بعد البيان المشترك للنقابات الأمنية: الحكومة تختار «الهدوء» أمام التصعيد

تطور المشهد في اليومين الفارطين بسرعة، ثلاث نقابات أمنية تعلن بشكل صريح عمّا يشبه «الابتزاز» إن لم تستجب السلطة التشريعية لمطالبها، تمرير قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح مقابل بقاء الحماية الأمنية للأحزاب وأمناء الأحزاب الممثلة برلمانيا، موقف وضع الحكومة في حرج دفعها رسميا الى التزام الصمت، واستعمال القنوات غير الرسمية للتشديد على انها لن تقف متفرجة.

لم يعد الجدل اليوم في تونس يتعلق فقط بقانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة، بل بتصعيد 3 نقابات أمنية من خطابها والتلويح برفع الحماية عن النواب وقادة الاحزاب ان لم تقع الاستجابة لمطالبها خلال 15 يوما، والمطلب هو عرض قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح بفصوله الـ20.
بيان يقول بعض أعضاء الحكومة أنهم لم يطلعوا عليه رغم مرور أكثر من 24 ساعة على نشره للعموم، تجنب اصدار أي موقف رسمي بخصوص بيان النقابات الامنية الثلاث، من رئاسة الحكومة او وزارة الداخلية، ولكن مصدر مسؤول بوزارة الداخلية يؤكد ان الحكومة لا تتعاطى في الملف الامني مع النقابات الأمنية.
فالنقابات الأمنية وفق هذا المصدر دورها الدفاع عن المطالب الاجتماعية لمنظوريها لا رسم السياسات الأمنية للدولة او إصدار أوامر او تعليمات لأعوان امن بحماية او رفع الحماية عن أي كان. وهنا تشدد السلطة الامنية على انها لن تسمح بمنافستها في هذا الدور.

صمت الحكومة الرسمي تزامن مع نشر رئاسة الجمهورية لبلاغ قالت فيه ان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية برئيس الحكومة تطرق للوضع الامني وايضا الى مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح الذي اتفق كلاهما على ضرورة ان يكون الانتهاء منه اولوية في المرحلة القادمة. وهي رسالة مفادها طمأنة الامنين في هذا الظرف.
محاولة تجنب أي نتائج عكسية دفعت الحكومة الى ان تخيّر عدم الرد على ما يمكن اعتباره محاولة فرض تمرير القانون عبر عنه في بيان من أربع نقاط تعلقت كلها بالخطوات التصعيدية التي ستتبعها النقابات الأمنية بالآجال الزمنية لتنفيذها والمهلة الممنوحة لمجلس نواب الشعب الذي اتهمته النقابات الثلاث بأنه « يتجه إلى تمييع مطلب شرعي» وهو المتمثل في حماية الآمنين الذين وضع المجلس حياتهم كنقطة ثانوية مقابل الاستماع إلى منظمات المجتمع المدني بشان القانون.

المجتمع المدني الذي يتجه المجلس الى الاستماع إليه في إطار أشغال اللجنة المعروض على أنظارها مشروع القانون، يتهمه قادة النقابات الأمنية الـثلاثة بأنه يغالط الراي العام التونسي ويبحث عن ترويج صورة خاطئة للقانون ولأعوان الأمن ليشترك كل من تحدث خلال اليومين الفارطين في استعمال ذات المصطلحات «اشباه الحقوقيين»، «الحقوقيين»، «المنظمات المشبوهة» لوصف المنظمات التي عبرت عن رفضها للقانون منذ 2015 تاريخ إيداع مشروع القانون لدى مجلس النواب.

اسباب الرفض تقوم على ان المشروع به عدة اخلالات وهي اختراق الدستور، التضييق على الحريات منها حرية التعبير والصحافة وانتهاك حق النفاذ إلى المعلومة والتمييز بين المواطنين. حيث ان مشروع القانون مؤسس لجملة من الاخلالات التي تنتهك نص الدستور وروحه والتأسيس لانحراف خطير يمكن الإدارة وهي جهاز تنفيذي من لعب دور القضاء في تحديد ان كان هناك «جرم» ومخالفة ام لا.

اذ ان الفصل 18 منه الغى أية مسؤولية جزائية عن عون القوات المسلحة ان بادر باي فعل او رد فعل نتج عنه موت أو إصابة مواطن/معتدي لدى محاولته الاعتداء على العون او على المقرات الأمنية على معنى الفصول13 و14و16 من مشروع القانون، وهنا لا يقتصر الخلل على منازعة السلطة القضائية دورها وصلاحيتها فهي الجهة الوحيدة المخولة لتحديد ان انتهك عون القوات المسلحة القانون من عدمه. وإنما نسف مفهوم «الدفاع عن النفس».

مشروع القانون وان كان مقصده المعلن هو حماية عون الأمن او العسكري وغيرهما من العاملين في القوات الحاملة للسلاح من الاعتداء، فانه ووفق مضمونه لا يهدف الى زجر الاعتداء وانما لتحصين ردود فعل اعوان القوات المسلحة وبشكل اساسي الامنيين.

الاخلالات عدة لكن سيقع الاقتصار على أبرزها، ومنها التضييق على حرية التعبير والتظاهر، وهو ما يرد في جملة من الفصول التي احتوت على عبارات فضفاضة مبهمة وحمالة أوجه، كـ»أسرار الأمن الوطني» التي لم يقع تحديد مفهومها او نطاقها لتشمل كل فعل يصدر عن عون القوات المسلحة، منها العمل الروتيني في تسهيل حركة المرور او في إيقاف مشتبه بهم والأمثلة عدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115