زوال شرط استحقاق الجراية بمبلغ 41.5 مليون دينار.وسوء التصرف وغياب الحوكمة الرشيدة ليس حكرا على مؤسسة دون اخرى، فالخطوط التونسية تعد ابرز مثال عن غياب الحوكمة.
حيث كشف التقرير في الباب الثاني منه وتحديدا منذ الصفحة 481 عن جملة من الخروقات في «تونيسار» بعضها يتعلق بشبهات فساد واخرى بغياب الحوكمة الرشيدة التي يبرز غيابها بالاساس في ملف قطع الغيار.
في هذا الصدد كشف التقرير عن تجاوزات عديدة تسببت بخسائر بمئات الملايين من الدنانير كان يمكن تفاديها باعتماد اليات تضمن حوكمة رشيدة لموارد الشركة ونفقاتها وحسن استغلال أسطولهاالذي كشف التقرير انه يعاني من التقادم بمعدل أعمار يصل 15.5 سنة وتعطل القيام بالصيانة وتاخره ليصل الى اشهر في بعض الحالات والسبب غياب قطع الغيار او عدم فهرسة المخزون منها.
قطع الغيار وآليات الشراء المعتمدة من قبل الشركة كشف التقرير انها تتسبب في مضاعفة الاسعار تصل أحيانا لسبعة اضعاف، حيث تسبب اعتماد الية الشراء المستعجلة في ارتقاع اسعار القطع واهدار اكثر من 20 مليون دينار على الشركة في بعض الشراءات.