مشروع قانون البنوك والمؤسسات الماليّة: جدل الصيرفة الإسلامية من جديد...؟

يبدو ان جدل الصيرفة الإسلامية الذي طغى على النقاشات والتصويت على القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي لم ينته بتبني مجلس نواب الشعب للقانون حيث سيمثل مشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية إطارا جديدا لهذا الجدل الذي يشمل الجانب التقني للعملية المالية

لآلية الصيرفة الإسلامية بالإضافة الى تداخل ما هو ديني ومالي من خلال التسمية وبعض الجوانب المرتبطة بتطابق هذه الآلية مع الشريعة الإسلامية.

أقرّ مشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية توسيع العمليات البنكية لتشمل الإيجار المالي و«الفكتورينغ» والصيرفة الإسلامية التي تتطلب وفق مشروع القانون رخصة وفق مبدإ الإختصاص حيث ينص مشروع القانون على إحداث بنوك ومؤسسات مالية إسلامية مع إعتماد مبدإ التخصص وفصل الممارسة الصيرفية الإسلامية عن نظيرتها التقليدية وهو ما مثل نقطة خلافية كبيرة حتى قبل إنطلاق لجنة المالية في مناقشته.

فالمعنيون مباشرة بمشروع قانون البنوك والمؤسسات المالية والخبراء والنواب وخلال مشاركتهم في اليوم الدارسي حول «إصلاح النظام البنكي والمؤسسات المالية» -والذي نظمته لجنة المالية صلب مجلس نواب الشعب- كانت لهم وجهات نظر مختلفة بخصوص هذا الفصل بين الصيرفة الإسلامية والصيرفة التقليدية وكل وحججه بالإضافة للتسمية في حد ذاتها بين من يرى ان تسمية صيرفة إسلامية لا لُبس فيها وبين من يتبنى تسمية الصيرفة التشاركية درءا لكل جدل إيديولوجي لا نفع منه في المعاملات المالية.

فالرئيس المدير العام لبنك الزيتونة والرئيس السابق لمجلس هيئات البنوك الإسلامية عز الدين خوجة إعتبر في تصريح لـ»المغرب» انه من حيث التسمية لا يوجد أي إشكال ففي الدول الأوروبية توجد بنوك إسلامية كالبنك الإسلامي البريطاني والبنك الإسلامي الدنماركي وفي تونس ومنذ 1983 يوجد بنك البركة وبنك الزيتونة منذ 2010 ولم بحدث اي إشكال إيديولوجي أو سياسي.

اما فيما يخص الجانب التقني فقد أكد الرئيس المدير العام لبنك الزيتونة ان الصيرفة الإسلامية لها نوع خاص من المخاطر وبالتالي فإن عملية المراقبة في حالة الدمج ستكون عسيرة بالإضافة الى ان كل التجارب تقول ان اعتماد الصيرفة الإسلامية كمنتوج تقدمه كل البنوك أدى إلى فشلها اما في حالة التخصص ويعني البنوك الإسلامية الصرفة والتي وقع إعتمادها في الأردن ولبنان فإنها تميزت بإستقرار في المعاملات والمشرع التونسي اعتمد مبدأ التخصص عندما اصدر شركات التكافل والتامين الإسلامية وقانون الصناديق الإستثمارية الإسلامية.

منتوج كغيره من المنتجات
خلافا للرئيس المدير العام لبنك الزيتونة يدافع أحمد كرم رئيس هيئة مديري بنك الأمان عن إعتماد الصيرفة الإسلامية كمنتوج خاصة ان عديد البنوك تقدم نفس المنتوج تقريبا لكن تحب تسمية الصيرفة التشاركية وأوضح لـ«المغرب» «ليس من المعقول ان يتطلب تقديم هذا المنتوج للحرفاء رخصة ثانية بالإضافة الى رخصة العمل البنكي فالأنسب هو فسح المجال للإختصاص مع ترك الخيار امام بقية البنوك لتقديم هذا المنتوج كمنتوج تشاركي يُعرض كغيره من المنتجات الاخرى وللحريف حرية الإختيار».

التخصص يجنّب إشكاليات الرقابة
المحافظ السابق للبنك المركزي كمال النابلي ذهب من خلال تصريح لـ»المغرب» انه يجب تناول الموضوع من جانب فني أكثر منه سياسي بإعتبار ان تحديد هذه المنتجات وكيفية مراقبتها وإخضاعها لقواعد التصرف الحذر سيشكل صعوبات كبيرة حسب رأي المحافظ السابق للبنك المركزي.

ويساند النابلي إعتماد مبدأ منح الاختصاص للبنوك في الصيرفة الإسلامية لتجنب الإشكاليات في المراقبة وآليات التصرف الحذر التي لا يمكن تطبيقها بنفس المستوى على المنتوجات البنكية الكلاسيكية والمنتوجات البنكية التشاركية وبالنسبة للتسمية فقد إعتمد النابلي مصطلح «التشاركية» عوض «الإسلامية» فهو يرى انه يجب تجاوز إشكالية التسمية والتوجه لدراسة الآلية في حد ذاتها ومدى إمكانية مساهمتها في خلق الثروة الوطنية.

رفض تداخل الديني بالمالي
خلال التصويت على القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي إحتفظ نواب كتلة الحرّة بأصواتهم ورفض عدد آخر منهم التصويت لصالح تبني القانون بسبب موضوع الصيرفة الإسلامية أساسا وقد أوضح النائب عن الكتلة مصطفى بن أحمد لـ»المغرب» ان كتلته امتنعت عن التصويت لتبني ذلك القانون بسبب الصيرفة الإسلامية ليس من منطلق إديولوجي ولكن لأنه العملية تمت دون نقاش في إطار لجنة التوافقات و تلخّصت في إسقاط ذي طابع سياسي.

وأكد بن أحمد انه سيقع نقاش معمق لمشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية وفي حال كانت التسمية فقط تُشير الى المنحى الديني فلا إشكال لكتلة الحرة معه وإن إتضح أن الصيرفة الإسلامية تتعارض مع القوانين المدنية وستخلق هيئات مرجعية دينية سترفضها كتلة الحرّة وستنسق مع بقية الكتل التي تتبنى نفس رؤيتها لإسقاط هذه الآلية اوالدفع نحو التخلي عن إكسائها طابعا شرعيا.

فما يرفضه النائب عن كتلة الحرة هو التداخل بين ما هو ديني ومالي كتقديم مفتي الجمهورية في تونس شهادة للبنوك الإسلامية تُفيد بانها لم تخالف في عملياتها المالية الشريعة الإسلامية وهو ما رأى فيه عضو مجلس شورى حركة النهضة والمكلف بالملفات الإقتصادية صلبها رضا السعيدي من خلال تصريح لـ«المغرب» موضوعا جانبيا فيما يجب تناول المسألة من زاوية تتلخص في مدى مساهمة هذه الآلية في خلق الثروات ودفع الإستثمار أساسا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115