يبدو أن التحوير الوزاري بات في اللمسات الأخيرة والإعلان عنه لم يتبق له الكثير ما لم تطرأ أية تعطيلات أو ضغوطات جديدة من قبل بعض الأحزاب ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنه اليوم الأربعاء وفق بعض المصادر الحكومية، اختلافات وتعطيلات أجبرت رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعد لقائه أمس رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على الاتصال بالأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج من أجل عقد اجتماع، اجتماع توقعت الأحزاب أن يكون موضوعه التحوير الوزاري لكن تفاجأت بإعلامها بأن برنامج عمل الحكومة في السنوات الثلاث القادمة هو المحور الأساسي، فمنهجية الشاهد تبدو واضحة وهي أن تتم مناقشة التحوير مع كل طرف على حدة.
استعرض الشاهد خلال لقائه رئيس الجمهورية البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة في الفترة القادمة وخارطة طريق الإنعاش الاقتصادي وضمان التوازنات الماليّة بناءً على مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الهامة على المدى المتوسط وإستراتيجية واضحة المعالم لدفع نسق النمو وتحسين المناخ الاستثماري، ليقوم فيما بعد بطرحها على الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج.
عدم التطرق إلى التحوير الوزاري في الاجتماع
وفق بعض المصادر فإن اللقاء الذي جمع الشاهد بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج لم يتعرض بتاتا إلى التحوير الوزاري بل إلى برنامج عمل الحكومة، حيث عرض الشاهد عليهم البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة في أفق 2020 وخارطة طريق الحكومة والبرامج العملية للإنعاش الاقتصادي، كما طرح عليهم ملف الإصلاحات أهمها مواصلة الإصلاح الجبائي والوظيفة العمومية وإصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وتطوير وحوكمة المؤسسات العمومية فضلا عن الإصلاحات المالية ودعم إنعاش الاقتصاد بناء على برنامج إضافي لدفع النمو وتحسين المناخ الاستثماري إلى جانب رؤيته لتعزيز سياسات الإدماج والتشغيل.
الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أكد لـ«المغرب» أنه لم يتم التعرض إلى مسألة التحوير الوزاري بل إلى موضوع الإصلاحات الهيكلية وإعادة إنعاش الاقتصاد وقدم تصورا للحكومة وتم الاتفاق على أساس تمكين الأحزاب المشاركة في الحكومة خلال يومين من كل الأرقام والمعطيات المقترحة للإصلاحات الهيكلية لتنشيط الاقتصاد على أن تقدم مقترحاتها ورؤيتها يوم 20 سبتمبر الجاري على أن تعود الأحزاب ورئيس الحكومة مصحوبين بالخبراء للاجتماع يوم 25 سبتمبر الجاري للاطلاع على ملخص الحكومة يتضمن مقترحاتها ومقترحات الأحزاب وتقع مناقشتها للخروج برؤية وتصور موحد تعتمده الحكومة في عملها مستقبلا وتقديم ميزانية الدولة لسنة 2018. هذا وأكد المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي في تصريح إعلامي له بعد الاجتماع حول تمثيلية الحزب في الحكومة أن النداء طرح الأسماء وتبقى حرية الاختيار لرئيس الحكومة، نفس الشيء بالنسبة لرئيس حركة النهضة الذي أكد أن القرار يعود للشاهد والحركة لديها ثقة في أن يختار على أساس الكفاءة والنزاهة، الأمين العام لاتحاد الشغل قال بدوره إن الفائدة ليست في الأشخاص ولكن في المقاييس الموضوعة.
تحوير عميق
في خطوة غير منتظرة، غيّر الشاهد من خطته «التكتيكية» من مناقشة الأسماء المطروحة للتحوير الوزاري إلى مناقشة برنامج عمل الحكومة في محاولة للتصدي الى الهجوم الذي تشنه بعض الأحزاب ولاسيما نداء تونس وكذلك حركة النهضة التي ترفض المسّ بوزرائها وخاصة زياد العذاري، ووفق بعض المصادر فإن الصورة بدأت تتضح بخصوص التحوير والإعلان عنه لن يتجاوز موفى الأسبوع الجاري وذلك بعد اجتماع رئيس الحكومة بالأحزاب والمنظمات الوطنية الموقعة على وثيقة قرطاج ثمّ يجتمع مرة أخرى برئيس الجمهورية من أجل عرض قائمة المرشحين. هذا وأشارت مصادرنا إلى أن التغييرات ستتراوح بين 15 و17 وزارة من بينها بطبيعة الحال سدّ الشغورات على مستوى وزارات المالية والتربية والاستثمار، فالتحوير سيكون في العمق وسيمس عديد الوزارات من بينها وزارات سيادية، أكثر من نصفها وعلى الأرجح ستشمل كلا من الداخلية والعدل والدفاع.
وفق ذات المصادر فإنه لن يتم حذف خطط كاتب دولة وسيحافظ رئيس الحكومة على ذات التركيبة والتوازنات السياسية مع بعض التحسينات لعدد من الأحزاب ، حيث أكدت بعض المصادر من آفاق تونس لـ«المغرب» أنه من المتوقع أن تشهد حصة الحزب من الحقائب الوزارية بعض التحسينات الطفيفة كما أنه من المنتظر أن يكون هناك تغييرات على مستوى وزراء آفاق إما رياض موخر وزير البيئة والشؤون المحلية أو سميرة مرعي وزيرة الصحة وكذلك تغيير كاتبة الدولة لدى وزيرة شؤون الشباب والرياضة المكلفة بالشباب فاتن قلال بناء على طلب منها، إعفاءها من مهامها، مصادرنا أوضحت أن التحوير مازال غير واضح باعتبار أن رئيس الحكومة مازال لم يتوصل إلى اتفاق مع حركة النهضة وكل الأمور يمكن أن تتغير بين لحظة وأخرى، مشددة على أن ما يتم تداوله لا أساس له من الصحة.
رئيس الجمهورية يواصل مشاوراته
بالتوازي مع المشاورات التي يقوم بها رئيس الحكومة، تتسارع أيضا وتيرة لقاءات رئيس الجمهورية مع عدد من رؤساء الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في محاولة لإنهاء الملف العالق الذي طالت مشاوراته أكثر من اللازم، حوالي الشهر، حيث استقبل أمس وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. وأفادت وداد بوشماوي أن اللقاء تناول الوضع العام بالبلاد وما يفترضه ذلك من إسراعٍ بدعم العمل الحكومي وتعزيزه بالكفاءات التي يمكن أن تساعد في التدرّج بالأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل. وجدّدت بوشماوي استعداد اتحاد الأعراف للمساهمة مع الموقعين على اتفاق قرطاج في مناقشة وإثراء البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة، كما استعرض اللقاء المساعي المبذولة لمزيد التعريف بتونس كوجهة اقتصادية واعدة وأهميّة مزيد دعم هذه الجهود.
كما كان لرئيس الجمهورية لقاء آخر مع محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب الذي أشار إلى أنه تمّ خلال اللقاء استعراض الوضع العام بالبلاد واستعدادات مجلس نواب الشعب لعقد دورة استثنائية خلال الشهر الحالي (للتصويت على التشكيل الوزاري الجديد). وأكد محمد الناصر أن مجلس نواب الشعب على أتمّ الاستعداد لعقد هذه الدورة الاستثنائية حال استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في هذا الخصوص، مشيرا إلى أن الحوار متواصل بين رؤساء الكتل حول تاريخ عقد هذه الدورة الذي من المنتظر أن يكون خلال شهر سبتمبر الجاري. وحسب محمد الناصر فإنه من بين شروط عقد هذه الدورة ورود لائحة ممضاة من قبل 74 نائبا على الأقل تقترح تنظيم هذه الدورة وضبط روزنامتها، أو ورود رسالة من رئيس الحكومة تطلب عقد هذه الدورة للنظر في التحوير الوزاري المرتقب. ويذكر أن رئيس الجمهورية كان قد التقى كلا من الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ورئيس حزب آفاق تونس ياسين إبراهيم ووفد من حركة تونس أولا يتقدمه بوجمعة الرميلي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وكذلك الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، والمحور الأساسي لها إلى جانب الأوضاع العامة بالبلاد كان التحوير الوزاري، علما وأن رئيس الحكومة مازال إلى حدّ كتابة هذه الأسطر لم يقدم مطلبا إلى البرلمان حول عقد دورة استثنائية.