اتضحت الصورة يوم أمس في مجلس نواب الشعب، الانتخابات البلدية لن تجرى في موعد 17 ديسمبر 2017 المعلن عنه منذ أشهر، فمجلس نواب الشعب أعلن عن تواريخ جديدة لاستكمال عملية سدّ الغشور بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وذلك يومي 19 كتاريخ للوصول الى توافق بخصوص الأسماء و20 سبتمبر الجاري كموعد للجلسة العامة الانتخابية.
تواريخ وقع التوافق بشأنها صلب 5 كتل وفق ما أعلنه رئيس المجلس محمد الناصر ورئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري، وهي كتل النهضة والنداء ومشروع تونس وآفاق تونس والكتلة الديمقراطية. توافق توصلت إليه الكتل بعد تعذر عليها يوم الثلاثاء الفارط، من ان تعقد جلسة عامة كانت مخصصة لاستكمال عملية سد الشغور، وفق بلاغ صدر عن مجلس نواب الشعب يوم الاثنين 11 سبتمبر الجاري مع الاعلان عن برمجة عقد اجتماع للكتل البرلمانية من أجل استئناف التوافقات بشأن الأسماء المطروحة لسد الشغور. لكن كل هذا تعذر القيام به بسبب عدم تحقيق النصاب اللازم، وهو وجود 145 نائبا ساعة التصويت. حيث يحتاج سد الشغور في هيئة الانتخابات الى ما لا يقل عن 145 صوتاً من مجموع 217 عضواً.
غياب النواب يوم الثلاثاء وحضورهم بشكل لافت يوم أمس، رغم تأخر انطلاق الجلسة، عكس حرصا من قبل جلّ الكتل على تأجيل الانتخابات البلدية وهو ما تم لهم بطريقة غير مباشرة، عبر تأجيل موعد سد الشغور الى ما بعد انقضاء الآجال القانونية لتوجيه رئيس الجمهورية دعوة للناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع.
لكن هذه الدعوة لن يوجهها رئيس الجمهورية يوم الاثنين القادم، باعتباره قد سبق وتعهد بان لا تصدر دعوة الناخبين «إلا بعد سدّ الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» وفق الفصل 101 من القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء في تونس، الذي نصّ على ضرورة دعوة الناخبين بأمر رئاسي في أجل أدناه ثلاثة أشهر قبل يوم الاقتراع بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية والرئاسية، وفي مدة شهرين على الحد الأدنى بالنسبة إلى الاستفتاء. وعليه فان الانتخابات ستؤجل إلى اجل غير محدد بعد.
تأجيل وقع التحذير منه عشية استقالة شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا للانتخابات السابق، رفقة عضوين آخرين يوم 9 ماي الماضي، كما حذر منه رئيس الهيئة بالنيابة أنور بن حسن، الذي وجه يوم الاثنين الفارط مراسلة إلى مجلس نواب الشعب ليستفسر بشأن تاريخ سد الشغورات داخلها واستكمال تركيبتها.
مع علم الهيئة يوم امس بالتواريخ الجديدة لسد الشغورات يبدو انها ستنتظر ان يغير الرئيس من موقفه ويوجه الدعوة للناخبين، حيث شدد بن حسن في تصريح لـ«المغرب» على ان الهيئة «ألزمت نفسها برزنامة مضبوطة» لن تحيد عنها لان ذلك سيؤدي إلى تداعيات سلبية، سواء على صورة الانتقال الديمقراطي في تونس أو على الخزينة العامة.
لا يكتفي بن حسن باعلان هذا بل شدد على أنه «لا مجال لتأخير المسار الانتخابي» مشيرا الى ان الهيئة ملتزمة بموعد 19 سبتمبر الجاري كتاريخ انطلاق قبول الترشحات للانتخابات البلدية، لكن هذا الالتزام قال انه قد لن يكون كافيا وفق قوله لمواصلة المسار الانتخابي من عدمه، اذ ان ذلك «مرتبط بنشر أمر رئاسي قبل 18 سبتمبر الجاري».
هنا يتجنب رئيس الهيئة بالنيابة ان يعلق على الواقع الجديد، المتمثل في ان الدعوة لن تصدر في ظل استمرار الشغور الذي لم يقع تجاوزه قبل 20 من الشهر الجاري، اي عمليا تأجيل الانتخابات، لكن هذا ينظر إليه انور بن حسن على انه فرضية والهيئة لا تتعامل مع فرضيات إنما وقائع وتواريخ ثابته.
ما يتجنب انور بن حسن قوله، جلي للعيان الانتخابات البلدية اجلت، والدوافع لذلك عديدة، والمستفيدون عديدون، فالكتل الخمس، التي توافقت على المواعيد الجديدة لكل منها حساباته، فثلاث منها، آفاق تونس وحركتا نداء تونس والمشروع، حريصة على ان تؤجل الانتخابات الى مارس القادم، والكتلة الديمقراطية اقرب اليهم في دعوتهم رغم ان لا حزب يمثل أفرادها.
تبقى حركة النهضة التي يبدو انها دفعت الى قبول الامر المقضي حفاظا على علاقتها ليس فقط بنداء تونس، انما برئيس الجمهورية الذي يبدو ان الجميع تعامل مع مضمون حواره للزميلة الصحافة اليوم منذ اكثر من اسبوع على انه تضمن رسالة صريحة بتاجيل الانتخابات وهو ما حققه له النواب.