تداعيات إقالة عبيد البريكي من منصبه كوزير للوظيفة العمومية والحوكمة، وتعويضه بخليل الغرياني قبل أن يعتذر الأخير ويتم إلغاء الوزارة، ليست هي فقط من دفعت برئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى توجيه دعوة رسمية إلى قادة الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج للقائهم يوم غد السبت في قصر الحكومة بالقصبة.
فالشاهد الذي يقف وحكومته على بعد خطوات من أزمة حادة مع اتحاد الشغل بعد احتدام الأزمة بين نقابات التعليم من جهة وناجي جلول وزير التربية من جهة أخرى، وتعثر محاولة الخروج منها، في ظل غياب دعم سياسي للحكومة التي لم يجتمع داعموها معا منذ تشكيلها في أوت 2016. أكثرمن نصف سنة من العمل لم تسجل فيه آية محاولات للتنسيق بين الأحزاب والمنظمات مع الحكومة، بل وكانت التطورات تكشف تعمق عزلة حكومة الشاهد، الذي واجه انتقادات من كل الموقعين على اتفاق قرطاج وأخرها تسريب للمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي، الذي نشرته أسبوعية «الشارع المغاربي» وكشف غضب القيادي في النداء على رئيس الحكومة وانتقاده صراحة غياب التنسيق مع الحركة. بل والإشارة إلى انه أدار ظهره لها ورفض خدمتها والحال أن الحركة هي من أوصلته لموقعه في الحكومة التي يعتبرها نداء تونس تضم وزراء وأعضاء غير مرضي عنهم من قبلها بسبب إحاطتهم بالشاهد وعزله عن وزراء النداء، وقدرتهم على التأثير عليه.
غضب نداء تونس الذي كشف في التسريب يضاف الى عدم رضا حركة النهضة على غياب التنسيق مع الحكومة وبين الأحزاب السبعة المشاركة فيها، لتنادي بضرورة احياء تنسيقية أحزاب الحكم لتوفير دعم سياسي للحكومة وللتشاور بشأن كل الملفات السياسية وإدارة الحكم قبل اتخاذ أية قرارات. مقترح الحركة الذي كان تعليقات الأحزاب عليه هي التجاهل وعدم التفاعل معه، بل الإشارة إلى غياب أي تحالف يجمع الأحزاب وحركة النهضة ليكون هناك داع للتنسيق معها خارج الحكومة، وهو ما عبر عنه قادة آفاق تونس والمسار والجمهوري، الذي اكد عصام الشابي انه لا يدعم فكرة تاسيس تنسيقية للاحزاب تتولى مناقشة واتخاذ القرارات وتقدمها للحكومة لتطبيقها.
اعتراض الامين العام للحزب الجمهوري مرده رفضه ان يقع بعث مركز قوى ينافس الحكومة ويربكها، لكنه يدعم فكرة عقد لقاءات جماعية مع رئيس الحكومة كلما اقتضت الحاجة لاتخاذ قرارات هامة.
ومن بين هذه القرارات ملف تقييم عمل الحكومة منذ تشكيلها الى اليوم على ضوء التزاماتها وأولوياتها وفق وثيقة قرطاج، وهي إحدى النقاط الثلاث الرسمية على جدول أشغال الاجتماع الذي ضم نقطتين إضافيتين وهما، الانتخابات البلدية والاستعدادات لها وضبط مواعيدها إضافة إلى ملف الإصلاحات الكبرى وضرورة التوافق بشأنها مع جيمع المعنيين. ثلاث نقاط اكّد عصام الشابي ان حزبه سيبحث عن إضافة نقطة رابعة وهي ملف المجلس الأعلى للقضاء.
لقاء يوم غد السبت الذي ستشارك فيه وفود عن الاحزاب التسعة وعن المنظمات الوطنية الثلاث يعتبره رئيس كتلة حركة نداء تونس سفيان طوبال باللقاء الهام الذي كان بطلب من الاحزاب وفق بياناتها المنددة بعدم التشاور معها في التحوير الوزاري الاخير.
لكن هذه النقطة التي اصبحت من الماضي ليست هي جوهر اللقاء وهدفه، فالشاهد الذي استجاب لطلب الاحزاب حرص على جمع كل من شارك في وثيقة قرطاج في اللقاء لاعادة صياغة توافق جديد بشأن الانتخابات البلدية والاصلاحات الهيكلية للوظيفة العمومية وقانون التقاعد والصناديق الاجتماعية بالاساس، كما انه يريد ان يعيد النقاشات الى مربعها الاول المحدد في وثيقة قرطاج.
حرص الشاهد على دفع الأحزاب والمنظمات الى اعادة قراءات مواقفها من حكومته والتراجع عن الاتهامات الموجهة لها بالتنصل منن الوثيقة، ينعكس في جعله للنقطة الأولى من اللقاء هي تقييم الحكومة وفق ما حدد في وثيقة قرطاج، التي تنص على إصلاحات واجراءات عديدة باتت محل رفض وانتقادات من المشاركين في صياغة الوثيقة.
ولتجنب تكرار ما تم في قانون المالية 2017 وضع الشاهد ملف الإصلاحات على الطاولة، وهو بذلك يخبر الجميع انه جاء لتطبيق إصلاحات وقع إقراراها منهم، فإما ان يتبرؤوا منها ومن اتفاق قرطاج او ان يدعموها علنا.