التحوير الوزاري: عقبتان أمام الشاهد ... زياد العذاري وناجم الغرسلي

لم يعد المجال يسمح لحكومة الشاهد وللأحزاب بأن تهدر الوقت في «حركات» جانبية اذ لم يتبقى لها سوى الدخول مباشرة في صلب الموضوع، بكشف أوراق اللعب ليعرف كل طرف حدود الممكن والمستحيل في التحوير الوزاري القادم. تحوير يجد الشاهد نفسه امام عقبتين تتلخصان في تحديد هوية وزير التجارة ووزير الداخلية في حكومة الشاهد0.2.


تتضح صورة التحوير الوزاري أكثر بعد إزالة الشوائب من عناصرها، ليكون المشهد أكثر وضوحا على ضوء انكشاف أوراق اللاعبين على الطاولة بعامل الإقصاء، فرغبات الأحزاب ومطامحها ومواقعها المراد حمايتها اتضحت وما يريده الشاهد ويبحث عنه لنفسه أيضا. فكلا الطرفين أفصح علنا او تلميحا عن حدود الممكن لديه والمرفوض، اي ملامح «الصفقة» لقبول التحوير.

نداء تونس جعل بيضه في سلة واحدة، القبول بإعفاء وزراء مدعومين من مديره التنفيذي حافظ قائد السبسي مقابل أن يقع تعويضهم من قبل مرشحي الحزب، من ذلك التخلي عن انيس غديرة وزير النقل الذي تقول مصادر متعددة إن تقييم رئيس الحكومة لعمله سلبي، اذ ان الشاهد يعتبر ان الإصلاح في قطاع النقل «جمّد» منذ تسلم غديرة للوزارة بل واعتبر ان الوزير عجز عن فتح اي ملف فعلي، لذلك يتمسك برحيله من الحكومة وليس من الوزارة فقط.

هذا لم يعد محل خلاف بين الشاهد وقائد السبسي الابن الذي تحصل على تعهدات من الشاهد بان لا يقع التخفيض من عدد وزراء النداء، اي ان تعود التربية والتعليم اليه كما النقل، لكن ليس هذا هو الثمن الفعلي الذي يطالب به المدير التنفيذي ومستشاروه للقبول بالتحوير، هم يريدون فرض اسم مرشحهم لوزارة الداخلية وأساسا ناجم الغرسلي المرشح المدعوم من حافظ.

دعم يحظى به الغرسلي وزير الداخلية السابق، لم يفت منه مثول الرجل أمام القضاء العسكري للاستماع إليه كشاهد في قضية شفيق جراية، بل ان النداء يعتبر ان هذا لا يجرح في مرشحهم لخلافة الهادي مجدوب، فالرجل ليس «مذنبا» أو «متهما» ليقع إسقاط اسمه من قائمة مرشحي الحزب الذي يطالب بان يكون له تمثيل في الحكومة يراعى حجمه. حجج تجد دعما لها من قبل حركة النهضة التي وبدرجة اقل تدعم ترشيح الغرسلي وتعتمده كورقة ضغط لتحقيق معادلة أخرى خاصة بها.

الغرسلي وان بدا انه المرشح الأوفر حظا إلا انه يجد اعتراضا من قبل رئيس الحكومة بطريقة غير مباشرة، فالشاهد متمسك بان لا يكون اي من وزرائه محل مساءلة قضائي وان بصفة «شاهد» لتجنب ان تجد الحكومة نفسها في حرج جديد، خاصة وان المرشح لمنصب الوزير –الغرسلي- سيكون بصفته وزيرا للداخلية «رئيسا» للوحدة الأمنية المكلفة بالتحقيق والبحث في قضية شفيق جراية، التي وقع الاستماع إليه فيها كشاهد، إي ان الحرج سيتضاعف لدى يوسف الشاهد من قبول تعيين الغرسلي وزيرا لشبه تضارب المصالح، حتى وان كان الرجل غير مدان بأي فعل غير قانوني.

حرج يدركه نداء تونس ويعلم جيدا انه قد يحول دون وصول مرشحه الأول حتى بعد الضغوط على رئيس الحكومة، فقدم بصفة غير مباشرة مرشحا ثانيا، وهو رضوان العياري، الذي المح النداء عبر قنوات اتصال انه لا يعترض عليه ولكنه متمسك بالغرسلي.

هنا تجاوز النداء ورئيس الحكومة مرحلة المناورة ليصبح التعامل بالمكشوف، فكلهما ولاسباب مختلفة ومتناقضة يعتبر ان بقاء الوزير الحالي الهادي مجدوب أمر غير ممكن، فان كان دافع النداء عدم رضاه على الوزير الذي اتهمه في السابق قادة الحزب بانه كان يسمح بالتجسس عليهم- في فترة الصدام بين قادة الحزب ومدير الأمن الوطني السابق عبد الرحمان الحاج علي- فان رئيس الحكومة لم يعلن سبب حرصه على تغيير المجدوب، لكن تفكير رئيس الحكومة في آمر الحرس الوطني لطفي براهم كمرشح بارز للمنصب يكشف ان الشاهد يريد التعامل مع وزير داخلية يتجاوب معه.

رغبة الشاهد في ان يكون وزير الداخلية من اختياره يقابلها ضغط الحزبين صاحبي الاغلبية في مجلس النواب، النهضة والنداء، عليه لتعيين الغرسلي، وان كان ضغط النداء من اجل تحقيق مطلبه، فان النهضة تضغط لتغير المعادلة بما يسمح لها بمرونة أكثر في التفاوض.

تفاوض يدار اليوم بين الحركة والشاهد بطرق رسمية وغير رسمية ويتعلق أساسا بوزارة التجارة، فالحركة متمسكة بان تظل الحقيبة الوزارية بيد امينها العام زياد العذاري فيما يرفض الشاهد ذلك كليا، خاصة وان تقييمه لعمل العذاري لم يكن في صالح الاخير بالمرة، فالعذاري ووفق تقييم رئاسة الحكومة، لم يوفق في تسير وزارته وتسبب في تداعيات خطيرة على الاقتصاد اولها انهيار الميزان التجاري بشكل «كارثي» مما ادى الى تراجع قيمة الدينار. رغم هذا التقييم يعرض الشاهد على حركة النهضة ان يمسك العذاري بوزارة اخرى غير التجارة التي يبدو انها قد تكون من نصيب مرشح من خارج حركة النهضة.

هنا يبدو ان الحركة تتعامل مع ورقة الغرسلي على انها ورقة تفاوض قوية تسمح لها بضمان بقاء التجارة بيد العذاري وان تعذر فعدم خروجها من «مناب الحركة»، اي ان يكون الوزير القادم مرشحا من قبلها.

لكن هذا ايضا محل اخذ ورد بين الشاهد والنهضة، اذ جد متغير في المعادلة وهو إعلان حركة مشروع تونس عن استعدادها لدعم الحكومة في البرلمان، وضمنيا التحاقها بشكل غير مباشر بحكومة الشاهد عبر وزراء من المقربين منها وليس من أبنائها، لتجنب المشاركة مع النهضة في حكومة واحدة بشكل صريح الامر الذي قد يحرج الحزب.

هذان هما العقبتان اللتان يوجههما الشاهد وعليه تجاوزهما لإتمام التحوير الحكومي، بعدهما لم يعد هناك عقبات كبرى امامه فقد توصل الى صيغ وحلول مع جل الاحزاب والمنظمات منها حركة آفاق تونس التي لم يحسم بعد معها ملف بقاء سميرة مرعى في وزارة الصحة من عدمه، وان وقع الاتفاق أوليا على ان الوزير القادم سيكون من آفاق.توافق ضمن به الشاهد تخلي آفاق تونس عن مطلب ابعاد المهدي بن غربية من الحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115