الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي : تحالف لساعات ينهيه حراك تونس الإرادة

لا يبدو ان التحالف بين الجبهة الشعبية وكل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب، او التنسيق المشترك كما يرغب أهله في تسميته، سيكتب له الاستمرار، فساعات قليلة تفصل بين الإعلان عن اتفاق مبدئي بين الأطراف الثلاثة وبروز اول ازمة حملت معها تلويحا بالتراجع عن الاتفاق من قبل الجبهة الشعبية ورفضا لوضع أي شروط من قبل التيار الديمقراطي، والسبب هو حراك تونس الإرادة.

كشف حزب التيار الديمقراطي عن استراتيجيته في الانتخابات البلدية، القائمة على ثلاثة خيارات، كشفها غازي الشواشي الأمين العام للحزب في تصريح لـ«المغرب» ، قال فيه أنّ المجلس الوطني للحزب أوصى بان يتجه الحزب الى خوض الانتخابات البلدية بقائماته الحزبية وان تعذر ذلك فله ان يتقدم في إطار قائمات تضم مستقلين وشخصيات جهوية مشهود لها بالكفاءة وفي حال تعذر هذا أيضا له ان يتقدم في قائمات ائتلافية مع أحزاب المعارضة دون غيرها.

ثلاثة خيارات دفعت بالتيار إلى التسريع في نسق لقاءاته بكل من حركة الشعب والجبهة الشعبية بهدف الوصول الى اتفاق أوّلي ينص على ان يتقدم الأطراف الثلاثة بقائمات ائتلافية في المناطق التي لا يستطيع أي منها تقديم قائماته الحزبية أو قائمات مواطنية.
الاتفاق بين الأطراف الثلاثة نص على التنسيق بينها لتكوين قائمات مشتركة بالجهات التي يصعب فيها تكوين قائمات لعدة اعتبارات منها مبدأ التناصف وغيرها، ليشير غازي الشواشي الى ان الاتفاق بينهم مرده صعوبة خوض الانتخابات البلدية في الدوائر 350 نظرا لما يتطلبه ذلك من إمكانات مادية واستعدادات كبيرة.

لكن قول الشواشي ان حزبه سينسق مع حزب حراك تونس الإرادة أيضا لخوض هذا الاستحقاق في قائمات مشتركة ببعض الدوائر الانتخابية سرّع ببروز أزمة بين الحزبين والجبهة الشعبية، التي سارع عضو مجلسها المركزي محسن النابتي الى تقديم تصريحات صحفية قال فيها ان تنسيق التيار الديمقراطي جزئيا في الانتخابات البلدية مع حزب حراك تونس الارادة غير مقبول ويلغي الاتفاق الحاصل بين الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وحركة الشعب حول خوض هذا الاستحقاق الانتخابي في قائمات مشتركة.

هنا تسارعت وتيرة الأزمة التي بحث كل من حركة الشعب والجبهة الشعبية على خفض حدتها الى حين عقد لقاء هذا الأسبوع مع قادة التيار الديمقراطي وطرح المسالة على النقاش من اجل الوقوف على حقيقة موقف التيار، وهو ما أكده زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب الذي شدد على ان اللقاءات بين الأطراف الثلاثة انتهت إلى اتفاق ينص على المشاركة بقائمات مشتركة كما التزم كل طرف منهم الثلاثة بالعودة لبقية المجموعة للتشاور إن فتح باب النقاش مع طرف حزبي جديد.

من جانبه أشار الجيلاني الهمامي القيادي في الجبهة الشعبية وحزب العمال ان الجبهة لم تناقش بعد التطور الاخير في موقف التيار، لكنه لم يغفل عن الإشارة الى ان الجبهة التزمت كما التيار وحركة الشعب بان تظل امكانية التنسيق مع أحزاب أخرى قائمة لكن مع استثناء احزاب الحكم وحركة مشروع تونس وحراك تونس الارادة من هذا.
استثناء قال الهمامي ان الأطراف التزمت به وان أي إخلال به سيجعل الجبهة الشعبية تعيد النظر في الاتفاق الحاصل بشان الانتخابات لكن هذا بعد الاستماع الى موقف التيار الديمقراطي رسميا في لقاء مرتقب.

محاولة الجبهة الشعبية وحركة الشعب منع تصاعد الازمة بترك المجال امام التيار الى مراجعة موقفه قبل اللقاء القادم لا يعنى ان الازمة قد انتهت، فالامين العام للتيار غازي الشواشي اكد في تصريح لاحق لـ«المغرب» ان حزبه حدد خياراته في الانتخابات البلدية وجعل الاولوية لقائماته الخاصة فيما ترك المشاركة في قائمات ائتلافية خيارا ثالثا.
هنا يشدد الشواشي على ان القائمات الائتلافية مع حركة الشعب والجبهة الشعبية منطلقها ان ثلاثتهم لهم نفس الأولويات وأنهم يتفقون على ان ما يجمعهم ليس تحالفا، انما «قائمة مشتركة ينتهي دورها عند انتهاء الانتخابات»، وهذا يسمح لحزبه بان يكون له خيارات عدة من بينها الترشح في قائمات ائتلافية مع حراك تونس الارادة في الدوائر الانتخابية التي لا يتواجد فيها كل من الجبهة الشعبية وحركة الشعب.

خيار يقول الشواشي انه لا يوجد مانع من تطبيقه وانه يستغرب من انزعاج الجبهة الشعبية من هذا طالما ان ما يجمعهم ليس تحالفا، وهنا شدد الشواشي على ان نقاشات حزبه كانت مع مجلس امناء الجبهة وقادة حركة الشعب أي ان أي موقف يصدر عن غيرهم غير ملزم لهم، لكنه لم يغفل هنا عن التشديد ان حزبه لن يقبل بوضع شروط أمامه للحفاظ على «الاتفاق الأولي» بينه وبين الطرفين.

ازمة يبدو ان قواعد الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي سيعمقونها، باعتبارها الخيار الافضل لفك الارتباط الذي لم ينل رضاهم، كما يبدو ان قادة الطرفين سيجدون أنفسهم امام خيار التصعيد لإرضاء هذه القواعد الغاضبة من هذا التقارب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115