وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ«المغرب»: استئناف المفاوضات الاجتماعية الأسبوع القادم..لا مجال للتفويت في القطاع العام وقرار اتحاد الشغل بترك مسافة زمنية بين الإضرابين كان حكيما

• 3 آلاف مليون دينار تراكمات العجز لصندوقي التقاعد والضمان الاجتماعي

أعلن وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي في حواره لـ«المغرب» عن استئناف المفاوضات للزيادة في الأجور في الوظيفة العمومية والقطاع العام الأسبوع المقبل، مشيرا إلى أن قرار اتحاد الشغل بترك مسافة زمنية لكل إضراب ومسافتين بين الإضرابين في الوظيفة العمومية والقطاع العام كان حكيما ومن الممكن جدا الوصول إلى حلول لإمضاء الاتفاقات قبل الدخول في الإضراب. كما شدد الوزير على أن تعليمات وتوصيات رئيس الحكومة لكافة أعضاء الحكومة كانت واضحة بأنه لا مجال للتفويت في القطاع العام، فالحكومة حسب تعبيره ليست لها وصفات جاهزة لإصلاح القطاع العام فما بالك بالتفويت فيه ولكن الأكيد جدا أن كل قرار سيتم اتخاذه في عملية الإصلاح سيكون له كلفة اجتماعية. كما تحدث الوزير أيضا عن مشروع قانون إصلاح التقاعد ووضعية الصناديق الاجتماعية وبطاقات الإلزام الموجهة ضدّ المؤسسات العمومية لاستخلاص ديونها وكذلك ملفات الفساد وأهمها الملف المتعلق بأحد المديرين صلب الوزارة وقيامه بـ52 انتداب على غير الصيغ القانونية.

• قررت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب في القطاع العام يوم 24 أكتوبر القادم وفي قطاع الوظيفة العمومية يوم 22 نوفمبر القادم للمطالبة بحق الأجراء في مراجعة مجزية لأجورهم وللدفاع عن المرفق العمومي، ونشر على صفحته الرسمية الروزنامة الأولية للهيئات الإدارية الجهوية، فماهي المساعي التي ستقوم بها الحكومة والوزارة لتجنب هذين الإضرابين؟
أولا اتحاد الشغل لم يعلن عن إضراب عام فقط بل إضرابين، الأول في القطاع العام والثاني في الوظيفة العمومية، وعيا منه بأن الوضع في البلاد لا يحتمل تنفيذ إضراب عام، وقراره كان حكيما خاصة من ناحية المسافة الزمنية، مسافة زمنية لكل إضراب ومسافتين بين الإضرابين وهذا دليل على أن الاتحاد يفضل دائما الحلول الوسطى وترك أوسع ما يمكن من المساحة للحوار قبل تنفيذ ما تمّ إقراره، فقيادة الاتحاد تدرك جيدا صعوبة الظرف الحالي للبلاد ودقته وضرورة تجنب أي قرار من شأنه أن يزيد في تعقيد المشكل لا حله وهذا أمر يحسب له. وأنا متأكد ومتفائل أنه بمقدورنا أن نجد الحلول قبل التواريخ التي ضبطها الاتحاد لتنفيذ الإضرابين، فللاتحاد مهمة أساسية هي الدفاع عن القدرة الشرائية لجميع الأجراء والحكومة تتفهم ذلك وفي الوقت ذاته يعرف الضغوطات التي تعيشها البلاد وصعوبة المرحلة ويعرف أن للحكومة القدرة على تجاوز وحلحلة جميع الإشكاليات وبالتالي من الممكن جدا الوصول إلى حلول لإمضاء الاتفاقيات قبل الدخول في الإضراب، ونجاحنا في الوصول إلى اتفاقات سيحقق غايتين، الأولى تحسين القدرة الشرائية لكل الأجراء تمّ الانطلاق في نفس الشأن مع القطاع الخاص وإمضاء اتفاق الزيادة في الأجور، والثانية تكمن في أن تحسين القدرة الشرائية سيكون أحد العوامل لاستعادة نسق النمو باعتبار أن الضغط على الاستهلاك يعد عنصرا معطلا للنمو ولذلك لا بد من تقوية القدرة الشرائية وتقوية الطلب بشكل يتم التحكم فيه كي لا يؤدي إلى ارتفاع في نسبة التضخم.

• إقرار الإضرابين كان لسبين أساسيين، التفويت في المؤسسات العمومية وتعطل المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، فهل هناك مستجدات في الملفين؟
ما أريد أن أؤكد عليه هو أني سأكرر الموقف والتوصيات التي وجهها رئيس الحكومة إلى كافة الأعضاء بأنه لا تفويت في القطاع العام ، فتعليمات وتوجيهات الشاهد واضحة وهي أنه لا مجال للتفويت في القطاع العام وأن الإصلاح لا يعنى بالضرورة التفويت أو الخوصصة وأنه بالإمكان إذا ما توفرت الإرادة والنوايا الصادقة من جميع الأطراف إصلاح مؤسسات القطاع العام كي لا تكون عبئا على الوطن وعلى ميزانية الدولة لتصبح مساهما في تنمية موارد الدولة وهذا يعني تعزيز قدرة الدولة على التدخل وعلى التعديل، وللأسف العديد من مؤسسات القطاع العام أصبحت تشكل عبئا على ميزانية الدولة ولا تستطيع العيش إلا من خلال الدعم الذي تقدمه لها.

• لكن هناك توجه للتفويت في بعض المؤسسات على غرار دار الصباح و«شمس أف أم»؟
دار الصباح وشمس أف أم ليسا تابعين للدولة بل إلى القطاع الخاص وتحت تصرف الدولة فقط وهذا لا يعني أنهما مؤسستان عموميتان والتفويت فيهما لا علاقة له بالقطاع العام بل بالقطاع الخاص وما يمكن قوله انه لا وجود لأي توجه لخوصصة أو التفويت في القطاع العام، فالحكومة متمسكة بالمكتسبات الوطنية وتعمل على تطوير مردودية كل المؤسسات العمومية بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي تعانيها والاتحاد يشاطر الحكومة في هذا التوجه ولتحقيق ذلك لا بدّ من إصلاح كل الإجراءات التي اتخذت في شأن المؤسسات العمومية والتي أضرت بها ومعالجة كل العوامل التي أدت إلى تدهور وضعيتها بكل شجاعة من خلال الجلوس على طاولة الحوار وإيجاد الحلول الضرورية لجميع المؤسسات وإعادة التوازنات المالية لها .

• تمّ في مرحلة سابقة الاتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل على تكوين لجان مشتركة والانطلاق في دراسة وضعية المؤسسات حالة بحالة لكن بعدها تغيرت المعطيات وأكد الاتحاد أن الحكومة أصدرت قرارات وأوامر دون الرجوع إليه؟
تكونت بالفعل لجان وتمّ الاتفاق على أن تجتمع في أواخر شهر أوت الفارط ويبدو أنها لم تجتمع ولكن ما يمكن قوله إن الحكومة عندما اقترحت على اتحاد الشغل تكوين لجنة يكشف عن رغبتها التشاركية في إصلاح مؤسسات القطاع العام وأصبح من العبث وغير المعقول الحديث عن نية الحكومة في الخوصصة أو التفويت إنما التوجهات كانت واضحة من رئيس الحكومة والقرار اتخذ بحضور الأمين العام لاتحاد الشغل ورئيس الحكومة في تكوين لجنة للنظر في مؤسسات القطاع العام ودراستها حالة بحالة بما يؤكد أنه ليست للحكومة وصفات جاهزة لإصلاح القطاع العام فما بالك بالتفويت فيه وإنما نريد أن نشرك الشركاء الاجتماعيين في البحث في هذه المسألة واتخاذ القرارات بصفة توافقية والأكيد أن كل قرار سيتم اتخاذه لإصلاح القطاع العام ستكون له كلفة اجتماعية.

• وبالنسبة إلى تعطل المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية؟
المفاوضات لم تنقطع ومازالت متواصلة والدليل على ذلك انعقاد جلسة مفاوضات يوم غد الاثنين مع الجامعة العامة للتعليم الثانوي للوصول إلى توافقات لضمان سنة دراسية دون تقطعات واحتجاجات، نفس الشيء بالنسبة للمفاوضات للزيادة في الأجور فبداية من الأسبوع المقبل سيتم استئناف الحوار مع اتحاد الشغل حول مفاوضات الوظيفة العمومية والقطاع العام، علما وأن لا اتحاد الشغل ولا الحكومة قدما مقترحات لنسبة الزيادة، فقط قدم اتحاد الشغل قاعدة احتساب الزيادة بالاستناد إلى نسبة التضخم ونسبة النمو، والحكومة متفقة مع هذا التمشي الذي تم اعتماده في مفاوضات القطاع الخاص.

• اتحاد الشغل يريد أن تكون الزيادات أكثر من زيادات 2015؟
ليس للحكومة مشكل في ذلك ونسبة الزيادات تتحدد حسب المفاوضات، فالحكومة مع مبدأ دعم القدرة الشرائية ولكن الزيادة في الأجور التي يتحكم فيها والتي لا تؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم وذلك سيكون بالأساس عنصرا لاستعادة النمو.

• أحالت الحكومة إلى البرلمان مشروع قانون إصلاح منظومة التقاعد ولكن الاتحاد عبّر عن عدم رضاه عن هذا القانون؟
هذا المشروع تمّت صياغته كلمة بكلمة في نطاق اللجنة الفرعية الثلاثية للضمان الاجتماعي وتنتظر الحكومة استئناف الدورة البرلمانية للمصادقة عليه، فهذا المشروع يجب أن يكون من بين أولويات المجلس للانطلاق في تفعيله بداية من جانفي 2019 بالترفيع في سن التقاعد بسنتين إجباريا وبـ3 سنوات اختياريا مع مراجعة نسبة المساهمات بـ 3 نقاط على مدى سنتين، 2 نقاط على المؤجر ونقطة على الأجير وتنويع مصادر التمويل وتكوين لجنة وطنية للحماية الاجتماعية لمراقبة التوازنات المالية للصناديق والتدخل كلما اقتضت الضرورة إلى جانب الحوكمة والترفيع في نسق الاستخلاصات وغيرها من الإجراءات..

• وماذا عن وضعية الصناديق الاجتماعية وخاصة صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية والإشكاليات التي حدثت في الشهر الفارط بخصوص صرف الجرايات والزيادات؟
وضعية الصناديق الاجتماعية لا تزال حرجة جدا طالما لم تدخل إجراءات مشروع الإصلاح حيز التفعيل وخاصة في صندوق التقاعد وبنسبة أقل بالنسبة إلى صندوق الضمان الاجتماعي وقد وصلت تراكمات العجز المالي فيهما إلى 3 آلاف مليون دينار. ولكن رغم ذلك فهناك عمل كبير يبذل من أجل استخلاص الديون المتخلذة بذمة المؤسسات، حيث أن نسق استخلاص الديون بالنسبة لصندوق الضمان الاجتماعي قد ارتفع بنسبة 50 بالمائة عن السنة الماضية ولهذا السبب لا يوجد مشكل مع هذا الصندوق، وبخصوص صندوق التقاعد ولأول مرة في تاريخه يصدر بطاقات إلزام على المؤسسات العمومية التي وصلت قيمة الديون لديها إلى 1000 مليون دينار تقريبا وبفضلها تمّ استخلاص حوالي 45 بالمائة من الديون أي ما يعادل 450 مليون دينار، ففي السابق كانت معالجة هذه المسألة من المستحيلات ولكن لأول مرة تمّ إصدار بطاقات إلزام للبريد واتصالات تونس والصوناد والنقل...واستطعنا التوصل إلى جدولة ديون كل المؤسسات المعنية حسب إمكانياتها والعملية مازالت متواصلة لكن شريطة استخلاص المساهمات الاجتماعية الجديدة.

• أحالت الوزارة العديد من ملفات الفساد إلى القضاء، ففيم تتمثل بالأساس؟
وزارة الشؤون الاجتماعية من أكثر الوزارات التي أحالت ملفات فساد على القضاء ولم تكتف بالإجراءات التأديبية بالرغم من أن الحديث عن ملفات الفساد أمر مبالغ فيه والدليل على ذلك أن أحد المديرين للشؤون الإدارية والمالية تمّ إيقافه عن العمل وأحيل ملفه على القضاء لقيامه سنة 2018 بانتدابات على غير الصيغ القانونية، 52 انتداب، إلى جانب ملفات قديمة قبل وجودي تمت إثارتها حول مناظرات لم تحترم الصيغ القانونية حول تجاوزات في بعض المراكز أو في بعض الصناديق الاجتماعية فبالإضافة إلى العقوبات الإدارية تمت إحالة ملفاتهم على القضاء وما شهادة شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد أن وزارة الشؤون الاجتماعية من أكثر الوزارات تعاونا مع الهيئة إلا دليل على ما تقوم به الوزارة في هذا المجال.

• هل تمّ الانتهاء من حصر الأضرار التي تسببت فيها الأمطار الطوفانية في ولاية نابل؟
هناك 5 آلاف منزل متضرر منها 2500 منزل تتطلب الترميم كما توجد أضرار أخرى تعلقت بتجهيزات منزلية وأثاث وستقوم الدولة بتوفير تعويضات بصفة فورية وكذلك تضررت بعض المؤسسات الصغرى ومؤسسات الحرف التقليدية والفنادق السياحية والسيارات وشركات الرخام، ومازلنا في طور الإحصاء ولكن الدولة رصدت ميزانية خاصة لتجاوز آثار هذه الكارثة الطبيعية ومنذ الآن إلى آخر السنة تعود ولاية نابل كما كانت خاصة على مستوى إصلاح البنية التحتية المتضررة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115