المهدي جمعة يعلن عن حزبه (البديل التونسي): أنا البديل

نقل المهدي جمعة رئيس الحكومة الأسبق، ما اكتسبه من عالم الأعمال معه وهو يلج الشأن السياسي والحزبي، لينعكس ذلك في خطابه وهو يعلن عن حزبه الجديد، ليتعاطى مع الساحة

السياسية على أنها سوق، تقوم على ثلاث ركائز: الزبون والمستثمر وحاجة تنتظر من يلبيها. لهذا يدرك جمعة ومن معه انهم يواجهون معضلة وحيدة واسمها «نداء تونس» التي تمثل العلامة التجارية المنافسة لعلامة «البديل التونسي».

حدث يوم أمس كان إعلان المهدي جمعة عن تقديم 15 شخصية لطلب تأشيرة حزب باسم «البديل التونسي»، حزب وسطي، إصلاحي شعاره « وطن، رؤية، إنجاز» يطمح إلى إعادة الأمل إلى التونسيين ويمثل استجابة سياسية للوضع الراهن. وفق بيانه التأسيسي الذي استعان جمعة بنسخة منه أثناء تقديمه لحزبه ولمبادئه ومهامه.

لكن جوهر خطاب جمعة السياسي لم تتضمنه الوثائق وان لمحت ببعضه، بل عكس في كلمته التي قامت على جمل فعلية بالأساس، وان لجأ للجمل الاسمية فكان للحديث عن الطبقة السياسية وعن التونسيين، وتظل الجملة المفتاح في خطابه «التونسيون انتقلوا في ظرف سنتين من الأمل إلى خيبة الأمل»، لتشرح كل ما سبقها وما سيليها من جمل.

خيبة الأمل التي كانت حاضرة بقوة في كلمة جمعة، كانت تقترن بشكل شبه صريح بالماسكين بالحكم وحكومتهم، وأساسا بحركة نداء تونس، التي اعتبرها جمعة فشلت في تحقيق وعودها للتونسيين. وفشلت في جعل السياسة رديفا للمسؤولية والإرادة والعمل، لتكون اليوم كما ينسبها جمعة للبعض دون ذكرهم «فن المكر».

مكر جعل ،وفق جمعة، الساحة السياسية تعاني من «وسخ» حال دون أن تلتحق النساء بساحتها لأنهنّ «لا يحببن الوسخ» ،جمعة دعا المرأة إلى أن تلتحق بحزبه « متعهدا بان الحزب له مقاربة مختلفة عن الآخرين، قوامها المسؤولية والالتزام والنزاهة. وان المواقع عمادها كفاءة الشخص.

كلمات جمعة وردّه لاحقا عن الأسئلة الموجهة إليه من الصحفيين، كانت قائمة على ثنائية إبراز «الانجازات» التي قامت بها حكومته مقابل «فشل» الأخر في تحقيق أي انجاز يذكر، والأخر في العقل السياسي لجمعة ومجموعته هو «نداء تونس».

حركة حاكمة كان ظلها يخيم على قاعة الندوة الصحفية بنزل في العاصمة وان تجنب جمعة ان يذكرها، لكنه دّل إليها سامعه، هو من امسك بالحكم منذ سنتين ومعه فرض صندوق النقد الدولي شروطه على تونس، والحال ان الصندوق مع حكومته (جمعة) لم يفرض إدراج «فاصل» في الاتفاقيات، ومن جعل من تونس محاطة بالأعداء والخصوم وقد تسلم ملف العلاقات الدبلوماسية من حكومة جمعة ابرز ما أنجز فيه «صفر عداوات»، ومن هو الحزب الذي فاز في الانتخابات ولكنه اندثر، وهي تجربة قال جمعة انه لن يكررها حتى وان كان المقابل فوز حزبه في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، الرئاسية والتشريعية.

فمشروع «البديل التونسي» ليس مشروعا «شخصي» وفق جمعة الذي استشهد بوجود «كفاءات» شاركته في تجربة الحكم وتجربة النشاط الجمعياتي وتأسيس الحزب، مشروع يهدف إلى ان يجعل من أقواله انجازات.

في كل كلماته كان جمعة كمن يقلب قطعة نقدية في وجه مقابله، ووجهي القطعة ، حزبه وحركة نداء تونس. فان تعلق الأمر بحزبه يسترجع جمعة تجربة حكمه وكيف قاوم فيها الفساد بمشروع المعرف الوحيد، وكيف امسك بكبار الفاسدين وأودعوا السجن، في المقابل عندما أشار لمن يحكم اليوم فانه يشير إلى تشابك المصالح والمحسوبية التي استشرت في أجهزة الدولة. محسوبية قال أنها لا تجعل من يمسك بدواليب الحكم محاطا بمن يستطيع مقاومة الفساد وإنما بمتورطين مع الفساد ومراكز النفوذ «مثل ما هو حاصل اليوم»

كما استعان جمعة بمصطلح الكفاءة وهو يقارن بين حكومته، التي لم يكن على معرفة قديمة بأي من أعضائها وهم كفاءات وبين حكومة حالية قوامها «القرب والولاء» وغياب الكفاءة، ان تتبع الدلالات في كلمة جمعة والرسائل المبطنة بها ينتهي الى ان الرجل يقدم نفسه وحزبه على انهم البديل الجدي في الساحة السياسية.

بديل ليس مستعجلا على الحكم ولا راغبا فيه الا لخدمة الناس والدولة، من باب المسؤولية التي يدرك جمعة انها من الكلمات المفاتيح لسلب لب جمهور نداء تونس وجلبهم الى صفه، فهو يدرك ان السوق امامه مفتوحة لاستقطابهم إذ بين انه من سيلبي حاجاتهم، وحاجاتهم لا تلبى الا ان قدم «البديل التونسي» نفسه على انه بديل لحركة نداء تونس في كل تفاصيل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115