القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي لـ«المغرب»: سنصوت ضدّ مشروع قانون المساواة في الإرث وتوقيته غير مناسب

• النهضة لا تقبل أن تنصب هيئة الدفاع عن الشهيدين نفسها الطرف الشاكي والحكم في نفس الوقت

أكد القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي لـ«المغرب» أننا دخلنا حاليا الزمن الانتخابي وكل طرف يختار تموقعه الانتخابي ولكننا مازلنا في مرحلة ما قبل السياسة وما يمكن ملاحظته أن بعض التموقعات كانت متسارعة وفيها خلط في الأوراق، واعتبر أن الطبقة السياسية للأسف الشديد غير منتبهة لما حصل منذ 7 أشهر وبالتحديد خلال الانتخابات البلدية والاصطدام بفاجعة العزوف الكبير عن الانتخابات والتي تعني سياسيا أن الطبقة الحاكمة مهما كان موقعها في الحكومة أو في المعارضة كلها لا تحظى بثقة التونسيين الذين رفعوا في وجهها ورقة صفراء تحذيرية مشددا على أن هذه الطبقة غير منتبهة لهذا الموضوع ومستمرة في التناحرات داخل الأحزاب وما بين الأحزاب وفي طرح قضايا لا علاقة لها بالاهتمامات الحارقة للمواطنين والتفصي من المسؤولية في الحكم خلال السنوات الأربعة الماضية.

وأضاف الجلاصي أن البلاد الآن بين إستراتيجيتين، إستراتيجية التجميع والبناء وهي إستراتيجية عقلانية تقر بالأخطاء وتتحمل المسؤولية وتسعى للبحث عن مشتركات وتنظر إلى السنوات القادمة في مستويين، سنة 2019 باعتبارها سنة إعداد وتمهيد للعهدة بين 2019 و2024، وهذه الإستراتيجية تثمن مكتسبات الثورة وتنبني عليها وتستفيد من الأخطاء وتركز على الجوامع وهي مواصلة للمسار الديمقراطي وتدارك للاخلالات الكبيرة في المجال التنموي والاقتصادي الاجتماعي بنمط من الحوكمة الرشيدة والذي يوظف الموارد ويتصدى للفساد، وفي مقابل هذه الإستراتيجية هناك إستراتيجية التأزيم والتفريق التي تريد الإفلات من العقاب السياسي وتحويل وجهة نظر المواطنين إلى قضايا قد تجاوزها المزاج الشعبي ما قبل 2014.

للمؤسسة الرئاسة موقعها
كما أوضح الجلاصي أن النهضة على ذمة الإستراتيجية الأولى ولا تقصي ولا تستثني أحدا وتؤمن بتوازي المسارات إذا كانت هناك مسارات للبحث عن الحقيقة ولاكتشاف اخلالات جسيمة أو انتهاكات وقعت ضدّ قوانين البلاد، فالنهضة تشجع على ذلك وتطالب بها دون أن يعطل ذلك المسار الثاني، مسار إلحاق الاستحقاق التنموي بمكتسبات الاستحقاق السياسي. وأشار إلى أن الحركة تقر أنها في دولة ديمقراطية لها دستور وتريد أن يكون لمؤسسة الرئاسة موقعها وللحكومة صلاحيتها وللبرلمان دوره وفق ما اقره دستور الجمهورية الثانية ووفق ما أفرزته نتائج الانتخابات، أي لكل طرف موقعه ولكن الانشغال ببعض المؤشرات التي قد توحي بانزياح بعض الهيئات والمؤسسات عن دورها الحيادي والتحكيمي أو التي قد توحي بتجاذب شديد يمكن أن يعطل الدولة أو قد توحي بتوظيف المؤسسات الأمنية أو القضائية أو مرفق الإعلام في صياغة الحالة الحزبية والتأثير على الحياة السياسية.

تصارع حزبي ..درجة متأخرة
وفيما يتعلق بمشروع قانون المساواة في الإرث، قال الجلاصي إن الحركة ستصوت ضدّ مشروع القانون وهذا ليس بالموقف الجديد للحركة، فهي منذ البداية أكدت أن طرح هذا الموضوع في هذا التوقيت غير مناسب، فالبلاد مازال مسارها الديمقراطي هشا والشعب منشغل بالجانب الاجتماعي في المقابل هناك تصارع حزبي وسلطة الدولة ضعيفة ينضاف إلى هذا موضوع يمكن أن يقسم البلاد اجتماعيا، مشيرا إلى أن حكمة السياسيين تكمن في ترتيب الأولويات والحركة لا تقول إن هذا الموضوع لا معنى له بل تريد أن تقول انه لم يتم ترتيب الأولويات الوطنية بعد وربما يأتي هذا المشروع في درجة متأخرة وفي هذا الصدد فإن ما يجب أن يناقش ليس المضمون بل الخلفية التي يطرح بها الموضوع، ومن المهم جدا الترفق بهذه التجربة، وبين أن الحركة ستتفاعل مع مشروع القانون في اللجان البرلمانية ولكن إذا بقي هذا المشروع دون تعديل ومرّ إلى الجلسة العامة كما هو، فالنهضة ستصوت «ضد».

البحث عن الحقيقة يتم عبر المسلك القضائي
وعن التنظيم السري للحركة والذي تحدثت عنه هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، قال الجلاصي «بالنسبة للحركة ما يزعجها في الموضوع هو حجم الاستخفاف الموجود في البلاد حاليا وهناك كيانات للأسف الشديد بعيدة عن نبض الشارع ولا أتصور أطرافا مسؤولة نتحدث عن مخططات اغتيالات سياسية وانقلابات وجهاز سري وماكينات رهيبة لتمزيق الأوراق وحرقها، وأنا أقول هناك درجة من التلاعب والاستخفاف والتخويف بينما دور السياسيين هو الطمأنة وإبراز أن الطبقة السياسية ومتابعة لانشغالات الشعب، وهذا الموضوع تراه النهضة مضيعة للوقت وعبث وإذا كانت هناك بعض المسائل الصحيحة فمسلكها هو المسلك القضائي، والقضية التي تعتبرها الحركة صحيحة هي قضية اغتيال الشهيدين وتشجع هيئة الدفاع على البحث عن الحقيقة ولكن عبر المسلك القضائي وليس من خلال «الباز» والجولات في وسائل الإعلام والجهات وإذا احتاج القضاء في أي مرحلة من مراحل سير القضية لشهادة قيادات الحركة فلن يجد منها إلا التعاون ولكنننا لا نقبل أن تنصب هيئة الدفاع نفسها الطرف الشاكي والحكم في ذات الوقت، فهذا يعتبر انتحال صفة في بلادنا، لنا قضاء وأمن ومؤسسات تحكيمية ولكن لن نشغل أنفسنا كحركة بمثل هذه القضايا بل باستكمال الهيئات الدستورية واستكمال المسار الانتخابي وإيقاف انحدار الوضع الاقتصادي وتهيئة المناخات لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة شعبية واسعة ولعل العبقرية تكمن في إيجاد كتل وازنة تحكم البلاد من 2019 إلى 2024 بما يتجاوز الخيبات التي حصلت في البلاد من سنة 2014 إلى غاية انتهاء المدة النيابية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115