انطلقت رئاسة الجمهورية في سلسلة لقاءاتها مع أحزاب الحكم، ناقش فيها الباجي قائد السبسي ملفات رئيسية أبرزها الحملة على الفساد وقانون المصالحة الاقتصادية والوضع العام في البلاد، ووفق ما أكدته مصادر من رئاسة الجمهورية لـ»المغرب» فإن اللقاءات ليست بشرطها أن تقتصر على الموقعين على وثيقة قرطاج ويمكن أن تشمل شخصيات وطنية وأحزابا سياسية أخرى وذلك في محاولة للبحث عن
حاضنة شعبية كبيرة للشاهد في الحرب ضدّ الفساد باعتبار أن المعركة ليست هينة بل تستدعي تظافر جميع الجهود.
في رسالة رئيس الجمهورية إلى الأحزاب
يريد رئيس الجمهورية وفق ذات المصادر النزول بثقله وبصلاحياته لمساندة يوسف الشاهد في محاربة الفساد والتي تعدّ من أولوية الأولويات الوطنية والحرب تتطلب وقفة حازمة من الجميع، وهذه الرسالة هي التي يسعى إلى تبليغها إلى مختلف الأحزاب السياسية، مع دعمه المتواصل للحكومة وللمجهودات التي تقوم بها بالرغم من الانتقادات والاتهامات الموجهة ضدها. وبالنسبة إلى اللقاءات المنتظرة مع بقية الأحزاب، أكدت مصادرنا أن هذه اللقاءات لا تبرمج مسبقا وتتم حسب أجندا عمل رئيس الجمهورية وتحديد مواعيد بصفة مسبقة ليس مهما بقدر أهمية أهدافها، ذلك أن للأحزاب السياسية دورا في أن تكون سندا للحكومة من اجل إنجاح مجهوداتها ومقتضيات هذه المرحلة التي تعد صعبة، مشبهة الحرب على الفساد كالحرب على الإرهاب.
بعد حركة النهضة ونداء تونس، استقبل رئيس الجمهورية أول أمس وفدا عن حزب آفاق تونس يتقدّمه رئيس الحزب ياسين إبراهيم في إطار مجموعة اللقاءات التي يجريها رئيس الجمهورية مع ممثّلي الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية لدعم مجهودات الدولة في حربها ضد الفساد. وقد أكد ياسين إبراهيم أن اللقاء مع رئيس الجمهورية يندرج في إطار تجديد المساندة الكاملة لحزب آفاق تونس لمجهودات الدولة في مواجهة الفساد وضرورة أن تشمل هذه الحرب كل القطاعات، مع الحرص على توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتمكين الجهاز القضائي من أداء مهامه في أحسن الظروف والإسراع بالبت في قضايا الفساد.
رئاستا الجمهورية والحكومة في نفس الخط
وليد جلاد النائب عن الكتلة الوطنية بمجلس نواب الشعب أكد لـ»المغرب» أنه تمّ خلال اللقاء تأكيد رئاسة الجمهورية على دعمها المطلق للحرب ضدّ الفساد ودعمها أيضا لحكومة الوحدة الوطنية، وفنّد رئيس الجمهورية خلال هذا اللقاء كل ما يتم تداوله كونه ليس في نفس الخط مع رئيس الحكومة، مشيرا إلى أن الباجي قائد السبسي أكد لهم صعوبة الوضع وضرورة دعم الحكومة في هذه الحرب، فهي حرب طويلة الأمد وتحتاج إلى نفس طويل ولكن اليوم هناك إرادة جدية، إما الفساد أو الدولة وقد تولت الكتلة إبلاغ الرئيس دعمها لهذه الحرب وكذلك لمجهودات الحكومة وسيحرصون في إطار مجلس نواب الشعب على استعجال النظر في مشاريع القوانين ذات العلاقة بمحاربة الفساد.
الكتلة الوطنية جددت أيضا دعمها ومساندتها لحكومة الوحدة الوطنية ومجهودات رئاسة الجمهورية، وفق جلاد، مشددا على أن رئيس الجمهورية أكد لهم أن هذه حرب الدولة على الفساد وليست حرب يوسف الشاهد أي حرب شخص ومثلما تمّ كسب الحرب ضدّ الإرهاب، لا بدّ من النسج على نفس المنوال وعلى القوى الحية الوطنية دعم المعركة والحكومة على حدّ السواء. كما أوضح جلاد أن رئيس الجمهورية بصدد الالتقاء بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج. رئيس الجمهورية خلال لقائه أيضا لم ينس تجديد دعمه ومساندته للسلطة القضائية، فاليوم هناك إرادة سياسية قوية لمحاربة الفساد والتي تعدّ من أبرز بنود وثيقة قرطاج. هذا وأفاد رئيس الكتلة مصطفى بن أحمد في تصريح إعلامي أن اللقاء مع رئيس الدولة مثّل مناسبة للتعبير عن تمسّك الكتلة الوطنيّة بأولويات وثيقة قرطاج ودعمها لكل الجهود الرامية لمحاربة الفساد بمختلف تجليّاته، وهو ما يستدعي تظافر جهود جميع القوى السياسية والمدنية للوقوف إلى جانب حكومة الوحدة الوطنية في حربها على الفساد وإخراج هذه القضية من دائرة المزايدات السياسيّة وتوفير المناخ الملائم للسلطة القضائية حتى تقوم بدورها في أحسن الظروف.
إستراتيجية واضحة لمحاربة الفساد
بعد الكتلة الوطنية، كان لرئيس الجمهورية لقاء مع وفدا عن حزب حركة مشروع تونس يتقدّمه رئيس الحزب محسن مرزوق الذي أكد في تصريح إعلامي أن اللقاء مع رئيس الدولة أكدّ على انخراط حزبه في الحرب الوطنيّة على الفساد مع ضرورة أن تتوسّع هذه الحرب ضمن إستراتيجية واضحة لتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية وبإمكانها إنقاذ البلاد من اللوبيات التي تهدد كل مفاصل الدولة في ذاتها . محسن مرزوق بين أيضا أن اللقاء كان مثمرا وتمّ التطرق فيه إلى مواضيع الساعة منها الفساد والحزب يعتبر نفسه صاحب دور في هذه الحرب. كما تمّ التطرق إلى مسائل تخص الشأن الوطني العام وقانون المصالحة الاقتصادية، مشددا على أن الحركة منخرطة في كل الجهود الوطنية وفي أي سياسة تخدم المصالح العامة، فالحركة تحكم على سياسات وليس على مؤسسات وعلى مراحل باعتبارها متغيرة.