السلطات التنفيذية ولا الأحزاب الحاكمة ولا الفندق الذي نزل به، الكل يتحاشى الحديث عنه.
خمسة رجال بلباس أنيق، بدلات وربطة عنق، يقودون أميرا مغربيا من فندق بوسط العاصمة إلى مركز امن ومنه إلى مطار قرطاج، ليقع ترحيله ساعات بعد وصوله إلى تونس للمشاركة في ندوة دولية تنطلق اليوم وتنتهي الأربعاء من تنظيم الاتحاد الأوروبي ومركز الديمقراطية والتنمية التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية، بعنوان «الحوكمة والتحديات الأمنية في ثلاثة بلدان عربية، مصر، والمغرب واليمن».
إلى حد الآن الأمر قد يقع تداركه بالإعلان عن أسباب ترحيل الأمير المغربي هشام ابن عم الملك محمد السادس، بعد ساعات من السماح له من دخول التراب التونسي، لكن عملية اقتحام خمسة من رجال الشرطة بلباس مدني وتوجههم إلى مسبح فندق «موفونبيك» قمّرت واصطحابه إلى مركز للشرطة، ليتم لاحقا التوجه به إلى المطار تحت حراسة أمنية من اجل ترحيله على اول طائرة متوجهة إلى باريس، والتي كانت تتبع الخطوط الفرنسية على الساعة الثامنة والنصف ليلا.
لكن ما تم هو التكتم ورفض التعليق، وزارة الداخلية تعتذر عن تقديم أية تفاصيل وتشير إلى ان الأمر من مشمولات وزارة الخارجية، وزارة الخارجية لا تعلق وفي حالة ارتباك خاصة وان الوزير خميس الجهيناوي خارج تراب التونسي منذ يوم الجمعة الفارط بسبب مشاركته في أشغال الاتحاد الإفريقي ببريزفيل. كل من وزارتي الداخلية والخارجية تلقيان بالكرة إلى بعضهما البعض وفي النهاية تشير الأصابع إلى قصر قرطاج، الذي بدوره لم يحد عمّا قام به سابقوه، لا تعليق بل لا معطيات تتوفر لدي أي من مستشاري الرئيس.
بل ان النزل الذي نزل فيه الأمير يتجنب التعليق او الحديث عن الواقعة، فالإدارة تعتذر عن تقديم اية معطيات، ليظل النزيل المغربي الذي رافقه 5 اعوان امن الى غرفته للتأكد من حزم حقائبه، وتغيير ملابسه قبل أن يقودوه إلى مركز للأمن، أين قدمت له أوامر شفهية بمغادرة تونس.
تفاصيل نقلها الصحفي إيغناسيو سامبريرو، الصحافي الإسباني المختص في الشؤون المغاربية في مقال له على موقع «ledesk»، وقال انه استقاه من «الأمير الأحمر»، وهي الصفة التي يحملها الأمير هشام الذي طلب من الأمن تقديم أمر كتابي يتضمن قرار ترحيله لكن الشرطة رفضت، قال الصحفي ان مسؤولا بالخطوط الجوية الفرنسية اكتفى بالتصريح في «ميكروفون» المطار بأن ترحيل الأمير هشام ليس بسبب تهم جزائية، بل هو قرار سياسي. وفق الصحفي الاسباني الذي نقل الرواية على لسان الامير الذي اتهم السلطات المغربية بالتدخل لدى السلطات التونسية لترحيله.
ترحيل لمواطن أجنبي من تونس دون سبب قانوني، تجاوز يتهرب الجميع من التعليق عليه، لا أحزاب الحكم ولا الحكومة وأعضاؤها القدماء والجدد، البعض تهرب من الرد بعد توجيه السؤال وآخرون أغلقوا هواتفهم او رفضوا الرد ثانية على الاتصالات.
حركة النهضة نداء تونس الحزب الجمهوري آفاق تونس حركة مشروع تونس وغيرهم من الأحزاب الشريكة في الحكومة تتجنب ان تقدم موقفا قبل الوقوف على التفاصيل، والتفاصيل يتهرب الجميع من الإفصاح عنها ففيها إدانة لهم.
«الامير المنبوذ» هشام بن عبد الله العلوي:
معارض النظام والمخزن
الأمير هشام العلوي ابن عم الملك المغربي محمد السادس، الذي رحل يوم الجمعة الفارط من تونس، اتخذ في السنوات الاخيرة خطوات الى الخلف في علاقته بالعائلة المالكة بالمغرب، ليصبح من اشد منتقديها والداعين الى إصلاحات سياسية جذرية تجعل نظام الحكم ملكيا دستوريا، لا صلاحيات كبرى للملك فيه.
دعوة روجها الأمير الاحمر كما يطلق عليه في المغرب، عبر مقالته خاصة في الصحافة الفرنسية وبالتحديد صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» التي نشر فيها مقالا يتنبأ بان سنة 2018 تكون سنة الثورة في المغرب «ثورة الكمون» تصل بالمغرب إلى الملكية البرلمانية.
مقال كرر فيه الأمير هشام ما سبق له وروجه في كتابه الصادر باللغة الفرنسية تحت عنوان: «Journal d’un Prince Banni. Demain, le Maroc» يوميات أمير منبوذ - المغرب غدًا صدر عن دار نشر غراسيه الفرنسية. تحدث فيه الأمير عن ضرورة تفكيك «الدولة العميقة» والحد من السلطة المطلقة لدى الأسرة المالكة عبر إقرار الملكية البرلمانية و تفكيك المخزن (النخبة الحاكمة) كما سبق له ان دعم سنة 2011 حركة الشباب الديمقراطية المغربية 20 فبراير
الأمير هشام المنفي من القصر منذ عام 1999، يعيش في بوسطن بالولايات المتَّحدة الأمريكية، كما يدرس في جامعة ستانفورد وتعتبر منظمته من ابرز المانحين لمركز الديمقراطية والتنمية التابع للجامعة ستانفود، كما اشتغل أستاذا زائرا وباحثا في جامعة اكسفودر.
منع من زيارة المغرب منذ سنوات لكن رغم ذلك لم يقع حظر كتابه في المملكة التي كثيرا ما تناولت صحفها الامير بالنقد والهجوم على خلفية تصريحاته الصحفية ومقالاته التي تنتقد الملك وديوانه.