حركة النهضة وقانون المالية 2018: مساندة الحكومة ... ومغازلة الأعراف ...

قد لا يكون الموقف واضحا لحركة النهضة من قانون المالية، فما صدر من موقف صريح هو دعوات إلى الحوار، الأخذ بمقترحات الغاضبين، مع تطعيم بيان مجلس شورى الحركة بمقترحات قديمة جديدة وجدت طريقها في كل البيانات المتعلقة بقانون المالية منذ 2014. لكن في جوهر الموقف كشفت الحركة عن تصورها الليبرالي «المجمل» للخروج من الازمة.

مع تعالي الأصوات الناقدة لمشروع قانون المالية 2018 ظلت حركة النهضة تتوخى الحذر في تقديم موقفها الذي ظل رماديا، لا دعم صريح ولا انتقادات ايضا، فعذر الحركة كان انتظار قراءة القانون من قبل لجنة مخصصة عرضت مؤخرا ملاحظاتها على مجلس شورى الحركة الذي انتهى امره الى اصدار موقف لم يخرج من اللون الرمادي.
لا رفض صريح للقانون ولا اصطفاف خلفه، الحركة اختارت ان تستنجد بـ«اخلاقيات» نصح الملوك، فهي وان تشدد على علمها بصعوبة المرحلة فانها توجه «نصحها» او بالاصح دعوتها للحكومة للأخذ بعين الاعتبار جملة من النقاط، أولاها ان الحوار الذي تم بشأن القانون من الأفضل ان يتعمق بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج وتوسيع ذلك إلى بقية مكونات المشهد السياسي والمدني للوصول إلى توافقات تخدم المصلحة الوطنية العليا.

توافقات تريدها ان تشمل الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للحكومة 2016 - 2020، بهدف تحقيق إصلاحات جوهرية والانتقال إلى منوال اقتصاد السوق الاجتماعي، لتمزج الحركة بين مطالب أهل اليسار واليمين، بالذهاب إلى اقتصاد ثلاثي الركائز، عام، خاص، تضامني.
لكن النهضة وهي تحاول مسك العصا من منتصفها، انحازت الى اليمين قليلا، ان تعلق الامر بملف النفقات العامة، فهي كما منظمة الاعراف ترغب في ان تقلص الحكومة من الميزانية المقترحة وترشيد النفقات والتحكم في كتلة الأجور والتقدم أكثر في الإصلاحات بما في ذلك إصلاح الصناديق الاجتماعية ومنظومة المؤسسات العمومية وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يثمر تعافي المالية العمومية.

هذه الاصطفاف في خندق الأعراف، يسير جنبا إلى جنب مع مغازلة الاتحاد العام التونسي للشغل، فبعد ساعات من بيان الاتحاد المطالب بجدية الحرب على الفساد، تعلن الحركة انها معه بدعوتها الحكومة إلى مواصلة جهودها في مقاومة الفساد وبذل مزيد من الجهد في استخلاص الديون المتخلدة إضافة الى التمسك بعدم المس من المقدرة الشرائية لكن مع توجيه الدعم لمستحقيه عبر التحول من «دعم المواد إلى دعم الأفراد»، وهو حل الحركة لازمة صندوق الدعم.

حلول النهضة عبرت عن نفسها بدعواتها للحكومة الى الإسراع بتقديم مشروع قانون المجلة الجبائية الموحدة والادماج التدريجي للقطاع الموازي وغير المنظم مع دعم الإجراءات التي تشجع على الادخار والاستثمار اضافة الى جملة من المقترحات الاخرى جمعت فيها الحركة كل المقترحات التي صدرت منذ فترة في سلة واحدة، رغم اختلاف مصادر الاقتراح. المقترح الخاص بالحركة كان مطالبة الحكومة بالبحث عن موارد جديدة لتمويل الميزانية ومن ذلك تفعيل آلية الصكوك، ومنها الإسلامية بالأساس.

النهضة التي كشفت عن نفسها الليبرالي، لم يغب عنها ان تمزج قليلا من النفس اليساري الاجتماعي، من خلال التشديد على أهمية الاقتصاد الاجتماعي التضامني، النهضة تعتبر ان موقفها، متزن، وفق ما يشير إليه أسامة الصغير الذي شدد على ان المهم من وجهة نظر الحركة «التشاور» والحوار بجدية دون الابتعاد عن أصل القضية وهو قانون المالية.
عدم اعتراض الحركة على القانون، بل عدم وجود مؤخذات يقرها القيادي اسامة الصغير الذي يشدد على ان النهضة شريكة في الحكومة وان خبراءها شاركوا وجالسوا خبراء الحكومة قبل كشف قانون المالية، أي ان القانون الصادر يلزم الحركة وما موقفها الداعي للحوار الّا دليل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115