متاريس على كامل الطريق، بقايا العجلات المطاطية المحترقة وحجارة كساها سواد الادخنة، وجوه تجهر بالغضب على الحكومة وتبطنه علي دولة لم تعلم عن وجودها الا بقوات الامن ومقر معتمدية، فاحدث مشروع عمومي في البنية التحتية كان منذ 15 سنة. تعبيد طريق رئيسية لربط قرى الجزيرة ببعضها.
اما ما غنمه الأهالي من الثورة فتهيئة للشريط الساحلي بمنحة مقدمة من المانيا كما تشير لافتة المشروع المنتصبة عند المنطقة الساحلية.
هناك حيث تنتصب منصات استخراج النفط والغاز تنافس مراكب الصيادين في البحر. ليكون مزارا مناسبا للاهالي لشحن ذواتهم بالغضب على ما يعتبرونه تجاوزا لحقهم في الحياة الكريمة، فلا هم طالوا «عنب» النفط والغاز و«لا بلح» البحر. وحتى ما كسبوه من منحة شركة البيتروفاك بعد الثورة حجب عنهم، منذ 5 اشهر كما يعتبرون.
جزيرة قرقنة المطلة على صفاقس جنوبي تونس العاصمة عاشت خلال الايام العشرة الفارطة علي وقع التوتر الاجتماعي بعد ان تدخلت قوات الامن لفض اعتصام لعشرات من ابناء الجهة بمقر شركة «بيتروفاك»- المملوك 51 % من اسهمها للدولة- اعتصام جاء بسبب ما قال عنه احمد السويسي، القيادي باتحاد المعطلين عن العمل واحد المعتصمين، تراجع الحكومة وادارة شركة بيتروفاك عن الاتفاقات المضاة مع 266 شابا وشابة في افريل 2015.
هذا الاتفاق الذي اكد حصوله محمد علي عروس ، الكاتب العام المحلي لاتحاد الشغل بقرقنة لـ «المغرب» وقال انه تضمن احداث الحكومة لشركة بيئية عمومية تتولي توظيف 266 شخصا توكل اليهم مهام ادارية وخدماتية عمومية، لكن الحكومة اعدت قانونا أساسيا ينص على ان مهام العاملين في الشركة البيئية تقتصر على التشجير والعناية بالمناطق الخضراء.
وهذا اصل الخلاف الذي انطلق من افريل 2015 الى حلول موعد 19 جانفي الفارط تاريخ الاعتصام في مقر شركة بيتروفاك، وللشركة ومديرها الاسعد درويش نصيب هام من « غضب » الاهالي، فهم خصصوا نصف شعارات المسيرة التي انطلقت امس للتنديد به ومهاجمته.
فالشركة ومديرها في موضع اتهام من قبل المحتجين، فوفق روايتهم للاحداث وقع الاتفاق بين العاطلين عن العمل والسلطات المحلية والجهوية والشركة في جوان 2011 علي ان تقدم شركة «بيتروفاك» وشركة «tps» البيترولية منحة سنوية تصرف كأجور لـ266 شابا يقع انتدابهم في ادارات محلية والمؤسسات الصحية بالجهة، في انتظار ان يقع إنشاء شركة بيئية تستوعبهم.
وهو ما التزمت بيه الشركتان الي نهاية 2015، حيث قررتا التوقف عن صرف المنحة وهو ما قابله تصعيد من المنتفعين بها، تصعيد بلغ يوم امس مرحلة الدخول في اضراب عام، قال عنه محمد علي عروس، انه ناجح، نظرا لانخراط كل المنشأة الاقتصادية والخدماتية العمومية والخاصة فيه. اضراب وتجمع امام المقر المحلي لاتحاد الشغل ومسيرة جابت مدينة الرملة، مركز الجزيرة.
فلا صوت يوم امس يعلو على صوت المحتجين، فالسلطات المحلية اغلقت مقر المعتمدية واخلت وسط المدينة من رجال الامن تقريبا لتجنب اي اشتباكات بينهم وبين المحتجين، وشركة بيتروفاك طوقت بعناصر الامن واعتذرت ادارتها عن التعليق.
فالشركة التي احالت عمالها في أوخر فيفري الفارط على البطالة التقنية بسبب الاعتصام بمقرها تركت معالجة الازمة بيد السلطات الجهوية والمحلية، التي بدورها وفق ما صرح به احمد السويسي ومحمد علي عروس، الكاتب العام المحلي لاتحاد الشغل بقرقنة غابت عن الازمة وتركتها تتفاقم.
فرواية المنظمين للتحركات الاحتجاجية التي يقودها الاتحاد المحلي بالجهة تقوم على نفي وجود اية اتصالات رسمية للتفاوض، فقط هناك اتصالات هاتفية حملت وعودا بالافراج عن الموقوفين الاربعة من المعتصمين، وتلويح بامكانية فتح قنوات التفاوض للوصول الى حل وما اصعب الوصول اليه اليوم في ظل التداخل الحاصل، فبين رواية بيتروفاك بان قائمات المنتفعين باجور في اطار منحة مقدمة منها تضم عددا من الموظفيين في الدولة وهو ما ينفيه المتحدث باسم المجموعة ويؤكة ان كل من عيّن في وظيفة عمومية او وجد عملا في القطاع الخاص يقع شطب اسمه من القائمة وتعويضه باخر من قائمة الانتظار التي بلغ عدد المدرجين بها 600 شخص وهذا بالاضافة إلى 266 والنقابيون في الجهة باتوا اليوم في الصفوف الاولى للمعلنين عن المواجهة مع الحكومة وشركة بيتروفاك، وهي مواجهة اكد محمد علي عروس انها ستستمر الى حين تحقيق مطالبهم، وان تحقيق ذلك سيتخذ اثر اجتماع الهيئة الادارية الجهوية خلال ايام.
وهو ما يعني ان حكومة الحبيب الصيد تنتظرها ايام صعبة في الجنوب التونسي لا خيارات امامها الا ان تدعو ربها ان ينجيها من القوم الغاضبين وان لا تنتقل عدوى الاحتجاجات إلىبقية الجهات.