حركة النهضة والجهاز السري: من محاولات اختراق أجهزة الدولة إلى بناء جهاز خاص، قبل الثورة وبعدها

قصة حركة النهضة مع «الأجهزة» السرية، لا يبدو أنها ستعرف خاتمتها خلال الأسابيع القادمة،

حتى وان نفت الحركة ما تضمنته اتهامات الجبهة الشعبية لها من إنشاء جهاز خاص بعد الثورة، فالحركة لاتزال تبحث عن محو صورة الحركة «الاخوانية» التي رافقتها منذ نشأتها.

يوم امس كشفت الجبهة الشعبية في ندوة صحفية (انظر مقال نورة الهدار) عن وجود «جهاز» سري اشارة الى انه يتبع حركة النهضة، مهمته رصد اصدقاء النهضة وخصومها وتجميع معطيات امنية عن كل شيء، وتوظيف كوادر في وزارة الداخلية لتقديم تقارير امنية ايضا.
معطيات كشفتها الجبهة الشعبية بالاستناد الى ملف قضية مصطفى خضر، احد اعضاء مجموعة براكة الساحل، وقابلتها حركة النهضة بالنفي بل وباتهام الجبهة الشعبية بالتضليل والمغالطة بالاعتماد على ملف قضية اغلق منذ 2013 ولم يكشف تورط النهضة او علاقتها بالقضية.

ما تعلنه الجبهة وتنفيه النهضة، قبل ان تصبح المسالة تبادلا للتهم، لا يحجب حقيقة الامور، وهي ان حركة النهضة حتى وان اعلنت عن قطيعتها مع «جماعة الاخوان» او الفصل بين السياسي والدعوي، فانها لا تزال مشبعة «بماضي» جماعات الاسلام السياسي، وما يعنيه هذا من استحضار خطابها وادواتها.
فالحركة ومنذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، اطلقت عملية اختراق المؤسسة العسكرية والامنية، وذلك بتوجيه الناجحين في البكالوريا الى الاكادمية العسكرية قبل التوجه الى سلك من الاسلاك الحاملة للسلاح سواء العسكرية او الشبه العسكرية.

عملية كان يشرف عليها رئيس الحركة راشد الغنوشي والرجل الثاني في تلك الحقبة صالح كركر، قبل ان يتفرد الغنوشي بالعملية التي سرعان ما وقع مأسستها في اطار جهاز خاص في الثمانينات ينقسم الى فروع، الجيش، الاجهزة الامنية بمختلف شعبها، ومجموعة ثالثة لا علاقة لها بالجهازين، يمكن اعتبارها مجموعة من المدنيين تلقوا تدريبات اولية لاستعمال السلاح والقتال.

1984 هو تاريخ تشكيل النهضة لجهازها السري، الذي اوكلت له جملة من المهمات كشف عنها في 1987 في ما يعرف بالمجموعة الامنية التي كانت تخطط لانقلاب 8 نوفمبر87 ولاحقا في ما يعرف بمجموعة براكة الساحل في 1991، دون العودة لتفجيرات سوسة والمنستير التي جدت صائفة 1987.
تاريخ الحركة وخاصة تاريخها المرتبط بالمجموعتين، الامنية والعسكرية، كان اول من كشف بشكل علني عن وجود تنظيم سري للحركة ، التي استلهمت هيكلته وكل التفاصيل المتعلقة به من تجربة الجهاز السري التابع لجماعة الاخوان المسلمين المصرية التي اسسها حسن البنا.

النهضة التي لا تنفي انها كانت «شرقية» في سنوات النشأة وحتى اواخر الثمانينات اخذت عن «الشرق» كل شيء ان تعلق الأمر بتجربة العمل السياسي بمنظور ديني، فهي ومثل الجماعة انطلقت في المساجد والمقاهي بالدعوة قبل ان تتشكل في كيان سياسي سري، عرف باسم التيار الاسلامي، يومها كانت تتبنى فكرة اختراق الدولة وتوظيف أجهزتها لتطبيق المشروع.

فكانت مرحلة التوجيه الخاصة بطلبة البكالوريا التي كانت تتم في سرية مطلقة قبل ان يقع قطع الاتصال المباشر بالمختارين وتعويضه بطرق اخرى للاتصال والتواصل، في اواخر السبعينات، وهي خطوة مشابهة كليا لاختراق الإخوان في مصر للجيش في منذ الاربعينات. اختراق لم يعد يكفي في ظل تنامي الحركة وأتباعها، ليشكل الجهاز الخاص، قبل ان يفكك في مناسبتين، 87 و91 قبل ان يغادر من لم يسجن تونس ويعود بانهيار نظام بن علي.

تاريخ الجهاز الخاص للنهضة، لم يعد سريا فقد افشي بعضه في دراسات وكتب كشفت عن جزء من هيكلة الجهاز الخاص وابرز قادته، قبل ان تكشف وثائق تعود الى 2013 ان الحركة التي اعلنت منذ سنتين انها تخلت عن الدعوي انشأت جهازا سريا جديدا اشرف على ترصد وتتبع قادة الاحزاب الاخرى، ورفع تقارير للحركة بنشاطاتهم مع محاولات لمأسسة هذا الجهاز بشكل كلي بعد الضربات التي نالها

الحركة والتاريخ السري يبدو انها لن تكون قصة مختلفة عن باقي قصص التيارات الاسلامية التي لم تتمكن بعد من ان تصبح أحزابا مدنية دون اجهزة خاصة او ميليشيات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115