«وثائق المخبأ» لأسامة بن لادن : الثورات العربية فرصة لانعاش التنظيم الإرهابي

تكشف الحزمة المفرج عنها من وثائق اسامة بن لادن عن أسرار جديدة تتعلق برؤية التنظيم الإرهابي للثورات العربية وكيف بحث عن استغلالها لصالحه، وفق ما تكشفه الأفكار الأولية التي تضمنتها الرسائل والنصوص، بعضها كتبه زعيم التنظيم الاسبق بنفسه وبعضها الأخر كتبته قيادات أخرى يبدو انها نجحت في اقناع بن لادن برؤيتها للمرحلة الجديدة من عمل

القاعدة بعد 2011 في ما يتعلق بالانتشار واستثمار التطورات لكن دون نجاحها في إقناعه بإعلان دولة إسلامية.

كشفت الوثائق الـمفرج عنها حديثا من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» الراجعة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أن الأخير كان يتابع تطورات ما عرف لاحقا بالربيع العربي بانتظام وانه وضع تصورات عدة، هو وقادة آخرون من التنظيم لاستثمار ما وصفوه بـ«الصحوة».
استثمار عبر عنه في الحزمة الجديدة من الوثائق فقد فصلت المنطقة العربية ودول الثورات الى دول مركزية واخرى ثانوية، وهو ما يتقاطع مع التقسيم الذي تضمنه كتاب «المذكرة الإستراتيجية» الصادر في نهاية 2011 لصاحبه عبد الله بن محمد.

ومن بين ما كشفت عنه الوثائق رسالة بخط يد بن لادن او احد المقربين اليه، نشرت في شكل فيديو، ان وتيرة الثورات المتسرعة أثارت قلق التنظيم من فشلها، في إشارة الى عدم القدرة على استثمارها لصالح نشر فكر التنظيم في ظل الصحوة وارتفاع منسوب الوعى في الشعوب العربية وفق ما ورد فيها.
حيث ان التنظيم وفق الوثائق المفرج عنها تباعا، تبنى ما قد يكون خطة عامة في التعاطي مع الثورات العربية، دون ان يكون لتونس مركز هام في هذه الخطة، حيث تشير رسائل متبادلة او كراسات ودراسات عثر عليها في مخبأ زعيم القاعدة ان التركيز كان منصبا بالأساس على اليمن وليبيا ومن ثمة مصر.
حيث ان احد قادة التنظيم الليبيين واسمه «عطية الله» في نص له، يبدو انه أرسله الى بن لادن، تطرق الى كيفية استثمار الثورة الليبية على العقيد معمر القذافي، وفي النص يتقاطع في تفاصيل منه مع رسالة بن لادن إلى ليبيا، عثر عليها في متعلقاته.

حيث تكشف الوثائق ان ليبيا مهيأة لتنتشر فيها الدعوة، وان بشكل غير مرتبط بشكل مباشر بالتنظيم، ويقترح في الوثائق المفرج عنها الى حد الان، إحداث هياكل لتأطير الثائرين من الليبيين، سواء في اللجان الشعبية للحماة او في مجالس الشورى، بهدف بسط النفوذ والبروز كمن يسيطر على المشهد الليبي.
مشهد تقترح الوثائق ان ينتهي إلى إقرار الشريعة مصدرا أساسيا في ليبيا دون الذهاب الى إعلان دولة إسلامية فيها، وفي وثائق أخرى يتضح ان تنظيم القاعدة أراد ان يجعل من ليبيا قاعدة له تستهدف أوروبا.

ليبيا لم تكن بمفردها الدولة المركزية في فكر القاعدة، حيث ينظر الى اليمن على انها مفتاح الجزيرة العربية وبقية الدول الأسيوية، وقد خص بن لادن اليمن بجزء هام من رسائله ونصوصه، تطرق فيها الى إستراتيجية التعامل مع الأحداث سواء قبل الثورة او بعدها، وشدد على ضرورة الحفاظ على علاقات جيدة بالقبائل.
في النصوص والرسائل المفرج عنها، يتضح ان تنظيم القاعدة الذي فوجئ بالثورات العربية، بحث عن استثمارها لصالحه عبر الدعوة او الجهاد لكنه كان يرى وخاصة زعيمه اسامة بن لادن ان الظرف غير مهيأ لإعلان دولة إسلامية، ما لم تقم الثورات في كل الدول الاسلامية ويلتقي وفق ما كتبه في احدى الوثائق «مجاهدو الشرق بمجاهدي الغرب».
حيث يعتبر بن لادن ان الحائل الأساسي دون تركيز الدولة الإسلامية/دولة الخلافة هو غياب ضمانات بقائها، فهي وان قامت ستصمد لأيام او ساعات، قبل ان تفشل حتى دون تدخل عسكري.

اذ تبرز معضلة تسيير الحياة اليومية عصية على الحل بالنسبة لقادة القاعدة، اذ انهم يعتبرون ان المجتمعات العربية خاصة في دول الثورات تعودوا على ان توفر لهم الدولة أساسيات الحياة، وإنهم بغياب الدولة القديمة او سقوطها وحلول الدولة الإسلامية، سيطالبون هذه الأخيرة بتوفير سبل الحياة لهم، وهذا غير ممكن في الإبان. خشية من فشل تسيير المرافق اليومية اعتبرها بن لادن كافية لمنع إقامة دولة الخلافة تجنبا لسقوطها وانفضاض الناس من حول التنظيم الذي جرهم إلى هذه التجربة الفاشلة.

لكن بن لادن الذي لم يتحمس كثيرا لإقامة الخلافة تحمس لعودة الدماء إلى تنظيمه بفضل الثورات التي اعتبر أنها ستوفر فرصة للتنظيم لمواصلة استهداف العدو الأول، الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف إسقاطها.

تحمس بن لادن للثورات لم يلغ ما يعتبره ضرورة «تحرير الإنسان قبل الأوطان»، في إشارة الى نشر فكر القاعدة في صفوف الشباب خاصة قبل ان يقع الانتقال إلى المرحلة الثانية وإقامة دولة. وهنا يشير بن لادن في وثائقه المعثور عليها، ان المجتمعات العربية التي تعاني من «الجاهلية» تميل إلى الديمقراطية لأنها تجهل ما ينص عليه الإسلام وان الدور اليوم بيد

الشيوخ لتوعيتهم وتوضيح مسألة مخالفة الديمقراطية للإسلام.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115