تشييع جثماني شهيدي المؤسسة العسكرية ياسين الشهبي وإدريس الزواغي: وزير الدفاع خلال موكب تأبينهما: «سيأتي يوم يحاسب فيه الشعب السياسيين عن كل ما يحصل في البلاد»

بالرغم من النجاحات الأمنية والعسكرية في الحرب ضدّ الإرهاب والتصدي لعديد المخططات الإرهابية، فإن ظاهرة

الألغام تعتبر من أكبر المشاكل التي تعترض القوات المسلحة، فهي تعدّ بمثابة الحرب «الخفية» بين قواتنا والعناصر الإرهابية، لئن نجحت القوات العسكرية في تفكيك العشرات والعشرات من الألغام إلا أنها « تكلمت» أول أمس مجددا بمرتفعات القصرين بعد أكثر من أسبوع من انفجار لغم بمنطقة بوحية من معتمدية فريانة بولاية القصرين واستشهاد شقيقين كانا على متن شاحنة من نوع «ايسيزي»، وهذه المرة بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي ، حيث انفجر لغم أرضي لدى مرور عربة عسكرية نتج عنه استشهاد اثنين من جنودنا البواسل الرقيب الأول ياسين الشهبي والوكيل إدريس الزواغي وإصابة عدد آخر .

ودعت أمس تونس اثنين من شهدائها الأبرار وشيع جثماناهما من مقر سكناهما، ولايتي المنستير والقصرين، بعد أن تم تأبينهما بالثكنة العسكرية بالعوينة في العاصمة بحضور وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي، الذي أشاد بخصال الشهيدين من وطنية وروح عالية وشجاعة في التصدي للإرهاب، ليتولى خلال موكب التأبين ترقيتهما، الجندي أول ياسين الشهبي إلى رتبة رقيب أول والعريف إدريس الزواغي إلى رتبة وكيل، هذا وشدد الوزير في تصريح إعلامي له على أنه لا مكان لبعض العشرات من الإرهابيين من أعداء الدين والحياة والديمقراطية لن يتغلبوا على التونسيين وأن مكافحة الإرهاب مسؤولية جماعية، وأضاف أن الأمور الأمنية تعتبر أساس البناء الديمقراطي وأساس التمشي الحالي للمرحلة الانتقالية ولهذا فإن مسألة الأمن لا تخص فقط الأمنيين والعسكريين بل جميع التونسيين.

الانخرامات السياسية
وزير الدفاع أشار أيضا خلال عملية تأبين الشهيدين إلى أنه ليس من عادته التصريح بمثل هذه الأشياء في علاقة بالتجاذبات السياسية لكن اليوم يريد أن يقول للعموم إن «التجاذبات السياسية وبمعنى أصح الانخرامات السياسية التي تعرفها تونس منذ 7سنوات هي المسؤولة عن كل الانخرامات بما فيها الانخرامات الأمنية وهي أيضا مسؤولة عن سقوط الشهيدين إلى جانب الانخرامات الاقتصادية والاجتماعية.. . ولذلك حسب اعتقاده فان السياسيين الذين يدعون أنهم يمثلون الشعب وانتخبهم الشعب أذكّرهم أنه سيأتي يوم ويحاسبهم الشعب عن كل ما يحصل في البلاد طيلة الفترة التي منحوهم فيها الثقة. وبين أنه ظهر بالكاشف اليوم أن الأمور الأمنية ضرورية لدفع النمو الاقتصادي والتشغيل والاستقرار الاجتماعي لكن هذا لا يكفي، مؤكدا أن التجاذبات السياسية هي المسؤولة بنسبة 90 بالمائة عن كل الانخرامات التي تعيشها البلاد حسب اعتقاده ويتحمل المسؤولية في تصريحاته. كما شدد على أن قوة الإرهابيين في تحركاتهم الغادرة والجبانة وهذه العملية تندرج في إطار عملية واسعة النطاق لعمليات التمشيط التي تقوم بها المؤسسة العسكرية في كل المرتفعات الشمالية والغربية منذ أحداث عين سلطان أي منذ ما يقارب الشهر والنصف والتي استشهد خلالها 6 أمنيين.

إبطال مفعول الألغام
هذا واعتبر الوزير أن فقدان المؤسسة العسكرية اثنين من قواتها هي كارثة بالنسبة لها وفي الوقت ذاته أنها قامت بالعديد من الانجازات والتفكيك اليومي للألغام ومحاصرة العناصر الإرهابية وتضييق الخناق عليهم. وبالرجوع إلى حيثيات انفجار اللغم، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني محمد زكري لـ«المغرب» إن الحصيلة الأولية للعملية سقوط شهيد وإصابة عسكريين اثنين لكن أحد المصابين توفي أثناء العملية لتكون الحصيلة النهائية شهيدين وجريح واحد مازال لم يغادر المستشفى لكن حالته مستقرة وتعرض إلى إصابة على مستوى ساقه اليسرى، مشيرا إلى أنه في إطار العمليات اليومية للوحدات العسكرية في مختلف المرتفعات الشمالية والغربية وأثناء تنقل العربة العسكرية تضمّ عددا من العسكريين انفجر، لغم ضدّ المدرعات، وأبرز أنه كما جرت العادة يتم نقل جميع المصابين إلى المستشفى وهناك من يتلقى بعض الإسعافات ويغادر المستشفى وهناك من يقيم بسبب خطورة الإصابة وهو ما ينطبق على هذه العملية ولهذا السبب كان هناك تضارب في الأرقام. وأضاف زكري أن عمليات التمشيط في المنطقة العسكرية المغلقة تتم بصفة دورية لكن التسللات من طرف الإرهابيين تقع، وإبطال مفعول الألغام يكاد يكون بصفة يومية.

تشييع جثماني الشهيدين
الشهيد الأول ياسين الشهبي أصيل معتمدية سبيطلة من ولاية القصرين وبالتحديد منطقة الخيمة الراجعة بالنظر إلى عمادة مشرق الشمس الواقعة تحت سفح جبل سمامة ، يبلغ من العمر 25 سنة هو العائل الوحيد لأسرته، وفق تصريح إعلامي لوالده إبراهيم بن محمد الشهبي، انقطع عن الدراسة (من البكالوريا) وأختار الالتحاق بصفوف الجيش الوطني منذ 3 سنوات، كان يشتغل بولاية بنزرت وانتقل مؤخرا إلى ولاية القصرين للعمل بالقرب من عائلته باعتباره كفيل أبويه، عاش طفولته بمنطقة الخيمة المتاخمة لجبل سمامة وسط عائلة ميسورة الحال له 3 أخوات وعرف بدماثة أخلاقه وسلوكه الحسن وحبه لعمله. وقد حضر موكب دفن الشهيد بمنطقة الخيمة والي القصرين، سمير بوقديدة ، رفقة أمير لواء رئيس أركان جيش البرّ وتشكيلة عسكرية وأخرى أمنية .

أما الشهيد إدريس الزواغي فهو أصيل منطقة طبلبة من ولاية المنستير يبلغ من العمر 25 سنة، وتمّ تم تشييع جثمانه من منزلهم الكائن بأحد أحياء مدينة طبلبة إلى مقبرة الشهداء، وسط موكب عسكري رسمي وبالزغاريد وبحضور كل من والي المنستير والمعتمد الأول ومعتمد مدينة طبلبة ورئيس بلدية طبلبة وثلة من القيادات العسكرية والأمنية، فضلا عن عائلة الشهيد وعدد من المواطنين.

رئيس الحكومة يوسف الشاهد أكد خلال فعاليات اليوم الوطني للجماعات المحلية إثر الترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا أول أمس بجبل الشعانبي أن الدولة لن يهدأ لها بال حتى تقضي على كافة الإرهابيين، هذا وتقدّم مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه أمس بأحر عبارات التعازي وصادق المواساة إلى عائلتي الشهيدين، داعيا الله العلي القدير أن يتغمدهما بواسع رحمته. كما أعرب بالمناسبة عن إكباره لما تبذله المؤسسة العسكرية من مجهود متواصل في محاربة الإرهاب وحماية الوطن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115