الحكومة الأعراف والأحزاب البرلمان ساحة الصراع الجديدة والحسم بيد الشاهد

لم يكن تلويح منظمة الاعراف بالذهاب الى الأقصى في احتجاجها على قانون المالية المقترح من قبل حكومة الشاهد الا صرخة استنكار لم ترافقها استعدادات فعلية فالجميع الاعراف وعدد من الأحزاب الليبرالية في حكومة الشاهد لم تجد الا اصواتها لترفعها وتلوح باسقاط قانون المالية في شكله الحالي مهما كلف الامر. من جانب آخر تنظر الحكومة الى كل

التصريحات والتهديدات على انها محاولة لتحسين شروط التفاوض سبق وقد حسم من قبلها وما عبر عن ذلك باقتدار قول وزير المالية رضا شلغوم «القانون في المجلس وحربكم في لجنة المالية وجزاؤ كم على قدر جهدكم»
حمل مطلع الاسبوع الحالي تطورا هاما في العلاقة بين الاعراف وحكومة الشاهد فلاول مرة منذ 1947 تاريخ تاسيس المنظمة تلوح الاخيرة بانها لم تصمد وانها ستقتدي بالنقابيين وتتجه الى اضراب عام ان لم تستجب الحكومة الى مطالبها على قلتها كما تقول .

المنظمة التي ينضوي تحت سقفها اكثر من 500 الف مؤسسة وتمثل قوة سمحت لوداد بوشماوي بان تلوح بورقتين: الاضراب بعد ان سبق ان لعبت ورقة الانسحاب من وثيقة قرطاج .
خطوة يراها قادة منظمة الاعراف ومنهم توفيق العريبي مشروعة في ظل رفض الحكومة ادراك ان قانون ماليتها يرفع من الضغط الجبائي للمؤسسات بما يهدد استمراريتها .

مصير يقول العريبي انه يهدد العديد من المؤسسات الوطنية في اكثر من قطاع اضافة الى انعكاساته السلبية على مؤسسات اخرى قد يودي بها القانون القادم ان استمر عدم الاستقرار الجبائي الذي تعاني منه تونس منذ 2011 .

قرارات وسيناريوهات نقشت من قبل القيادات المركزية والوسطى والقاعدية في منظمة الاعراف التي تعتبر بمنضويها الـ 25 الفا ان قانون المالية الحالي يدفع بهم ضرورة الى الاحتجاج والدفاع عن مؤسساتهم مع المحافظة على ما قال عنه العريبي التصرف بحكمة ورصانة في الدفاع مع امل ان ينصت الاخرون للصوت العالي للاعراف .
أمل يعتبرونه ممكنا في ظل نقاشات مع احزاب ممثلة في البرلمان وخارجه اقنعها الاعراف بوجهة نظره وبالخطر الذي يمثله القانون على الاقتصاد التونسي الذي ترفع الحكومة شعار انعاشه والحال انها تفاقم من عجزه بمزيد من الضغط الجبائي كما يقول القيادي .

وللحيلولة دون هذا يقول العريبي ان الاتحاد لا يريد تطبيق كل مطالبه وانما الاستجابة لبعضها خاصة المتعلقة بالاحكام الجبائية او غيرها مما له انعكاسات سلبية على المؤسسات كمضاعفة العقوبات وتمكين القباضات المالية من صلاحيات مطلقة اضافة لما يتمتع به العون الجبائي من صلاحيات قد تجعل من رب المؤسسة تحت رحمته دون ضمانات له من قبل الدولة بانصافه ورفع الظلم عنه ان وقع .

ظلم يرى انه تكرس في عدم استقرار المنظومة الجبائية التونسية وتراجع الحكومة الحالية عن اصلاحاتها الجبائية ومن ذلك عدم تنزيل الية الموفق الجبائي على ارض الواقع رغم اقرارها منذ 2010 معتبرا ان الوقت قد حان ليقع انصاف الاعراف والا فانهم لم يتوانوا عن الدفاع عن انفسهم بما في ذلك الاضراب .
قرار الاضراب لم يتخذ بعد لكنه يظل ورقة ضغط يلوح بها الاعراف ورئيستهم وداد بوشماوي في وجه حكومة الشاهد في ظل سيناريوهات عدة لهذا الاضراب الذي قد تنفذه كل المؤسسات المنضوية تحت الجامعات القطاعية الثماني عشرة او ربما بعضها فقط كما انه سيكون اضرابا بساعة وفي بعض القطاعات او ربما بيوم كما يلوح العريبي الذي يشدد ان القرار لم يتخذ وان اتخذ فسيكون في المكتب التنفيذي .

ما لم يقله القيادي بشكل صريح عن سبب غضب الاعراف كما بعض الاحزاب الليبرالية هو احساسهم بان الدولة تتجه الى اليسار ويعبر عن ذلك تطور عائدات الجباية منذ 2009 بضعفين .
اضافة الى تحملهم الانفاق على المؤسسات العمومية الخاسرة التي يطالبون بهيكلتها وبالتفويت في بعضها ان اقتضى الامر .

اتجاه البلاد الى اليسار صار من وجهة نظر الاعراف رغم مرور الاخيرة بازمة هيكلية تستوجب اتباع سياسات اقتصادية ليبرالية وفتح السوق والتخلص من النفقات غير ضرورية اي اتباع سياسة تقشف هو ايضا ما يراه كل من المهدي رباعي القيادي بحزب افاق تونس الذي عبر عند التقائه وحزبه بمنظمة الاعراف عن موقفه القائل بان هذه الميزانية خطر على تونس .

خطر يقول القيادي في افاق تونس لابد من الانتباه اليه ومعالجته بتعديل قانون المالية الذي انتقد صائغيه واعتبر انهم اغلقوا على انفسهم بين اربعة جدران ولم يستوعبوا التطورات الحاصلة في العالم .

الرباعي المح الى ان حزبه يدرس عدة خيارات تتعلق بقانون المالية من بينها عدم التصويت عليه ان ظل على حاله دون استيعاب المقترحات الضرورية لتحقيق الانعاش الاقتصادي .انعاش يشترك معه لضرورة تحقيقه القيادي بمشروع تونس والمكلف بالملف الاقتصادي سليم التلاتلي الذي يشدد على ان تونس ومنذ 2011 تعاني من معضلة اساسية وهي الاجراءات الجبائية كل سنة .اذا اكثر من 500 اجراء سن خلال السبع سنوات الفارطة لم يقم اي طرف بتقييم نجاعتها ولا بتتبع نسبة انجازها. ليس هذا الخطر الوحيد بل ايضا تعطيل الموازنات السابقة لمحركات الانتعاش الاقتصادي وهي ثلاثة الاستهلاك الاستثمار والتصدير على غرار مشروع قانون مالية 2018 الذي اعتبره غير مشجع على الاستثمار بل مكبلا له بسبب حزمة الاجراءات الجبائية ومنها الترفيع في الاداء على القيمة المضافة.

وعلى غرار افاق تونس يرى المشروع ان الاعراف لهم الحق في الاحتجاج والتعبير عن مرحلة الخطر التي بلغوها ولكنهم بالمقابل يعتبرون ان الحل لا يزال ممكنا بالحوار حوار ينتهي بالجميع الى ارضية وسطى لا يظلم فيها احد وتحقق فيها الدولة هدفها في تعبئة الموارد المالية .
ما يدركه القياديان المنتميان لحزبين محسوبين على الليبرالية في طرحهم الاقتصادي ان خروج الاعراف للعلن وتلويحهم بالتصعيد مؤشر جديد يجب اخذه بعين الاعتبار دون ان يشرحا اكثر .لكن الجلي من خلال اشاراتهم ومصطلحاتهم الاقتصادية المستعملة انهم يقفون ضد الخيارات «اليسارية» لحكومة الشاهد .
رغم رفضهم الخيارات اليسارية الا ان الاعراف يلتقون مع اليسار في اليات الاحتجاج اليوم .حشد الراي العام والاحزاب مع لعب اوراق ضغط على غرار الاضراب حتى وان كان ا الاضراب في تصور الأعراف مثل السلاح النووي يلوح به ولا يستخدم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115