حركة النهضة والتحوير الوزاري: موقفنا «نصيحة» من أجل الصالح العام

أعلنت حركة النهضة عن موقفها من التحوير الوزاري بعد اجتماع مكتبها التنفيذي، يومين بعد لقاء رئيسها راشد الغنوشي برئيس الحكومة يوسف الشاهد، يومان كانا كافيين لتقرر الحركة أن البلاد تحتاج اليوم إلى تحوير وزاري جزئي يسدّ الشغور وترك التحوير الواسع إلى ما بعد الانتخابات البلدية. موقف قال القيادي في الحركة سامي الطريقي انه «نصيحة» لا

إلزامية فيه للحكومة لها أن تتركه ولكن مصلحة البلاد تستوجب ان تأخذه بعين الاعتبار.

انتهى اجتماع المكتب التنفيذي لحركة النهضة يوم الإربعاء الفارط بان اصدر بيانا قال فيه انه وبعد مناقشة عدد من القضايا الوطنية منها التحوير الوزاري المرتقب لحكومة الوحدة الوطنية والانتخابات المحلية طالب المكتب التنفيذي بأن يقتصر التحوير الوزاري على سد الشغورات فقط في هذه المرحلة.
طلب عبر عنه الناطق الرسمي باسم الحركة وبيان صدر عنها استهل بـ«تأكيد الحاجة إلى تحوير وزاري جزئي يسد الشغورات الحاصلة على مستوى وزارات التربية والمالية والاستثمار»، والحاجة مردها اقتراب استحقاقات هامة منها العودة المدرسية وإعداد مشروع قانون مالية 2018.
أما التحوير الوزاري الواسع، فالمكتب التنفيذي لحركة النهضة يرى بتأجيله إلى ما بعد الانتخابات المحلية المقبلة، أثرها يمكن القيام به بعد تقييم أداء الوزراء على أساس وثيقة قرطاج ، كما يجب ان يكون بعد مشاورات مع الأطراف الممضية على وثيقة قرطاج من أحزاب ومنظمات.
موقف تمثل دلالاته السياسية انتقالا في تموقع النهضة من الحكومة، وبداية صدام معها. لكن سامي الطريقي القيادي في الحركة يقول بعكس ذلك، فالنهضة لم تغير في موقفها من حكومة الشاهد، وهو الدعم ولا شيء غيره، لكنه وتجنبا لعدم وضوح الصورة في المشهد العام، ان تعلق الامر بالتحوير الوزاري اختارت ان توجه نصيحة للشاهد مفادها ان يتبع مقولة «الأهم فالمهم» .

ففي ظل عدم وضوح التفاصيل الكبرى للتحوير الوزاري، الذي يعبر عنه سامي الطريقي بقوله «الصورة غير مكتملة»، ليستطرد ويشرحه اكثر بقوله ان رئيس الحكومة يواجه صعوبات مع الاحزاب بشان التحوير الوزاري مما قد يستوجب مزيدا من الوقت، وهو ما تخشى الحركة ان تكون له تداعيات على الوضع العام في البلاد.
إذ أن البلاد مقبلة على افتتاح السنة الدراسية وتفصلها أسابيع عن انتهاء اجال إيداع مشروع قانون المالية أمام البرلمان، ولتجنب اي اشكال يقول الطريقي ان الحركة «نصحت» الشاهد بان يتجه «للأهم» وهو سد الشغور عبر تحوير وزاري مضيق، وان يترك التحوير الوزاري الى ما بعد الانتخابات المحلية لتجنب التشويش عليها.
تشويش تقول النهضة أنها تريد ان تتجنبه وان تتجنب عزوف التونسي عن المشاركة في الانتخابات، وهو ما تخشاه ان استمر الحال ولم تقع تسمية وزير للتربية قبل انطلاق السنة الدراسية لطمأنة التونسيين. ولتحقيق هذا «اقترحت» النهضة على الشاهد رأيها الذي يشدد الطريقي على انه «ليس امرا».فالنهضة ولدى تقديمها للمقترح تسعى الى «الصالح العام» الذي يفترض عدم التشويش على المناخ الانتخابي من جانب آخر.

«نصيحة» توجهت بها النهضة بعد نقاشات داخلية صلب مكتبها التنفيذي الذي قال الطريقي انه ناقش عدة خيارات وفي الاخير دعم الخيار الذي يعتبر انه يخدم الصالح العام، دون ان يغفل عن الاشارة الى ان الحركة تلزمها خياراتها ودوافع هذه الخيارات و«ليس تأويلات» من يتعاطون مع قراراتها على انها «تبطن ما لا تعلن».
نفي للتصادم مع الحكومة يتكرر مرة أخرى على لسان سامي الطريقي الذي نفى ان تكون الحركة اتخذت هذا الموقف «دفاعا» عن أمينها العام زياد العذاري، وزير التجارة والصناعة الحالي، فالأمين العام سيستمر في الحكومة كعضو فيها، وبالنسبة لإعادة هيكلة الوزارة وفصل التجارة عن الصناعة فهو أمر «لا إشكال فيه».
ليس هذا فقط فالنهضة لم «تقترح» بان يقع تأجيل التحوير الوزاري الى ما بعد الانتخابات المحلية بهدف تعزيز منابها في الحكم، فهي غير ضامنة ان تحقق النتائج المرجوة كما انها قادرة ان ارادت ان تطالب اليوم بذلك.
فالنهضة ووفق الطريقي ورغم تغير الموازين في مجلس نواب الشعب كانت وفية لخيارها السابق ولم تطالب بان تكون مشاركتها في الحكومة متناسقة مع حجمها في المجلس، لكن الحركة لم تطالب بذلك من منطلق حرصها كما يقول القيادي على المصلحة العليا. لكن المصحة العليا لا تعنى ان الحركة تقوم بالسياسة من منطلق «طهري» فهي في النهاية كما يشير الطريقي حركة سياسة لها مصالح واهداف.

اهداف يبدو ان الحركة تريدها ان تظل غير معلنة في الوقت الحالي، لذلك حتى وان طلبت من الشاهد ان يقتصر تحويره الوزاري على سد الشغور، فهي تنصحه ولا تأمره، وذلك لتجنب اعلان الصدام من قبلها، فالحركة لن تعترض ان رفض الشاهد نصيحتها فله الحرية في ذلك وفق الطريقي.
كما ان النهضة لا تخوض صراعا مع رئيس الحكومة وهو ما شدد عليه كثيرا القيادي في الحركة الذي ذهب الى القول بان البعض يسعى الى خلق هذا الصراع والترويج له للإيقاع بين الحركة والحكومة وأيضا بين الحركة ورئاسة الجمهورية.

أحزاب الحكومة
التحوير معمق
لا تذهب احزاب الحكومة واساسا حركة نداء تونس الى الصدام مع حركة النهضة بعد موقف المكتب التنفيذي الاخير الذي طالب بان يقتصر التحوير على سد الشغور، بل هي تتفهم المطلب وتعتبره من حق الحركة الافصاح عنه، وهو ما ذهب اليه سفيان طوبال رئيس كتلة الحزب في البرلمان.
لكن نداء تونس وعلى لسان سفيان طوبال، يعتبر ان صاحب القرار الاول والاخير في هذا الشان هو رئيس الحكومة الذي له كامل الصلاحية والحق في ان يختار الصيغة الأنسب له في التحوير الوزاري، اي ان يقرر اذا اراد الاقتصار على سد الشغور او إجراء تحوير واسع.فهو صاحب سلطة تقرير ما هو أصلح لحكومته. مقابل هذا يشير طوبال انهم قدموا مقترحاتهم لرئيس الحكومة ومرشحي حزبهم لحقائب وزارية في التحوير.

موقف متشابه مع النداء في تجنب الافصاح عن صدام مع النهضة في هذا الوقت يذهب اليه آفاق تونس ليعلن المهدي الرباعي عضو المكتب السياسي للحزب بانهم مع تحوير واسع وانتظار ما ستكون عليه صورة الحكومة قبل الحسم فيها.
فقط الحزب الجمهوري اختار ان يذهب بعيدا في قراءته للموقف ويعلن ان النهضة تريد ان تستغل نتائج الانتخابات البلدية لاشباع نهمها للحكم، وهو ما قاله عصام الشابي، الامين العام للحزب، الذي قال ان حزبه لا يقول بإقتصار التحوير على سد الشغورات في الحكومة بل يجب ان يكون مناسبة لإدخال تعديل في حكومة الوحدة الوطنية وان يكون تحويرا هاما يعطي نفسا لحكومة الشاهد لتنفيذ وتدارك ما فاتها في الأسابيع الاخيرة نتيجة التعطل الذي طرأ على عملها. ليعلن ايضا انه يخشى ان يتآكل رصيد الثقة الذي حققته الحكومة في حملتها على الفساد ان هي اختارت الذهاب الى سد الشغورات فقط، وهنا يشدد الشابي على ان الحكومة ليست قطع صلصال يمكن للاحزاب ان تشكلها متى ارادت، في تعليقه على موقف النهضة الذي اعتبر انه غير مقبول ان يطالب حزب الحكومة باجراء تحوير وزاري كل اربعة اشهر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115