وضرورة الخروج من سياسة المحاور واعادة الزخم للدبلوماسية التونسية وذلك في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة ..في هذا الحديث الشامل لـ « المغرب « يوضح الجهيناوي ابرز التحديات التي تواجه وزارته وخطط عمله للفترة القادمة مؤكدا ان اول تحدي له كان اعادة الثوابت للسياسة الخارجية دون ميول ايديولوجية ، مجددا التأكيد على موقف تونس الداعم لحل سياسي في ليبيا. كما لفت النظر الى ان اجتماع دول جوار ليبيا سيكون مناسبة لتوحيد وجهات نظر هذه البلدان فيما يتعلق بالأوضاع في ليبيا .
• لو تطلعنا على ابرز نتائج زياراتكم الى الجزائر والمملكة المغربية؟
الزيارات للجزائر والمغرب تأتي في اطار تعزيز علاقتنا الثنائية مع هذين البلدين المهمين لنا، الجزائر دولة جارة مهمة لنا معها علاقات عديدة ومتنوعة ومن الطبيعي ان تكون اول زيارة خارجية لوزير الخارجية التونسي الى الجزائر، وقد كانت الزيارة مناسبة للنظر في التعاون الثنائي وخاصة في مجال الحدود وقد تزامنت زيارتي اليها مع ذكرى احداث ساقية سيدي يوسف، وفي اللقاءت قلنا ان الحدود الجزائرية التونسية هي صمام الامان للبلدين وتناولنا امكانية خلق مشاريع مشتركة في الحدود وهناك استعداد جزائري لذلك. وقد عبّر رئيس الحكومة الجزائري عن استعداد بلاده لمساعدة تنقل التونسيين للعمل في الجزائر في المواسم الفلاحية وغيرها، وذلك لخلق لحمة بين مواطني البلدين على الحدود، بالاضافة الى التعاون الهام في مختلف المستويات التجارية وتسهيل انسياب الصادرات التونسية في الاسواق الجزائرية وكذلك على المستوي الامني هناك تعاون كبير على الحدود وتعاون بين وزارتي الداخلية بما يخدم مصلحة البلدين.
كما ان الزيارة بينت التطابق الكبير في وجهات النظر بخصوص الوضع في ليبيا واهمية تنسيق المواقف بيننا، الذي انتهي الى تشجيع الاشقاء الليبيين للاسراع في تكوين حكومة التوافق ومساعدة هذه الحكومة عند تكوينها من قبلنا نحن والجزائر.
الزيارات تناولت ايضا قضايا تهم المغرب العربي وكيفية تنشيط العمل العربي المشترك وتجاوز الجمود الحالي وايجاد صيغ لتفعيل العمل العربي في اطار اتحاد المغرب العربي. والمواضيع نفسها تقريبا تمّ تناولها في زيارتي للمغرب، التي تربطنا بها علاقات تاريخية تعود لعشرات السنين وارتأينا انه من الصالح الانتقال للمغرب بعد زيارة الجزائر لدارسة نفس الملفات . والاستقبال كان رائعا من قبل كل المسؤولين المغربيين الذين قابلتهم .وقد سلمت وزير الشؤون الخارجية المغربي رسالة من رئيس الدولة الباجي قائد السبسي الى جلالة الملك محمد السادس.
الزيارة للمغرب نظرت الى كيفية تطوير العمل المغاربي المشترك وان تلعب تونس دورا في هذا الصعيد وذلك لاسترجاع مكانتنا على المستوي الاقليمي واخذنا لزمام المبادرة نظرا لعلاقاتنا المتميزة مع مختلف الاطراف لتنشيط العمل المغربي المشترك. وفي هذا الاطار سينعقد اجتماع لوزراء الخارجية لدول الاتحاد المغاربي في شهر ماي المقبل.
• وماذا عن اجتماع دول جوار ليبيا؟
هذا الاجتماع تم الاتفاق بان ينعقد في 21 و22 مارس الجاري بحضور كل دول الجوار ممثلين بوزراء الخارجية وستشارك مصر والتشاد والسودان الجزائر وتونس وليبيا، التي سيمثلها في حال عدم الوصول الى توافق بشان حكومة التوافق ، حكومة طبرق المعترف بها دوليا.
• هذا الاجتماع يهدف الى الخروج بموقف موحد من امكانية التدخل الاجنبي في ليبيا؟
لا، الهدف سيحدد وفق تطور الاوضاع في ليبيا، فان توصل الاشقاء الليبيين الى هذه الحكومة وتم اعتمادها . فالاجتماع سيكون حول كيفية مساندة هذه الحكومة حتى تقوم بوظيفتها في سبيل اعادة الاعمار في ليبيا ومكافحة الارهاب وغيرها من الملفات الكبيرة والعديدة، واذا لم يصل الاشقاء الليبيين للتوافق، ونحن لا نتمنى ذلك، سننظر في كيفية دفع الاشقاء الليبيين وتشجيعهم من اجل التوافق في تكوين حكومة. فانعدام تكوين حكومة توافق ليبية فيه مخاطر كبيرة يمكن ان تحدق بها والاخوة الليبيون يدركون هذا ويعلمون امكانية تفشي الارهاب اكثر ويمكن ان تصبح نظرية تقسيم ليبيا حقيقة.
اذن لا حل غير ان يتفق الليبيون ويكونوا حكومتهم التي تتسلم مقاليد الحكم في طرابلس، وهذا الموقف هو محل توافق مع الجزائر والمملكة المغربية ونبحث عن توسيع دائرة التوافق لتشمل كل دول الجوار التي نعتقد انها حريصة على وحدة ليبيا.
• هل تتوقعون ان يكون التدخل العسكري في ليبيا قريبا؟
هناك حرب على تنظيم «داعش» الإرهابي وليست على ليبيا، فلا اعتقد ان ليبيا مستهدفة ، اذ توجد فيها بؤر توتر وجماعات ارهابية متغلغلة في التراب الليبي ومن مصلحة الليبيين انفسهم ان يعالجوا هذا الخطر ومن مصلحة دول الجوار بصراحة ان يقع القضاء على بؤر الارهاب.
وبعض الاطراف الدولية مهتمة بالوضع في ليبيا نظرا لموقعها الجيو-استراتجي الهام للدول الاووربية التي ترى ان ازدهار وتطور الجماعات الارهابية داخل التراب الليبي من شأنه ان يكون خطرا على الامن في حوض البحر الابيض المتوسط ومن اجل ذلك هم مهتمون بالوضع في ليبيا.
• الموقف الرسمي للدولة التونسية هو ضد اي تدخل عسكري في ليبيا نظرا لانعكاسات هذا التدخل على تونس واليوم الموقف لم يعد كذلك بعد لقائكم مع سفراء دول الاتحاد الاوربي وحديثهم معكم عن فوائد التدخل العسكري في ليبيا وذلك منذ اسبوعين ؟
انا كنت اترأس هذا الاجتماع ولم يطرح فيه هذا الامر. ولنتكلم بصراحة ونتفق انه من مصلحة الجميع القضاء على الارهاب، فهو من مصلحة ليبيا ومصلحتنا نحن ومصلحة الدول الاوروبية ودول الجوار القضاء عليه.
• اذن انتم مع التدخل العسكري الاجنبي في ليبيا للقضاء على الارهاب؟
نحن مع القضاء على الارهاب من قبل الليبيين أنفسهم وإذا كان هناك داعي للتدخل الخارجي فلابد ان يكون في اطار القانون والشرعية الدولية وهي واضحة في هذا الأمر فمجلس الامن هو من يشرع هذا ضمن مهمته في تحقيق استتباب الامن في العالم والآليات واضحة في هذا، او ان تطلب الحكومة الليبية الشرعية في اطار الدفاع عن النفس وفق البند 51 من الاطراف الدولية التدخل.
هذا شان ليبي ليس لنا التدخل فيه، ولكننا ضد التدخل العسكري العشوائي غير القانوني، نحن دولة مسالمة لا نريد اي تدخل عسكري، فللأسف كل تدخل عسكري نتائجه سيئة ورأينا ما حصل في العراق وسوريا، فالتدخل لم يساعد على استقرار هذه الدول.
• وان طلبت الحكومة التدخل او اتخذ قرار في مجلس الامن بالقيام بتدخل العسكري ضد جماعات ليبية إرهابية هل ستقدم لتونس مساعدة لحماية حدودها وهل سيقدم دعم للتصدي لأي خطر ارهابي ؟
الدفاع علي تونس يقوم به التونسييون، وهذا من مهمات قواتنا الامنية والعسكرية، وقد قام كلاهما بعمل جبار في هذا الميدان وهو عمل يثنى عليه، اما عن الاطراف الدولية فقد حسسناها بتبعات اي تدخل عسكري وليس فقط على المجال الامني وانما المجال الانساني وتدفق اللاجئين الذي قد يضيف مشاكل كبيرة على تونس التي تركت حدودها مفتوحة مع ليبيا فيما تغلق كل دول الجوار حدودها.
نحن المنفذ الوحيد لليبيين ومن حقنا ان نطلب من المجموعة الدولية ان تتحمل مسؤوليتها في اطار مجابهة اي خطر، سواء خطر ارهابي او ملف اللاجئين ونحن في اتصال بهذه الدول عن طريق سفاراتنا بها وعن طريق سفرائهم في تونس كما نتصل بالمنظمات الدولية ذات العلاقة بالملف الانساني، وقد وضعنا خططا في هذا الصدد.
• وما هي هذه الخطط؟
خطط امنية واتصالية وإنسانية، وهي خطط وضعت بمشاركة مختلف الوزارات التونسية ووقع تقديمها للسيد رئيس الحكومة ونظر فيها في مجلس وزاري مضيق وكانت ضمن جدول اعمال مجلس الامن القومي الذي يراسه رئيس الجمهورية.
• وهل وقعت مناقشة مسالة تواجد قوات اجنبية في تونس قد تشارك في اي عمل عسكري في ليبيا ضد تنظيم «داعش» الارهابي؟
لا لن توجد قوات اجنبية في تونس، لم يطرح علينا وليس مطروحا كما ان تواجد قوات اجنبية في تونس امر يحتاج الى مصادقة المؤسسات الدستورية عليه .
• وماذا عن تقديم الدعم اللوجستي للدول المشاركة في التدخل العسكري في ليبيا؟
لم يطلب منا هذا وهو غير مطروح ونتركه الى حين وقوعه.
• ان طلب منكم ان تقدموا دعما لوجستيا كما تم في 2011 وكان التدخل ضمن الشرعية الاممية؟
اذا كان قرار التدخل بقرار اممي فنحن عضو في الامم المتحدة وان طلب منا من قبل المنظومة الاممية سننظر فيه وندرسه انطلاقا من ان مصلحة تونس فوق كل اعتبار.
• وان كان التدخل يقع بطلب من الحكومة الليبية وَوُجِّهَ الى حلف الناتو ، فهل ستقدمون الدعم وانتم في مرتبة شريك للحلف الاطلسي؟
نحن لسنا عضوا في الناتو ولسنا مترشحين لعضوية الناتو ولم يقترح علينا ان نكون عضوا فيه، الناتو منظمة اطلسية تكونت سنة 1948 مهمتها حماية الدول الاعضاء فيها، وهي الدول الغربية بالاساس، وقد تكون في اطار صراع الغرب والشرق، في مناخ الحرب الباردة والساخنة بين الشرق والغرب وللحلف الاطلسي مهام اخرى. تونس هي عضو في الحوار المتوسطي مع الناتو شأنها شان الجزائر المغرب الاردن مصر فلسطين ، كل هذه الدول هي في رتبة شريك في حوار مع دول الناتو.
• وهذا لا يفرض التزامات من تونس؟
لا، التعاون ليس عسكريا وهو تعاون بالاساس في ازمات البيئة، وهذا الحوار انطلق منذ سنوات وكل دول المتوسط شركاء فيه.وفي ما يتعلق بالتحالف مع الولايات المتحدة الامريكية ضمن زيارة رئيس الجمهورية الاخيرة لامريكا هي تسمية امريكية من خارج الناتو حيث تمت تسمية تونس حليفا استراتيجيا من خارج اطار الناتو، ووقعت الاشارة الى اسم الناتو عرضا ولا علاقة لنا به، قرار التحالف الاستراتيجي بيننا وبين الولايات المتحدة هو قرار احادي الجانب ياتي في اطار تميز العلاقات بين البلدين وستكون له تبعات على عدة اصعدة ولن يكون للناتو فيه اي دخل لا عن قرب او بعد.
• هل قدمت لكم الولايات المتحدة اية معطيات عن مصير نور الدين شوشان وهل تسلمتم جثث الارهابيين التونسيين؟
ليست لدينا اية معلومات حول مصير نور الدين شوشان . والسيد قاضي التحقيق قام بإنابة عدلية تتعلق بالموضوع وهو في اتصال بزميله الليبي وقد طالبنا من الجانب الليبي الذي هو حاليا بصدد القيام بابحاث، وقد اتصلنا بالسلطات الليبية في طرابلس وطلبنا ان يباشر قاضي تونسي التحقيق مع الموقوفين وننتظر الرد منهم لفتح تحقيقات والقيام ببحوث للتأكد من ان الموقوفين او القتلي تونسيون، قبل اخذ قرار يتعلق بهذا الملف.
• وماذا عن مصير نور الدين شوشان؟
لا يمكن الحسم بأنه قتل، فلم نقم بعد بالتحاليل الجينية للتحقق من ذلك، وطالما ليس لنا معطيات رسمية لا يمكن ان نجزم بان المعطيات التي نشرت صحيحة.
• وماذا عن تطور ملف الصحفيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المختطفين منذ سنة ونصف في ليبيا؟
هذا الملف تولته وزارة الخارجية منذ فترة وقامت باتصالات مع مختلف الاطراف، لانه موضوع اساسي ومهم ويوضع في اولويات وزارة الخارجية، هذا الملف هو ملف امني ونحن نشتغل بالتنسيق مع وزارة الداخلية.
ولجنة المتابعة في اتصال مع الجهات المختصة في تونس وفي ليبيا للتحقق من المعطيات التي بلغتنا، وللأسف ليس لدينا الى اليوم معلومات ثابته يمكن ان نبشر بها ونعلن عنها، وبسبب غياب سلطة مركزية في طرابلس نحن نواجه مهمة صعبة ان لم نقل مستحيلة بشان هذا الملف الذي تتضارب المعطيات المتعلقة به ونحن طالما لم نمتلك معطيات ثابتة ونهائية لا يمكن القول ان لنا دراية بالحقيقة.
• هناك عشرات الآلاف من التونسيين في ليبيا التي تمر بظرف امني خطير بلغ حد طرد التونسيين من مدن ليبية وهذا يقع دون ان تبادر وزارتكم بتوجيه دعوة للامتناع ومغادرة ليبيا؟
ضمن خطة الاستعداد لأي تطور في الملف الليبي قمنا بإنشاء خلية ازمة مجتمع في الادارة العامة للشؤون القنصلية وهذه الخلية لها رقم اخضر سنعلن عنه ونمده لكل من هم في ليبيا كما قمنا بإحداث مكتب خاص لتلقي الاتصالات وان تعكّرت الاوضاع سنوجه نداء اليهم بمغادرة ليبيا. نحن نراقب تطور الاوضاع ووفقها سنتخذ الاجراءات ولكن في الاثناء كونا بعثة قنصلية جاهزة للانتقال لرأس جدير لتتابع اوضاع مواطنينا في ليبيا، وان تحقق السيناريو الاكثر تفاؤلا وتم التوافق بشان الحكومة الليبية سنكون من الاول ان لم نكن الدولة الاولى التي تعيد فتح سفارتها في ليبيا ونستأنف علاقتنا الدبلوماسية.
• هناك صراع سعودي ايراني اليوم في المنطقة ، كيف يمكن العمل من أجل تنأء تونس عن هذا الصراع ، وهل مشاركة بلادنا في مناورات « رعد الشمال» كمراقب وانخراطها في التحالف السعودي ضد الارهاب هو تخندق في سياسة المحاور ؟
ما يميز دبلوماسية الرئيس الباجي قائد السبسي منذ الانتخابات هو الخروج من المحاور، نحن ضد سياسة المحاور التي كانت قبل الانتخابات. ونحن ارجعنا للسياسة الخارجية ثوابتها دون ميول ايديولوجية. اما عن معنى تواجدنا في الحلف فهو في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي وهو ليس حلفا سعوديا بل بادرت السعودية – التي هي مقر منظمة المؤتمر الاسلامي - بالدعوة اليه وهو حلف ضد الارهاب والتطرف .
• لكن معاني الارهاب تختلف فالارهاب في المفاهيم السعودية هو حزب الله وايران وداعش وفي تونس الارهاب هو «داعش» ؟
علاقاتنا مع السعودية متميزة هي دولة شقيقة وكذلك علاقتنا مع ايران الشقيقة متميزة ونحن لا نفرق . ولكن السعودية قريبة لنا باعتبار انها دولة عربية واسلامية وهي عضو في الجامعة العربية وهناك تقاليد تمتد من ايام المرحوم الزعيم بورقيبة حينما ذهب لزيارة الامير فيصل .هناك امتداد تاريخي لعلاقتنا مع الرياض وهي بلد مهم ولدينا تعاون كبير معها وسيكون مستقبلا وهناك وفود سعودية ستاتي للنظر في التعاون في كافة المجالات ومساعدة التونسيين علـى تجاوز التحديات الاقتنصادية والتشغيل وغيرها ..علاقتنا ايضا مع ايران طيبة وليس لدينا اي خلاف معها .
• لكن تونس ضحت باتفاق بين وزارة السياحة وايران باستقطاب سياح ايرانيين؟
هذا ليس صحيحا. ففي كل عام يأتينا سياح ايرانيون في اطار عيد النيروز وليست لدينا مشكلة مع السياح الايرانيين هم اصدقاء ونحن نستقبل سياحا من كل دول العالم ومع الاسف وقع تسييس هذه الواقعة من قبل بعض الأطراف . تونس تبقى حريصة على امن واستقرار الدول الشقيقة في الخليج.
• ولكن خلال الفترة الماضية وخلال حكم الترويكا حصلت عديد الاخطاء الدبلوماسية وتونس تدخلت في شؤون الدول الاخرى وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا.. كيف تنظرون اليوم الى هذا الملف وكيف يمكن اصلاح ما يمكن اصلاحه؟
نترك التاريخ ليحكم على ما جرى بسلبياته وايجابياته .
• ولكن الدبلوماسية التونسية تكبدت عديد الخسائر وتراجعت في موقعها الاقليمي جراء هذه السياسات ؟
هذا كلام صحيح وانا اوافق عليه
• هل هناك مسعى اذن من الوزارة لإعادة الزخم لصورة تونس في الخارج؟ والابتعاد عن سياسة المحاور؟
كان هناك ارباك خلال السنوات الاولى من الثورة . مع الاسف ضيعنا البوصلة وابتعدنا عن مقومات السياسة الخارجية التونسية التي اشتهرت بحكمتها . وكانت تونس لمدة سنوات تُستشار من عديد الاطراف وكان لها دور اقليمي وحجم يشهد له على المستوى العربي والغربي والدولي وكنا نُستشار في قضايا كبيرة . لكن ما حصل لم يكن فقط نتيجة السياسة الخارجية التي انتهجتها تونس خلال الفترة الماضية لكن ايضا نتيجة الوضع الداخلي باعتبار ان السياسة الخارجية مرتبطة بالوضع الداخلي، وقوة الدولة التونسية وتوافق التونسيين من شأنه ان يدعم السياسة الخارجية . مثلا في سوريا طردنا سفير غير موجود وقررنا غرق السفارة وحتى نكون منصفين القرار اُخذ في اطار الجامعة العربية. واؤكد بان المبدأ العام هو ان الدبلوماسية ضد سياسة الغياب ودور الدبلوماسية يقوم على ملء الكراسي والتحاور مع الاطراف التي لدينا معها وجهات نظر مختلفة من اجل الوصول الى ارضية للتفاهم والدبلوماسية جعلت من اجل هذه المهمة تحديدا وليست فقط للتعامل مع الاصدقاء . ولدينا الآن بعثة في المستوى القنصلي تباشر اوضاع مواطنينا في سوريا.
• الدولة التونسية تخندقت في سياسة المحاور سنة 2014 وقدمت الدعم للمعارضة السورية وطالبت بتنحية النظام واليوم هناك فتور في العلاقات مع سوريا فكيف تنظرون الى هذا الملف؟
هذا ليس دقيقا ، لم تكن هناك سياسة رسمية لدعم النزاع المسلح يمكن هناك شبكات تدعم المقاتلين..
• لكن الدعوة لرحيل الاسد ومؤتمر اصدقاء سوريا وموقف رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي اليست كلها تأتي في اطار موقف الدولة الرسمي؟
كانت لدى الرئيس المرزوقي مواقف من سوريا انطلاقا من قناعاته الشخصية كحقوقي، ولكن الدولة والقناعات الشخصية تختلفان . نحن نحترمه لانه كان رئيس تونس. لكن اليوم لدينا حكومة منتخبة تحاول بكل الوسائل ان تتابع الشأن السوري ووضع الجالية هناك. ونحن نراقب تطورات الاوضاع في هذا البلد لنصوغ على ضوء ما يحصل مواقفنا من سوريا.
• فيما يتعلق بملف الاموال المنهوبة هناك انتقادات حادة للدبلوماسية التونسية بوجود اخلالات دفعت سويسرا مثلا لان تبدي عدم رغبة بارجاع اموال النظام السابق الى تونس فماذا تقولون؟
اولا وزارة الخارجية جزء من منظومة استعادة الاموال ولا تتحمل وحدها هذا الملف . فهناك البنك المركزي الذي يترأس اللجنة الوطنية لاسترجاع الاموال المنهوبة . ونحن مثلا قمنا بدور كبير مع كندا فيما يتعلق ببيع عقارات على ملك حسن الطرابلسي ووزارة أملاك الدولة توجهت الى كندا واتصلت بالمحامين هناك وباشرنا الموضوع . وكذلك امضينا مذكرة تفاهم مع سويسرا لدفع التعاون في هذا المجال، والسويسريون حريصون مثلنا على ذلك، لكن هناك اجراءات قانونية لا بد للقضاء التونسي ان يقوم بها لاقناع الاطراف الخارجية بان مصدر هذه الاموال غير شرعي . اذ لا يكفي ان نقول بان هناك اموالا مجمدة تابعة لعائلة بن علي بل علينا اثبات بانها جاءت بطريقة غير شرعية . وكلها ملفات معقدة لأننا امام قضاء نزيه ومستقل في اوروبا لديه اجراءت خاصة. وحقيقة نحن ليست لدينا تجربة كبيرة في ملف استرجاع الاموال المنهوبة والآن هناك قضاة بدؤوا يختصون بالموضوع ونأمل بان نحقق تقدما ما.
• وزارة الخارجية هي الطرف الذي فوض بالإمضاء على مذكرة تفاهم مع سفارة امريكا تقضي بتعويضها عن اضرار الهجوم عليها بقطعة أرض فكيف ارتأيتم لتقديم قطعة ارض عوضا عن المال؟
سأجيبك في إطار تواصل الدولة، لا يوجد تقصير في هذا الموضوع، التونسييون اعتدوا على سفارة دولة صديقة كان من المفروض ان نحميها حسب الاتفاقيات الدولية لكن لم نتمكن من ذلك وبالتالي هذه مسؤوليتنا، لقد وقع الاعتداء وحرق ممتلكات سفارة اجنبية هي ضيفة لدينا.
• الامر يتعلق بتعويضها بقطعة ارض؟
انا بدأت بمسببات الامر، اليوم هناك من قيم الخسائر وبلغ المبلغ 36 مليون دولار فيما قيمة الارض 12 مليون دولار، الخيار كان ان تكفل ميزانية الدولة بدفع قيمة التعويضات مقابل الاضرار التي لحقت السفارة والمدرسة، لكن الأمريكيين قالوا انهم يعلمون صعوبة الوضع الاقتصادي الذي نمر به وكانت مبادرة منهم واستجابت لها الحكومة بان يقع التعويض عن طريق ارض وتقديم قطع ارض هو عرف سائد بين الدول التي تقدم قطع ارض لبناء سفارة لها.
• لكن السفارة ملكت قطعت أرض سابقا واليوم هي إلحاق أرض محاذية لها، والأمر هو كيف تقدم دولة تعويضا في شكل قطعة أرض؟
اذن كيف نقدم التعويض انها 36 مليون دولار.
• أليس من الأفضل أن تقدم 36 مليون دولار على أن تقدم قطعة أرض؟
هذا ان كانت ميزانية الدولة تسمح بذلك فلنقدم 36 مليون دولار، وصراحة لم افهم الجدل غير الواقعي. للأسف كان هناك اعتداء على سفارة اجنبية كان يجب ان نحميها ولو لا علاقتنا الجيدة مع الولايات المتحدة الامريكية لكانت تداعيات الاعتداء وخيمة علينا.
لقد وقع الاعتداء ولا يمكن ان لا نقدم تعويضا لهم، فإما نقدم قطعة ارض او ندفع القيمة ماليا، انه امر غير معقول. فصميم الموضوع تعويض الجانب الامريكي وقد ارتأت الحكومة الراشدة ان يقع هذا عن طريق تقديم قطعة ارض
حاوراه : روعة قاسم وحسان العيادي