مقاربة لم تنل رضا اتحاد الشغل الذي اعتبرها تهدف لتأليب الشارع على الموظفين وتكشف إصرار الشاهد على لي ذراع الاتحاد.
كشف يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، انه يأمل في الوصول إلى اتفاق مع اتحاد الشغل بخصوص ملف المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية ينتهي بحل يأخذ بعين الاعتبار وضع الموازنة والتزامات الدولة، كما انه يستند لدراسة عملية تحدد من هي الفئة التي تستحق الزيادة وحجمها.
مقاربة الشاهد التي لم تخل من رسائل مباشرة ومبطنة للاتحاد، اعتمدت جملا محددة على غرار «اخدم الدولة تعطيك» و«الزيادة دون إنتاجية تنعكس سلبا» ولكن أهمها قوله «الحكومة معندهاش كان الموظفين». وهذه الجملة لها عدة دلالات ومعاني لم يتأخر الاتحاد في استخلاصها.
اذ اعتبر الأمين العام المساعد سامي الطاهري في تصريح لـ«المغرب» أن يوسف الشاهد «خيب الآمال في حواره» الذي بث يوم الجمعة الفارط على قناة التاسعة، ولم يجب عن العديد من القضايا والمشاكل الحقيقية التي تعيشها البلاد، بل اقتصر على تقديم خطاب يمهد الطريق لـ2019.
تقييم عام لاجوبة الشاهد في حواره، تتفرع لتصبح تقييما مفصلا وفق الملف المطروح، وما قد يكون اهم المحاور التي تعني اتحاد الشغل هو ما قاله الشاهد عن ملف المفاوضات الاجتماعية وكيف يعالج هذا الملف العالق بينه وبين اتحاد الشغل في ظل استعداد الاخير لتنفيذ اضرابه العام يوم 17 جانفي القادم.
الشاهد وما قاله في هذا الصدد لم يكن سوى تلميحات، اعتبرها الطاهري «غير مبشرة بخير»، بل تكشف اصرار الشاهد على اعتماد سياسة لي الاذرع وتجاهل مطالب اعوان الوظيفة العمومية والتعويل على «خلق الفرقة بين ابناء تونس» وفق قول الطاهري.
قول يفسره بالتالي ، الحكومة والاتحاد اجريا مفاوضات في القطاع العام وتم الاتفاق على نسبة الزيادة وجملة من النقاط لكنه يرفض الامر في الوظيفة العمومية. بل انه ذهب في اتجاه تأليب فئات من التونسيين كالمعوزين والعاطلين ضد الزيادة لاعوان الوظيفة العمومية.
تاليب اعتبره الطاهري يستهدف ضرب عصفورين بحجر واحد، تبرير رفع الحكومة يدها عن حل اوضاع هذه الفئات وتبرير رفض الزيادة في الوظيفة العمومية، وهذا ما يعتبره الطاهري نقطة خطرة تنضاف الى ما اعلنه الشاهد يوم امس في ندوة الولاة.
ندوة قال الطاهري ان الشاهد تحدث فيها مع الولاة كمن يدعوهم للاستعداد للحرب، وان كلمته حملت مؤشرا خطيرا تجعل من معرفة ما يدور بذهن الشاهد امرا صعبا مما يحول دون معرفة ان كان ينوي فعلا اثارة معارك ليستفيد منها لاحقا.
معارك قال الطاهري ان الشاهد طلب من ولاته الاستعداد لها، ولكنه يغفل عن ان لا احد يمكنه ان يستفيد من توتير الوضع واثارت معارك في الاوضاع الراهنة، كما انه لن يتمكن من تأليب التونسيين على الموظفين الذين شدد على انهم يقومون اليوم بدور الدولة في رعاية الفئات المعوزة.
لكن موقف الاتحاد لا يقف عند هذا الحد من الاعراب عن «خيبة الامل» في الخطاب، بل يقوم على ان ما قاله الشاهد في حواره سيكون معطيات تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المنظمة دون اعتبارها جزءا من مسار المفاوضات، فالاخيرة تكون على طاولة مخصصة لها وليس في منابر اعلامية.
منابر قال ان الشاهد استعملها لابراز استهانته بالاضراب العام وتغليف هذه الاهانة والاستهتار باسم «حق الاضراب وحمايته» وهو ما يعني وفق القيادي النقابي ان رئيس الحكومة لا تهمه مصلحة تونس والدليل ان تكلفة يوم الاضراب اكبر بعشر مرات من تكلفة الزيادة وفق قول الطاهري، الذي يرى ان الشاهد مستعد لهذه التكلفة مقابل «اذلال الاجراء ولي الذراع مع الاتحاد».
محاولات الشاهد لا تعني ان الاتحاد سيوقف مسار التفاوض، بل هو مستمر بهذا يشدد الطاهري على ان المشاورات مستمرة والتصريحات الاعلامية لن تربكهم، فهي احيانا مخصصة للتسويق وطمأنة الانصار.، لكن هذا لا يعني انه سيقع التغاضي عنها بل العكس فالمنظمة النقابية منكبة على انجاح إضرابها العام القادم .