وتتواصل الحرب بين جامعة التعليم الثانوي وسلطة الإشراف: النقابة تقاضي وزارة التربية لدى المحكمة الإدارية لسحب المنشور المتعلق بالعطل المرضية

• 3.2 % نسبة الغياب في الوزارة بسبب مرض طويل الأمد بكلفة جملية تجاوزت 47 مليون دينار

لا تزال العلاقة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي بين شدّ وجذب خاصة بعد فشل الجلسة التفاوضية الأخيرة وزادت توترا مع إصدار الوزارة منشورا يتعلق بالعطل المرضية وإلزام العون المسترخص بالاستظهار بالوصفة الطبية تامة الدفع، منشور اعتبرته الجامعة غير أخلاقي ويتناقض مع قانون الوظيفة العمومية لأنه يكشف معطيات خاصة بالمدرسين ويشكك في سمعة ومهنة الأطباء لتقرر رفع شكوى لدى المحكمة الإدارية ضد سلطة الإشراف لسحبه، في المقابل يؤكد وزير التربية حاتم بن سالم في حوار سابق له لـ«المغرب» أن الوزارة ستطبق القانون وستقف بالمرصاد لهذه الظواهر التي تنخر المنظومة التربوية لأن ذلك هو الفساد بعينه بالنظر إلى التأثير السلبي والكارثي للعطل المرضية، حيث بلغ إجمالي أيام العمل المهدورة بسبب الغياب بجميع الأسباب، مرض عادي وطويل الأمد وأسباب أخرى، 1.885.272 يوم عمل خلال السنة الدراسية 2017 /2018 بكلفة جملية 123.963 مليون دينار.
وفق دراسة أعدتها الوزارة حول التأثير السلبي والكارثي للعطل المرضية وينتظر أن تقدمها للعموم قريبا فإن عدد رخص المرض طويل الأمد للإطار المدرس وغير المدرس بلغ 4491 رخصة ، أما عدد أيام العمل المهدورة فقد بلغت 718560 يوم عمل وقدرت نسبة الغياب بسبب مرض طويل الأمد 3.2 بالمائة بكلفة جملية تجاوزت 47 مليون دينار، أما إجمالي نسبة الغياب، مرض عادي وطويل الأمد وأسباب أخرى، فقد بلغت 8.3 بالمائة.

المنشور هو أقل قيمة من القوانين
أكد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي مرشد إدريس لـ«المغرب» إن الجامعة سترفع قضية ضد وزارة التربية لدى المحكمة الإدارية لسحب المنشور الأخير الذي نشرته يوم 5 أكتوبر الجاري الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمربي، مشيرا إلى أن هذا التزامن الغريب كأنه مقصود من الوزارة فعوضا أن تكرم المربي أرادت أن تهينه وأن تحمله مسؤولية فشل المنظومة التربوية والانهيارات المتواصلة فيها للمدرسين بتصريح الوزير أن سبب انهيار المنظومة هي الدروس الخصوصية والغيابات المتكررة للمدرسين وهذا يعد هروبا من تحمل المسؤولية ودفعا نحو مزيد تدمير المنظومة العمومية من حيث البنى التحتية ونقص التجهيزات والإطار التربوي والمدرسين والتخفيض المتواصل لميزانيات المؤسسات التربوية. وأضاف إدريس أن هناك منحى لدى الوزارة للتهرب من مسؤولية الانهيار الحاصل، وهذا المنشور هو أقل قيمة من القوانين، فهناك قانون عدد 112 لسنة 1983 يهم النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، فالفصل 41 من هذا القانون ينص بوضوح تام على أن العطل المرضية تتم تسويتها بتقديم شهادة طبية في الإبان وللإدارة الحق في المراقبة إن كانت العطلة المرضية لها مصداقية أم لا، ومن الممكن حتى القيام بعملية تثبت ولكن ليس هناك أي إشارة في هذا القانون لضرورة تقديم الوصفة الطبية.

غير أخلاقي وغير قانوني
كما شدد محدثنا على أن هناك من المربين من لا يرغب في الكشف عن مرضه لزملائه والطاقم الإداري، فهذه خصوصية للمدرسين دون سواهم، وذكر أن وزارة التربية تشغل ربع عدد الموظفين العموميين، أكثر من 80 ألف أستاذ وأكثر من 60 ألف معلم وأكثر من 10 آلاف قيم وقيم عام، والأرقام المقدمة حول الغيابات هي ضحك على الذقون وهروب من تحمل المسؤولية ورمي الكرة في ملعب الأساتذة والمدرسين وما لهم من قيمة اعتبارية وأخلاقية، وبالتالي فإن هذا المنشور غير أخلاقي أولا وغير قانوني ثانيا، غير أخلاقي لأنه يمس من مصداقية المدرسين ومزيد تأليب الرأي العام ضدهم والحال أنهم أكثر إصرارا على تقديم ما هو مطلوب منهم تربويا معرفيا، وغير قانوني لأن وزارة التربية هي الوزارة الوحيدة التي أصدرت مثل هذا المنشور، والجامعة ترفضه رفضا قطعيا وعلى الوزارة سحبه مع دعوة الأساتذة إلى عدم العمل به والامتناع عن تقديم الوصفة الطبية وإن أراد الوزير أن يقوم بعملية المراقبة لمن هو في عطلة مرضية قانونية متبوعة بشهادة طبية تثبت هذا فما عليه إلا تشغيل لجنة المراقبة.

مراسلة الجهات للاستعداد للهيئة الإدارية
هذا وأشار إدريس إلى أن الجامعة ستتصدى لهذا المنشور وانطلقت في التشاور مع هياكلها ومع المدرسين، وعقد هيئة إدارية لاتخاذ القرارات اللازمة خاصة بعد عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع الوفد الحكومي حول المطالب التي تستجيب لتطلعات المربين، مضيفا أن آخر جلسة كانت الخميس الفارط قد غاب عنها وزير المالية والمفروض أن تكون الأخيرة وتلقي ردود واضحة ودقيقة وحاسمة حول مطالب القطاع لكن لم يحصل ذلك وتأكد للجامعة أنه لا توجد نية حقيقية للحكومة في إيجاد حلول تلبي مطالب قطاع التعليم الثانوي التي تحرك من أجلها منذ نوفمبر 2017 وحتى أن هناك بعض الاتفاقيات الشفوية تمت سابقا بحضور الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي ولكن تمّ التراجع عمّا تقدم به من وعود للتسوية خاصة في علاقة بسن التقاعد، كل هذه المسائل جعلت الجامعة تطلب انعقاد هيئة إدارية قطاعية وتمت مراسلة الجهات للاستعداد لها عبر الدعوة إلى اجتماعات عامة وندوات إطارات وهيئات قطاعية جهوية في انتظار تحديد الموعد النهائي للهيئة وبالتوازي مع ذلك فهناك اتصالات مع المركزية النقابية وخاصة الأمين العام للاتحاد لتوضيح بعض المسائل وكل المعطيات، مشددا على أن الجامعة تبقى دائما من دعاة مفاوضات جدية ومسؤولة وبعيدة عن منطق ربح الوقت، جلسة تفاوض حقيقية تعمل على ايجاد حلول لمجمل مطالب قطاع التعليم الثانوي المطروحة على الطاولة منذ حوالي السنة في انتظار ما سيحدث في علاقة الطبوبي برئيس الحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115