القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي: حين يخلط السياسيون بين الشعارات والقواعد النقدية

يحتدم الجدل اليوم بشأن مبدأ استقلالية البنك المركزي التونسي المحدّدة في ادارة شؤونه وتحديد السياسة النقدية لبلد يعاني من ازمات اقتصادية ومالية مرشحة للتفاقم. في ظل طبقة سياسية تستعجل اتخاذ موقف دون تمحيص وتبين، كالقول بانّ استقلالية البنك

المركزي التونسي تمثّل خطرا على سيادة البلاد.

كشفت مداولات مجلس النواب التونسي بشان مشروع قانون النظام الاساسى للبنك المركزى التونسى، عن معارف السياسيين للسياسات الاقتصادية والنقدية والخلط بينهما. وبينت ان معضلة البنك المركزي التونسي لم تكن فقط مع خطّ ثوري برز بعد 2012 يدفع بان يكون البنك تحت تصرّف رئاسة الجمهورية، في فترة الرئيس المنصف المرزوقي.

أزمة الترويكا
ففي اول ايام حكم الترويكا ساد لدى الاحزاب الثلاثة، وخاصة لدى كلّ من حركة النهضة وبدرجة اكبر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ان استقلالية النظام المالى التونسي المجسّدة في استقلالية غير مؤسسة للبنك المركزي، هي من اوراق لعب «الثورة المضادة».

هذه المقولة التي عبّر عنها بصراحة في ازمة اقالة محافظ البنك المركزي السابق مصطفى كمال النابلي، بسبب خلافات بينه وبين الرئيس نشبت بعد ما اعتبر «رفض المحافظ التماشي مع سياسة الحكومة»، فازيح عن منصبه ووقع تعيين محمد الشاذلي العياري الذي ورغم الليونة التي ابداها تجاه السياسيات الاقتصادية المتخذة من قبل حكومتي الجبالي وعلي العريض فانه وجد نفسه مضطرا الى رفض التماهي معهما.

والرفض مردّه ان مطالب رؤساء حكومات الترويكا كانت تنسف الاستقرار النقدي الهش لتونس وتهدد التوازنات المالية للبلاد برمتها، ويمكن الاشارة هنا الى معدّل التضخم الذي قفز بنقطتين نتيجة تدّخل رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، لفرض سياسة نقدية على البنك المركزي.

الكل ضد الاستقلالية
النظر للبنك المركزي على انه ادارة عامة او جهاز حكومي يتبع سياستها ليست حكرا على من هم في الحكم بل هي ايضا تصورات المعارضة، ففي المداولات الخاصة بالقانون الاساسي رفض ممثلو الجبهة الشعبية ان يقع الاقرار باستقلالية البنك المركزي، واعتبروا ان ذلك يعدّ خطرا وان من اوصى بذلك هي دوائر أجنبية مع التلميح الى ان تمرير القانون المرتكز على استقلالية البنك المركزي في ادارة السياسية النقدية «يعد تفريطا فى سيادة تونس» وفق قول سعاد الشفّي .

ولم تكن الشفي بمفردها من اعتبر القانون الحالي مؤامرة، فعضو مجلس النواب شفيق العيادى، عن الجبهة الشعبية، بدوره اعتبر أنه وتحت شعار استقلالية البنك المركزي يقع تمرير توجيهات الدوائر المالية العالمية.
وقد يكون التقاء نواب الجبهة الشعبية مع نواب حركة النهضة في الموقف الرافض لاستقلالية البنك المركزي احد المرات القليلة التي يتوحد فيها موقف الاثنين، حيث اعتبر محمد بن سالم......

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115