التقت بمحمد عبو زعيم التيار الديمقراطي، للوقوف على موقف حزبه من التطورات الاخيرة وتقييمه للمشهد العام برمته.
• قراءة حزبكم لمشروع قانون مالية 2018 المحال الى مجلس نواب الشعب للحسم فيه والمصادقة عليه قبل نهاية السنة؟
اطلعنا على مشروع قانون المالية ونحن بصدد إعداد مقترحات سنقدمها في اللجان ومنها لجنة المالية لتحسين وتطوير القانون، اذ عرف عن حزبنا منذ تأسيسه انه جاد في تقديم مقترحات تتعلق بقوانين المالية وهو ما جعل لجنة المالية والحكومات المتعاقبة تأخذها بعين الاعتبار وتدرجها بالقانون، ماعدا تلك المقترحات التي تستهدف فصولا تتمسك بها الجهة المبادرة بشدة.
هنا أود أن أشير الى اننا سنقترح في إطار مناقشات المشروع ان تمدنا الحكومة بالأرقام والمعطيات المتعلقة بقوانين المالية السابقة، فنحن نبحث عن الاطلاع على مدى تنفيذ قوانين المالية السابقة، خاصة واننا لاحظنا خلال هذه السنوات غياب فلسفة واضحة توجه قوانين المالية والمنظومة الجبائية، مما أدى الى تناقضات كبرى بين قوانين المالية المتعاقبة.
• تناقضات، هل حددت اكثر؟
في السنة الفارطة وقع تخصيص صندوق لدعم اقتناء المسكن الاول وبلغت قيمته 200 مليون دينار، عندما نوقش القانون وسئلت وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي عن ان كان القانون قد وضع لخدمة الباعثيين العقارين، لم تنف ذلك واشارت الى انهم، اي الباعثين يواجهون صعوبات عدة حسب قولها، لكن هذه السنة قدم مشروع قانون مالية يتضمن فصلا يقر دفع الاداء على القيمة المضافة عند شراء عقار معد للسكن من قبل الباعثين العقاريين، هذا ما سيؤدي في نهاية الامر الى ارتفاع اسعار المساكن مما يضر بالمستهلك وبالباعثين العقاريين الذين سعى قانون مالية 2017 الى انقاذهم.
أضف الى هذا ان المعطيات الراهنة تؤكد ان المبلغ المودع في الصندوق المحدث لدعم المسكن الاول لم يقع صرف اكثر من ربعه اي 50 مليون دينار فقط.
تناقض ثاني، قانون مالية 2016 توجه الى الغاء بعض الاداءات على المواد الكمالية من بينها الخمور الرفيعة بدعوى أن ذلك سيقلص من التهريب، وهو ما لا نعلم ان كان قد نجح بالفعل ام لا فلليوم لم تقدم الوزارة ارقاما تؤكد صحة هذا التوجه الذي وقع التراجع عنه في قانون مالية 2018، حيث وقع توظيف معاليم واداءات على توريد بعض المواد الكمالية ومنها الخمور مما يعبر عن تذبذب وعدم وضوح الرؤية.
• هذا لا يثبت شيئا فقد تكون الظروف فرضت التغيير او وقع تحقيق الهدف؟
انه تناقض واضح مثل وضوح عدم وجود رؤية، اذ يقع اقرار اجراءات في قوانين المالية ولا يقع تطبيقها، من ذلك ما نص عليه قانون مالية 2016 من تركيز نوعية محددة من صناديق الاموال «الكاسة» في المقاهي وعدد من المحلات لم تراقب الوزارة تطبيق الاجراء الذي لم ينفذ.
كما نص قانون مالية 2017 على بعث فرقة مختصة في التحقيق والابحاث في التهرب الجبائي ولكن لم تتشكل هذه الفرقة بعد.
• نعود لمشروع قانون مالية 2018، ما هي مؤاخذات حزبكم عليه؟
اكثر اشكال في المشروع هو الزيادة في الاداءات في حين ان حل عجز الموازنة ليس في إثقال كاهل من يقومون بواجبهم الجبائي وانما بادخال من لا يقومون بهذا الواجب في المنظومة الجبائية كالعاملين في القطاعات الاقتصادية الموازية ومقاومة التهرب الضريبي.
كما ان الترفيع في الاداءات على القيمة المضافة بنقطة خطأ لانه يثقل كاهل المؤسسات التي تدفع اداءاتها الجبائية.
الافضل كحل لتعبئة موارد الدولة هو مقاومة التهريب والتهرب الجبائي واستخلاص الديون وانقاذ المؤسسات العمومية وهيكلتها لتقدم الاضافة وتساهم في تعبئة الموارد.
• الحكومة تقول ان القانون عنوانه الانعاش الاقتصادي وليس الترفيع في الضريبة؟
ما ينص عليه المشروع من اجراءات تشجيعية وتحفيزية للاستثمار منها اعفاء الاستثمارات المنجزة في 2018 من الاداءات واعفاء اصحاب المؤسسات من دفع المساهة في الصناديق الاجتماعية لكل موطن شغل جديد، لا تتضمن اي جديد فهي امتداد لاجراءات وقع تطبيقها قبل الثورة وبعدها، وهي اجراءات معقولة لن نناقشها، لكن على الحكومة ان لا تقدمها على انها قرارات ثورية.
والقول بان هذا قانون الانـــعاش الاقتصــادي يستوجب عليها ان تقدم الارقام الدقيقة للوقوف على مردود هذه الاجراءت ومعرفة ان كانت الاموال التي رصدت لم تكن اهدارا لقدارت المجموعة الوطنية.
• لكن المشروع يتضمن تصورا لمنوال التنمية الجديد، كالشراكة بين القطاع العام والخاص؟
ان الشراكة بين القطاع العام والخاص سبق وصدرت نصوصها القانونية ولكننا لم نر اي مشروع ينجز في السنة الفارطة، والحديث عن انجاز هذه السنة يظل محل تساؤل خاصة في ظل عدم تقديم اية معطيات مفصلة عن المشاريع المبرمجة، وهنا اود ان اشدد على ان الادارة التونسية لا تمتلك الارقام والمعطيات الدقيقة وهذا هو الخطر الفعلي، فدون هذه المعطيات لن يكون باستطاعة الحكومة اتخاذ قرارات صائبة ولا باستطاعة المعارضة التعديل، ان المعطيات هي العنصر الضروري لاخذ القرار وتقييمه.
• اذن انتم قد لا تتقدمون بمقترحات مفصلة وانما مقترحات لتعديل التوجه العام؟
نحن نعمل على اعداد مقترحات سنقدمها للمجلس وسنسعى لان نقنع النواب والحكومة، نظرا الى ان القانون لا يسمح للنواب بحذف او اضافة اي فصل فيه التزامات مالية دون موافقة الحكومة والتوافق معها. عموما مقترحاتنا ستركز على ايجاد موارد اخرى للدولة دون الذهاب الى الترفيع في الاداءات.
• هل تعتبرون ان هذا القانون سيؤكد مساعى الحكومة في الحرب على الفساد؟
قانون مالية 2017 كان هذا عنوانه ولكن لم يتغير شي في الواقع ومن ذلك جهاز الشرطة الجبائية الذي يشير الى عدم جدية الحكومة في تنفيذ تعهداتها، نحن في السابق اعلنا دعمنا لحكومة الشاهد في حربها على الفساد لاننا نعتقد ولانزال كذلك ان الفساد افقد مؤسستنا واقتصادنا مصداقيته وهو ما يجعل سواء المستثمر التونسي او الاجنبي لا يتشجع على الاستثمار هنا لان مناخ الاعمال سيء وان لم ننجح في تغييره فلن يتغير شيء.
نحن ومنذ توقفت الحرب على الفساد على بعض الاشخاص اعلنا تشكيكنا فيها، فلم نلاحظ تطبيق القانون على الجميع كما لا يعقل ان نحارب الفساد وهناك شبهة تلاحق من هم في السلطة والحكومة الذين طالتهم شبكة الفساد، ان هذا الامر مخيف وهو ما نجده في خطاب عدد من اصحاب المؤسسات الذين يشيرون الى ان المحسوبة والفساد لايزالان قائمين، وهو ما يثير قلقهم ويحول دون خروج البلاد من ازمتها الاقتصادية
كل ما نقوله ان الاصلاح يستوجب تغيير مناخ الاعمال الحالي وانهاء حالى الفوضى والفساد فدون هذا لن يتغير واقع البلاد.
• لكن هناك رهان على ان يساعد هذا القانون وخطة الانعاش الاقتصادية في ذلك؟
القانون الحالي عادي جدا والواقع ان مجلة الاستثمار هي من يفترض ان تكون خطة انعاش اقتصادية فعلية، لكن لم يحدث هذا رغم كل الحوافز والاغراءات، والسبب هو تسمم مناخ الاعمال الذي يعبر عنه تباطؤ الادارة وتعثرها في فهم المرحلة وضرورة التغيير، مما ادى الى خوف المستثمرين بل وفرار المستثمرين التونسيين من هنا والاتجاه الى المغرب.
• تقول مناخ الاعمال فقط مسؤول والحال ان المشهد السياسي وغموضه يساهم في هذا؟
اقدم مثلا هنا وهو قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين بشأن قانون المصالحة وما رافق اصدار قرارها من شوائب اولها ان سيناريو اعتراض ثلاثة من اعضائها على الطعن وقع التطرق اليه من قبل اشخاص قريبين من دوائر الحكم قبل فترة، اضافة الى ان القرار اعلن عنه اعضاء من الحزب الحاكم حتى قبل نهاية اشغال الاجتماع.
هذا الامر اضر بصورة المؤسسة وليس هي فقط بل كل مؤسسات الدولة ضربت صورتها وباتت محل تشكيك من الجميع. وباتت الصورة العامة لا توحي بالامان، اضف الى ذلك ما يحدث من عمليات هجرة غير نظامية جعلت الصورة تقدم على ان الناس يفرون من البلاد وهذا ما بات يحدث فعليا، فلا احد يشعر هنا بالاستقرار وهذا خطر عبر عن نفسه بفرار الفقراء من البلاد وبتهريب الاغنياء لاموالهم واستثماراتهم منها.
ان الصورة الحالية قاتمة وستظل كذلك ما لم يقع تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، ما لم يقع القطع مع سن قوانين مرتبطة بمصالح وبمراكز نفوذ لا تخدم التونسيين.
• انت تشير الى ان قرار الهيئة محل تشكيك وتقدمها على انها فقدت استقلاليتها؟
الهيئة لم تعد مستقلة هذا رأيي الشخصي وانا لم يسبق لي ان علقت على اي من قراراتها واعتبرت انه في ظل تعدد الاجتهادات وجب ان نحترم ما يصدر عنها، لكن في ملف قانون المصالحة لم يكن هناك اجتهادات عدة فحتى المقربين من الجهة المبادرة اقروا بعدم دستورية القانون فهل يعقل ان يقر 3 من اعضائها رغم كل شي بدستوريته. ان الهيئة وقع تطويع عدد من اعضائها ولنا قرائن تفيد بذلك، وتجعلنا نخشى من ان يقع النسج على هذا المنوال في ما يتعلق بالمحكمة الدستورية التي نتمسك بارسائها رغم ترجيحنا انه سيقع اختيار اعضاء لها ممن لا يتمتعون بالنزاهة ولا الحياد كما تم مع عدد من اعضاء الهيئة الوقتية.
• وماذا عن الانتخابات في ألمانيا هل ستقدمون مرشح لكم؟
تنسيقية الحزب في المانيا ومكتبنا السياسي اختار جمال المثلوثي ليكون مرشحنا مع التوصية بالدفع في اتجاه مرشح مشترك للقوى الديمقراطية، فنحن لا نسعى للفوز بمقعد رابع وانما الى قطع الطريق على حركة نداء تونس وما تخطط له.