اثر اصطدامه بوحدة بحرية تابعة لجيش البحر في اكتوبر 2017، نفس السواحل تعرف فاجعة وكارثة اخرى اسفرت عن وفاة 48 شخصا إثر غرقهم في حين تم انقاذ 68 اخرين امتطوا مركبا لا يمكن ان تتجاوز حمولته 30 شخصا في حين فاق عددهم 180 شخصا.
ظاهرة الهجرة غير الشرعية تعرف ارتفاعا مع تحسن الطقس ، وبالرغم من الحوادث المتكررة لهذه العمليات والقبض على المغامرين او غرق بعضهم، الا ان نسبة العود مرتفعة، والدليل على ذلك فان عدد من الذين توفوا او نجوا في الحادثة الاخيرة سبق أن تم احباط محاولتهم في مناسبات سابقة وفق ما افاد به خليفة الشيباني الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية .
عدد المتوفين مرجح للارتفاع نظرا لعدم معرفة العدد الجملي للـ«حارقين» بالتحديد والذي يتجاوز 180 شخصا وتتوزع جنسياتهم بين تونسيين وأفارقة، ووفق اخر الاخبار افاد مراد التركي الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس لـ«المغرب» ان عدد الجثث 48 جثة ، من بينهم 34 تونسي ، و14 من جنسيات افريقية ، وقد تم الانطلاق منذ الامس في تسليم جثث الغرقى الى اهاليهم ، اما عدد الناجين فقد بلغ 68 شخصا ، أي ان حوالي 80 شخصا في عداد المفقودين. وعن القبض او ايقاف عدد من المشتبه فيهم افاد التركي ان الابحاث جارية وهي ابحاث دقيقة للكشف عن المورطين.
معضلة الهجرة غير الشرعية تتفاقم سنة بعد سنة ، حيث يشير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، انها ارتفعت في المدة الاخيرة بشكل ملفت وهو ما ينبئ بعمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية، حيث قدر عدد الذين هاجروا سنة 2017، بأكثر من خمسة عشر ألف شخص، منهم 6151، مروا عبر السلطات الايطالية و 3178 وقع احباط محاولتهم من تونس والبقية نجحوا في الوصول الى سواحل اوروبا دون المرور بطرف رسمي.
أما في الثلاثية الاولى من سنة 2018، فقدر عدد الذين حاولوا اجتياز الحدود بثلاثة الاف شخص، وهو ما يمثل عشر مرات العدد خلال نفس الفترة من سنة 2017.
في السياق ذاته شدد الشيباني على ان عملية الانقاذ شاركت فيها مراكب الجيش والديوانة وحتى مراكب الصيد، واوضح ان عددا من الذين تم انقاذهم او الذي توفوا سبق ان حاولوا وتم احباط محاولاتهم وهو ما يدعو الى مراجعة القوانين في هذا الشان،وأشار الى ان المركب الذين يتوقع انه حمل اكثر من 180 شخصا لا يتجاوز طوله 12 مترا أي انه في اقصى الحالات لا يتسع لأكثر من 30 نفرا، وقد تم التعرف على 8 اشخاص من منظمي هذه العملية والسلطات المعنية اصدرت في شانهم برقيات تفتيش.
واعتبر الشيباني ان العدد المسجل منذ بداية شهر رمضان الى غاية 3 جوان الجاري قياسي حيث تم ايقاف 900 مجتاز بطرق غير شرعية ، من بينهم 822 تونسي و78 من جنسيات اخرى اغلبهم أفارقة، اما العدد الجملي للذين تم ايقافهم منذ بداية السنة الى غاية 3 جوان الجاري فقد بلغ 5986 شخصا، من بينهم 5660 تونسي، و326 اجانب اغلبهم من بلدان افريقية ، تم ايقاف 2064 من هؤلاء بسواحل صفاقس . علما وان جزيرة قرقنة تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد العمليات المحبطة حسب الجهات بنسبــــة 29 % تليها بنزرت ومدنين بنسبة 9 % ثم المهدية بنسبة 7 % ثم المنستير بنسبة 6 %.
اما سنة 2017 فقد تم ايقاف 8037 مجتازا بطرق غير قانونية من بينهم 7633 ، تونسي ، و354 لهم جنسيات اجنبية ، العددالاكبر من المحاولات كان من سواحل صفاقس بحوالي 3544 محاولة، اما اعمار الاغلبية من «الحارقين» فهي تتراوح بين 18 و35 سنة ، الى جانب بروز ظواهر اخرى منها اصطحاب الرضع والنساء الحوامل.
رئاسة الحكومة : تركيز خلية أزمة
في إطار متابعة، تطورات الفاجعة التي عرفتها سواحل جزيرة قرقنة، والتي أسفرت عن وفاة وفقدان عدد من الشباب الذين كانوا يحاولون تجاوز الحدود في اتجاه إيطاليا. انعقد صباح امس الاثنين 4 جوان 2018، بقصر الحكومة بالقصبة اجتماع تحت اشراف رئيس الحكومة بحضور وزيري الدفاع والداخلية وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية العليا.
وبعد الترحم على أرواح الضحايا وتقديم التعازي لعائلاتهم، أكد رئيس الحكومة في مفتتح الاجتماع على تضامن الحكومة التام مع عائلات ضحايا هذه الفاجعة الوطنية، وأن كل التونسيين يقاسمونهم مشاعر الأسى والحزن.
كما أكد رئيس الحكومة على مواصلة الجهود ووضع كل الإمكانيات الضرورية من أجل استكمال عملية البحث عن المفقودين. وقرر في هذا الصدد تركيز خلية أزمة على المستوى الحكومي لتوفير الإحاطة بالعائلات وتوفير المساندة المعنوية والنفسية للناجين كما قدم تعليماته للمسؤولين على المستويين الوطني والجهوي، كل في مجال اختصاصه لتوفير العناية العاجلة والضرورية لعائلات الضحايا، معنويا وماديا.
كما أكد رئيس الحكومة، على ضرورة التفعيل السريع لقرارات المجالس الوزارية السابقة فيما يتعلق بتتبع الشبكات الاجرامية المختصة في استغلال الشباب الراغب في الهجرة، والمتاجرة بهم والمخاطرة بحياتهم، وتفكيك هذه الشبكات في أسرع وقت، ومعالجة كل أوجه القصور التي أدت إلى مثل هذه الفاجعة.