في اشتباكات مع مجموعة إرهابية في تخوم جبل المغيلة، كانت تخطط للإغارة على منازل قرب سفح الجبل ونهبها.
يوم امس صرح العقيد بلحسن الوسلاتي الناطق باسم وزارة الدفاع، إن تشكيلة عسكرية اشتبكت مع مجموعة إرهابية في منطقة عين زيان من معتمدية سبيبة بولاية القصرين، وقد أسفرت الاشتباكات عن مقتل جندي متأثرا بجراحه التي أصيب بها ليلة الثلاثاء الفارط.
هذه الاشتبكات قالت وزارة الدفاع انها اندلعت أثناء تدخل الوحدة العسكرية لتأمين المنازل عند سفح جبل المغيلة، التي كانت عرضة لمحاولة نهب مؤن منها من قبل المجموعة الارهابية المنتسبة لتنظيم داعش الارهابي. واشارت وزارة الدفاع الى ان وحدات عسكرية قامت بعمليات تمشيط واسعة للجبل يوم امس لتقفي اثر المجموعة الإرهابية، التي لم تحدد عددها.
هذا الاعلان الذي تلاه نشر للسيرة الذاتية للرقيب أحمد السعايدي، الذي قتل امس، ونقل جثمانه الى العاصمة ليعرض على الطب الشرعي قبل ان يشيع جثمانه اليوم الى مثواه الأخير.
ما لم تصرح به الوزارة بشكل مباشر هو قد يكون الجزء اللافت للانتباه، فالوزارة تجنبت تحديد هوية المجموعة الارهابية، والحال ان توزيع الجماعات الارهابية في تونس وانتماءاتها، تبين ان الجماعات الناشطة في جبل المغيلة والسلوم، منتسبة لما يعرف بتنظيم جند الخلافة التابع لتنظيم داعش الارهابي.
هذه الكتيبة تعرضت خلال السنتين الفارطتين لضربات عديدة جعلتها معزولة في الجبل وتتحرك في محيط ضيق دون دعم لوجستي او تموينات تسمح لها بالاستمرار، مما دفعها الى خيار ثاني وهو النزول الى تخوم الجبال والإغارة على المنازل بهدف التزود بمؤن ومواد غذائية أساسا.
المرحلة التي تمر بها هذه المجموعة، وهي متشابهة مع ما تمر به مجموعات اخرى كشفت الأحداث خلال الأشهر الثلاثة الفارطة عن قيامها بنهب منازل محاذية للجبل في اكثر من مناسبة، وهو ما دفع عددا من متساكني منطقة عین زیان، التي شهدت الاشتباكات الاخيرة، يطالبون بتكثيف الدوريات الأمنية والعسكرية لحمايتهم من عمليات النهب المتواصلة.
هذا الضرب من العمل الإرهابي يطلق عليه البعض تسمية «احتطاب» كمصطلح شرعي لعمليات سلب أموال الغير والاستيلاء على ممتلكاتهم، ومن يطلق التسمية ليست الجماعات بعينها، لكن ليس هذا هو المهم في الامر، بل اقرار المجموعات بشكل مباشر بلوغها مرحلة اليأس واللجوء الى خيارات «انتحارية» تتمثل في النزول الى تخوم الجبال بهدف توفير مواد غذائية لهم.
ما يثبته هذا الخيار هو العزلة الكلية التي تعيشها الجماعات الارهابية نسبيا في الجبال البعيدة عن الحدود الغربية مع الجزائر، فهي فقدت خلايا الاسناد والدعم التي كانت مهمتها تتمثل في نقل المؤن والاخبار الى الجبل والنزول بتعليمات منه الى المدينة.
خلايا تعرضت طوال سنة ونصف الى عملية تتبع وملاحقة اسفرت عن تفكك جلها وما تبقى منه يتجنب الحركة لتفادي الكشف عنه وهذا دفع بالمنتشرين بالجبال الى النزول في مرات عديدة سابقا للتزود بمؤن، لكن هذا اصبح عسيرا عليه مع تتالي الايام بسبب الطوق المضروب عليهم في الجبال.
الصعوبة لا تقتصر على التزود بالمؤن بل على التحرك وتمثيل خطر محتمل، فالوضع الذي تمر به هذه الجماعات من شح في الموارد وضيق المساحات دفع في السابق باغلبها الى الخمول والابتعاد عن القيام باية عمليات لتجنب أي تطورات لا تكون لها قدرة على مجابهتها، خاصة وان حالة الحصار التي تعيشها لا تتعلق فقط بالمواد الغذائية بل تشمل التزويد بالاسلحة والذخائر.