ونهب وسرقة قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأنه يجب التمييز بين المحتجين السلميين وبين المخربين وان هؤلاء الأخيرين إنما يخدمون مصالح الفاسدين والمهربين الذين تقود الحكومة حربا ضدهم ، كما أن مصالح هؤلاء «تتقاطع» مع سياسيين غير مسؤولين والتهمة هنا واضحة وصريحة للجبهة الشعبية والتي سماها رئيس الحكومة بالاسم ..
وفي الحقيقة ليست هذه هي المرة الأولى التي تحمل فيها السلطة التنفيذية أعمال الشغب والعنف والتخريب إلى الخصوم السياسيين فقد حصل هذا مع الترويكا وكذلك مع حكومة الحبيب الصيد اثر موجة الاحتجاجات في جانفي 2016 حيث اتهم رئيس الحكومة آنذاك حزب التحرير والجبهة الشعبية أيضا بالضلوع في هذه الأعمال..
ولكن في كل المرات السابقة لا تثبت التحريات الأمنية شيئا يذكر ولا يتم تكوين ملفات قضائية جدية وتمرّ الأحداث وتعود حليمة إلى عادتها القديمة..
ولكن في اتهامات يوسف الشاهد بعض الغرابة حقا فالقول بأن المخربين يخدمون مصلحة الفاسدين الموقوفين فهذا ادعاء لا ندري هل يملك حقا بداية إثبات له أم أنه مجرد تحويل للأنظار واعتبار أن ما يحصل إنما هو رد فعل عنيف وإجرامي على الحملة على الفساد..
وفي انتظار أن تقدم لنا التحريات الأمنية والتحقيقات القضائية ما يثبت أو ينفي هذه الرواية نريد تذكير صاحب القصبة بأن كل التونسيين يعرفون حق المعرفة كل من تبجحوا بصداقاتهم وعلاقاتهم ببارونات الفساد وهذا قد قيل في وسائل الإعلام وليس سرّا يهمس به في بعض الجلسات أفلا تكون متابعة هؤلاء أولى من إلقاء تهم لا ندري على أية معطيات انبنت..؟!!
التخريب مدان وذلك ايّا كان الذي يقترفه وأيا كانت ظروفه النفسية والاجتماعية فالإجرام لا تبرير له ..
ولكن الصرامة الواجبة تجاه إجرام أبناء الأحياء الشعبية ينبغي ان تكون موجودة بنفس القوة مع التخريب «الأنيق» بربطة العنق وهذا ما لم يحصل إلى حد الآن رغم الخطوات الأولى التي أقدمت عليها الحكومة في حملات الإيقاف التي شملت بعض بارونات الفساد والتهريب..
أما اتهام الجبهة الشعبية، أي حزب قانوني له وجود برلماني، بان مصالحه «تتقاطع» مع المخربين فهذا ما كنا نتمنى أن يتجنبه رئيس الحكومة لأنه ليس سياسيا كبقية السياسيين بإمكانه إلقاء التهم جزافا على خصومه ،إنه رأس السلطة التنفيذية والممثل الأهم للدولة ولكلامه وزن لا يوجد عند غيره واتهام بمثل هذه الخطورة لا ينبغي أن يكون هو مصدره. خاصة واننا لم نلاحظ في كل التحركات التي دعت إليها الجبهة الشعبية انزلاقا نحو أي صنف من أصناف العنف..
الهدوء وبرودة الأعصاب من شيم رجال الدولة.. ولكن ما نخشاه هو أن تكون هذه الاتهامات الجزافية والسياسية الغطاء الذي نريد به أن نحجب عن أعيننا رؤية حقيقة ما يجري..
فما دام هنالك تخريب ونهب وشبكات تهريب وفساد وتوظيف سياسي إذن فلا يوجد شيء يذكر ينبغي أن ينظر إليه ..
وذلك هو عين الخطر..
وعندما نشير إلى القمر بالإصبع .. لا ينبغي أن نقف عند الإصبع ..