اقتصرت لقاءاته على رئيس الجمهورية ووزير الداخلية دون الشاهد: الحد من الهجرة السرية ومكافحة الجريمة العابرة للحدود.. أبرز محاور زيارة وزير الدّاخليّة الإيطالي

لم تمر زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخليّة الإيطالي ماتيو سالفيني دون أن تحدث جدلا واحتجاجا في البلاد،

زيارة لئن كانت ليوم واحد فإنها أثارت ضجة، سبقت حتى موعد وصوله، وذلك بسبب تصريحاته المعادية للمهاجرين التونسيين، لأول مرة اقتصرت أجندا لقاءات نائب رئيس الوزراء الايطالي على لقاءين فقط، رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ووزير الداخلية هشام الفوراتي مع تنظيم ندوة مشتركة بينهما، ليغادر تونس دون لقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد حسب ما هو معمول به، وقد تداولت العديد من المواقع الإذاعية والالكترونية خبرا مفاده رفض الشاهد استقباله بسبب تصريحاته تجاه تونس والمهاجرين التونسيين غير النظاميين إلى إيطاليا والتي وُصفت بالعنصرية بالاستناد إلى مصدر حكومي، لكن سرعان ما نفى وزير الداخلية هشام الفوراتي ذلك.

حسب هشام الفراتي فإن برنامج زيارة المسؤول الإيطالي لم يتضمن لقاء رئيس الحكومة، مشددا على ضرورة الابتعاد عن التأويلات، مشيرا إلى أنه بسبب ضيق الوقت والتزامات نظيره الإيطالي، تم تغيير توقيت مغادرة ماتيو سالفيني تونس، من الساعة الرابعة بعد الزوال إلى الساعة الواحدة. وقد اقتصرت الزيارة الخاطفة على لقاء نظيره التونسي ورئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي. ووفق ما أكدته بعض المصادر فإن وزير الداخلية الايطالي كان له لقاء مع الشاهد على الساعة الثانية بعد الزوال ولكن تمّ تقديم توقيت مغادرته وقد تعذر على الشاهد تقديم موعد اللقاء بسبب التزاماته المهنية.

إيقاف أكثر من 500 متهما بالاتجار بالبشر
الهجرة غير الشرعية ومكافحة الجريمة العابرة للحدود وخاصة الاتجار بالبشر والوضع الإقليمي والمتوسطي، كانت أبرز محاور زيارة وزير الداخلية الايطالي بالنظر إلى التزايد غير المسبوق لعدد «الحارقين»، حيث وفق إحصائيات وزارة الداخلية فقد تجاوز عدد الأشخاص الذين حاولوا الهجرة خلسة 8 آلاف شخص من غرة جانفي إلى 20 سبتمبر الجاري وأوقف أكثر من 500 شخصا متهما بالاتجار بالبشر في إطار جرائم الحق العام، حيث أكد خلال لقائه برئيس الجمهورية أن التعاون وثيق ومستمر بين تونس وايطاليا في التصدي للهجرة غير الشرعية ومكافحة ظاهرة الإرهاب، معتبرا أن تعزيز ذلك يتطلب تكاتف الجهود المشتركة وتسخير كلّ الإمكانيات لإيجاد الحلول الجذرية الكفيلة بالقضاء على هذه الظواهر التي تهدد استقرار وأمن البلدين والفضاء المتوسطي الذي يتقاسمانه. وأبرز سالفيني أنه حرص على زيارة تونس لتأكيد عمق علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين ولتجسيم حرص حكومة بلاده على تعزيز علاقات التعاون القائمة ومزيد تنويعها لاسيما في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية لمواجهة التحديات المشتركة في الفضاء المتوسطي.

إحكام التنسيق
كما أعرب الوزير الايطالي عن إعجابه بالتجربة الديمقراطية التونسية الناشئة وبما تمّ تحقيقه من خطوات كبيرة في مجال تركيز المؤسسات الديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان وضمان مناخ اجتماعي سليم شجع عديد المستثمرين الايطاليين على الاستثمار في تونس لا سيما في المناطق الداخلية بما مكن من توفير فرص عمل للشباب التونسي. من جانبه، اعتبر رئيس الجمهورية أن علاقات الصداقة المتميزة والتعاون الوثيق اللذين يربطان البلدين يشكلان رصيدا كبيرا يجب توظيفه لمواصلة العمل من أجل مزيد تنويع مجالات التعاون الثنائي والارتقاء به إلى أفضل المراتب لما فيه تحقيق مصلحتهما المشتركة، مشددا على أن مجابهة التحديات التي تهدّد أمن واستقرار المنطقة المتوسطية وتعيق الجهود التنموية فيها تستدعي إحكام التنسيق وتوثيق التعاون للتغلب عليها.

استثمارات ومواطن شغل
ماتيو سالفيني أكد خلال ندوة صحفية مشتركة مع هشام الفراتي بمقر الوزارة أن بلاده تريد تنظيم الهجرة مع تونس وتعزيز استثماراتها في المناطق الداخلية بهدف توفير فرص عمل للعاطلين والحدّ من الهجرة غير الشرعية، مشددا على أنه إذا تمّ التوصل إلى إيقاف الهجرة غير الشرعية، فإن الجهود ستركز على توفير مواطن شغل عبر الاستثمارات. وبين أن الهدف الأول لايطاليا هو أن تكون الشريك الاقتصادي الأول لتونس في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية وتطوير قنوات الهجرة الشرعية وتنفيذ استثمارات جديدة وخلق مواطن شغل خاصة في الجنوب التونسي، معتبرا أن «البطالة المرتفعة» في تونس هي السبب الرئيسي للهجرة غير الشرعية.

تطوير خدمات إعادة المهاجرين غير الشرعيين
اتفق الوزيران على ضرورة إيجاد حلول للهجرة من أجل إيقاف تعريض حياة الناس الى الخطر في عرض البحر، وفق نائب رئيس الوزراء الايطالي، موضحا أن إيطاليا ستطور خدمات إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم بطريقة سريعة وفي ظروف ملائمة. من جانبه أكد هشام الفراتي أنه تمّ خلال لقائه بنظيره الايطالي التباحث في القضايا المشتركة بين البلدين والوزارتين المتعلقة أساسا بمكافحة الجريمة والإرهاب وسبل تعزيز التعاون في هذا المجال وعلاقتها بالوضع الإقليمي والدولي للمنطقة، مشيرا إلى أن هذه المحادثات تميزت بتقارب وجهات النظر وأفضت إلى تحديد السبل الكفيلة لتعزيز العلاقات في المرحلة المقبلة، هذا وتم التطرق إلى سبل التعزيز والتنسيق والتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية وبحث الآليات الكفيلة بالتصدي للشبكات الإجرامية الضالعة في الاتجار بالبشر وبدماء الشباب وهو ما يعد من أوكد أولويات عمل الوزارة في الفترة الحالية بالنظر إلى ما خلفته الهجرات غير الشرعية على قوارب الموت من أحزان ومآسي لدى العائلات التونسية.

مقاربة شاملة وطويلة المدى
وأكد الوزير أن معالجة مسألة الهجرة غير النظامية لا يمكن أن تقتصر على الحلول الأمنية فحسب، بل لا بدّ من تبني مقاربة شاملة وطويلة المدى تقوم على الشراكة وفق منظور تنموي يستند على مبادئ حقوق الإنسان ويعمل على فتح قنوات رسمية للهجرة المنظمة والشرعية وتشجيع الاستثمار وبعث مشاريع مشتركة بين البلدين تركز في تونس خاصة بـ«المناطق المصدرة للهجرة»، وهذه الطريقة ستعود بالنفع على البلدين. وبخصوص المفقودين في إيطاليا، بين الوزير أن هذا الملف قيد المعالجة منذ 2012 بالتنسيق بين كل من وزارات الخارجية والعدل والداخلية، التي قامت بإرسال المعطيات البصمية عن طريق مصالح الشرطة للطرف الإيطالي، الذي بدوره كون لجانا لمقارنة البصمات.

رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية الايطالي
بالتوازي مع زيارة وزير الداخلية الايطالي، وجه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رسالة مفتوحة اليه بمناسبة زيارته إلى تونس اعتبر فيها أن موقفه بخصوص الهجرة متطرف، داعيا إياه إلى التفاوض مع تونس حول اتفاق يسهل هجرة العمال الموسميين بدلا من ترحيل عدد كبير من المهاجرين إلى تونس، رغم أن دولته تعاني من نقص كبير في اليد العاملة في عديد القطاعات. واعتبر أن تسهيل هجرة العمّال الموسميين «يمكّن من الحد من ظاهرة اضطهاد العمال من طرف شبكات الاتجار بالبشر في إيطاليا وتقليص عدد الغرقى بالمتوسط وتخفيض عدد عمليات الهجرة غير النظامية المنطلقة من الشواطئ التونسية». هذا وانتقد المنتدى ما وصفه تجريم الوزير الإيطالي لعمليات الإنقاذ في البحر سواء المنفذة من طرف المنظمات كمركب آكواريوس أو المنفذة من طرف البحارة كما حدث مع مركب الربان «بوراسين»، متوقعا عواقب خطيرة وكارثية لهذا الموقف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115