تلتقي كلها وتختزل في ملف الحكومة والحزام السياسي الداعم لها، الذي انفرط كعقد وتوزعت حباته ولم تبق غير حبتين بات سقوطهما من العقد مسألة وقت، وهما الرئاسة وحركة النهضة.
هذا الأسبوع حمل مؤشرات قد لا تكون سارة ليوسف الشاهد رئيس الحكومة الذي راهن على التناقضات بين الأطراف الفاعلة في وثيقة قرطاج لربح الوقت وإعداد خطوته التالية، لكن هذا ما بات غير مضمون له في ظل تحركات الاتحاد العام التونسي للشغل ونداء تونس ضده، واستمرار صمت الرئيس.
تحركات الاتحاد التي استهلها بعودة أمينه العام إلى تونس ولقائه برئيس الجمهورية وخروجه للعلن ليقول أن الأزمة ستحل قريبا قبل أنّ تعلن الأمينة العامة لاتحاد المرأة اثر لقائها بنور الدين الطبوبي أول الأسبوع الجاري ان الحكومة راحلة بعد الوصول الى توافق مع النهضة.
التوافق أعلنته الجربي، ولا يعلم إن كان القصد من إعلانها حشر الحركة في زاوية ام عفوي، لكن ما يهم فيه ان هذا التصريح عقب اللقاء الذي جمعها بالأمين العام للاتحاد الذي يبدو انه من ابلغها عن التطور في موقف حركة النهضة، خاصة وان الرجل التقى قبلها برئيس الحركة راشد الغنوشي.
هنا يتضح أن الاتحاد الذي استأنف تحركاته ضد الحكومة وأعلن على لسان المتحدث باسمه عن ضرورة رحيلها باعتبار أن الأمر بات مسألة حياة أو موت، قد جس نبض حركة النهضة فوجد منها استعدادا لمراجعة الموقف من مسالة بقاء الشاهد.
لكن يبدو أن خروج أمينة اتحاد المرأة وإعلانها عن هذا التطور لم يستسغ من قبل حركة النهضة التي نفت على لسان الناطق باسمها عماد الخميري أي تعديل في موقف الحركة، بل قال انه لا تطورات جديدة تفيد بحلحلة الأمور والتوصل إلى موقف واضح من مسألة الشاهد وبقائه ليشير الخميري إلى ان حركته ليست هي الطرف الوحيد الذي حافظ على دعمه لحكومة
الشاهد وبقاء رئيسها، وان الدعم مرده تجنب المساس بمصلحة البلاد عبر تغيير كلي للحكومة وضرب الاستقرار السياسي والحكومي. هنا يلمح الخميري الى رغبة حركته في الابتعاد عن الصراع الداخلي صلب نداء تونس.
هكذا وصف الخميري تصريحات الناطق باسم نداء تونس منجي الحرباوي إدراكه أن الذي اعتبر ان حكومة الشاهد قد فقدت سندها السياسي وأنها باتت حكومة حركة النهضة،وانها تقود تونس إلى الهاوية ولن ينقذ البلاد الا ائتلاف وطني للانقاذ الذي انطلقت الحركة في اجراء مشاورات تاسيسه.
خطوات وخطوات مضادة هكذا بات المشهد في تونس منذ بداية الصراع بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي، فكل يوم يحمل معه تطورات جديدة، لا تصب كثيرا في مصلحة الشاهد، فما يقوله الناطق باسم حركة النهضة ليس الا نقلات جديدة هدفها استعادة الاوضاع كما كانت قبل خروج الجربي امينة اتحاد المرأة وحشرها
للحركة في الزاوية. فحركة النهضة يبدو جليا من تصريحات قادتها ان تمسكها بالشاهد ليس لا نهائيا بل هو خيارها لتجنب تداعيات سلبية على صورتها كحركة سياسية ضامنة للاستقرار وهي صورة اكتسبتها لدى الخارج في الازمة الاخيرة.
لهذا فقد حرصت النهضة على ان يكون خطابها العلني انها مع الاستقرار اما في المشاورات فهي تعلن انها تقبل بالتراجع عن دعم بقاء الشاهد ان طلب منها الرئيس ذلك، فالتوافق معه اهم للحركة من بقاء الشاهد، والخلاف الوحيد هل تفهم رغبة الرئيس تلميحا ام تصريحا.
يوسف الشاهد بدوره يدرك كل هذا مثل ادراكه ان الوقت الذي يملكه هو الى حين عقد صندوق النقد الدولي اجتماعه القادم للاذن بصرف القسط الثالث من القرض اي اول جويلية القادم، قبل ان تتسارع الجهود لابعاده عن المشهد.