جمال مسلّم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان: الإشكال يكمن في العقليات وأكثر من نصف النساء تعرضن للعنف

• سندفع للمصادقة على قانون مناهضة العنف ضد المرأة

أطلقت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان حملة مناصرة تهدف الى مناهضة العنف ضد المرأة تدعم مشروع قانون قدم منذ جويلية الفارط لمجلس نواب الشعب يقاوم كل اشكال العنف ضد المرأة، «المغرب» التقت رئيس الرابطة جمال مسلم للوقوف على آخر تطورات الحملة ومراحلها

• ما هو برنامج إحياء ذكرى 8 مارس ؟
الرابطة وشركاؤها يحتفلون باليوم العالمي للمرأة وهذا ليس جديدا علينا فنحن نحتفل منذ تأسيس الرابطة بهذه المناسبة من اجل الاقتراب أكثر من تكريس شعار المساواة بين المرأة والرجل، وهذه السنة بعد صياغة مشروع قانون أساسي مناهض للعنف ضد المرأة الذي سلم إلى مكتب المجلس في جويلية الفارط، ارتأينا في الرابطة وبقية مكونات التحالف الوطني المناهض للعنف ضد النساء أن ننظم حملة وطنية لمناصرة المشروع والدفع الى المصادقة عليه من قبل المجلس.

• خصائص هذه الحملة وتوقيتها؟
الحملة انطلقت بندوة وطنية في الرابع والخامس من مارس الجاري، بعد أن تم الإعداد لها مع شركائنا تحت شعار «المناصرة»، وبذلك انطلقت أولى حلقات الحملة، فالندوة شارك في فعالياتها مئات الأشخاص من النشطاء في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومن جمعية النساء الديمقراطيات ونشطاء جمعيات أخرى.
وقد كان موضوع الندوة هو قراءة مشروع القانون ونقاط قوته وضعفه وكيفية دعمه، وانتظمت ورشات انتهت الى تحديد ادوار ثلاثة فاعلين في المسألة وهم المجتمع المدني والإعلام والفاعلين في السياسة.

• تشير الى ان مشروع القانون تضمن نقاط ضعف، فماهي؟
بعض نقاط ضعف تتعلق خاصة بمسألة التعهد بضحايا العنف، اذ ان القانون ذكر دور الدولة فقط دون ان يشير الى دور المجتمع المدني، في حين ان جمعيات ومنظمات تريد ان يكون لها دور منصوص عليه بالقانون خاصة وان عددا منها يقوم بالتعهد بالضحايا ويقدم لهن الإحاطة ويوفر لهن مأوى كجمعية بيتي وغيرها من الجمعيات.

• لكن النص القانوني، وتونس فيها العشرات من النصوص التقدمية، لن تغير من الواقع في ظل غياب وعي مجتمعي وتقبل للأمر؟
في 1956 صدرت مجلة الأحوال الشخصية وكانت ثورية على واقعها فلم يتقبلها التونسيون في الأول لكن مع الوقت تأقلموا معها واليوم لا يوجد من يدعو إلى التراجع عن المجلة او من يرى التخلي عنها.وأظن أن ذات التجربة ستتكرر مع مشروع القانون الحالي، بعد المصادقة عليه.

الإشكال يكمن في العقليات، وجزء من المجتمع التونسي لا يرى عيبا في تعنيف المرأة جسديا وجنسيا ومعنويا واقتصاديا وسياسيا. واليوم اكثر من نصف النساء تعرضن للعنف على الأقل لمرة واحدة، وهذا تكشفه الدراسات والاحصائيات، والعنف ليس ماديا فقط بل معنوي، والجيد في مشروع القانون الحالي انه اعتمد تعريف العنف بالاستناد للمرجعيات الكونية لحقوق الإنسان، ليكون التعريف يشمل كل إشكال التمييز ضد النساء.

ان الرابطة تعايش وضعية النساء بصفة عامة والعنف ضدهم بصفة خاصة وقد أطلقت حملتها الوطنية على مستوى الجهات وتشمل كل الأقاليم التي سنعقد فيها ندوات إقليمية سيشارك فيها نشطاء الرابطة والمجتمع المدني من جمعيات شريكة معنا ومن خارجها، بهدف التثقيف بضرورة القضاء على الظاهرة المقيتة في المجتمع.

والهدف من الندوات هو رفع مستوى الوعي المعرفي للمناضلين ذوي العلاقة بمسألة العنف ومشروع القانون، ليدركوا في الأخير ضرورة الدفاع عن مشروع القانون والضغط من اجل إصداره. أما البعد الثاني للندوات فهو الرفع من القدرات الاقناعية للمناضلين والمناضلات، لإدارة النقاشات التي قد تعترضهم.

• الذهاب إلى المناضلين والمناضلات لن يغير من الواقع شيئا، فالندوة كمن يرفع من وعي من يدرك حقوقه عوضا عن الذهاب لمن يجهل حقه؟
نعلم انه لا يمكن ان نصل الى كل الشرائح مباشرة، لكن بإعدادنا ورفعنا للزاد الفكري والمعرفي للمناضلين يمكننا لاحقا ان نصل الى كل النساء، في الريف والأحياء الشعبية والمصانع والمدارس والأسواق. نحن نؤمن بان اي عمل يتصدى لثقافة العنف وينبذها هو ايجابي بطبعه.

• تقول ان لا احد يطالب بإسقاط المجلة والحال أننا عشنا على وقع مطالب تعدد الزوجات وإلغاء التبني والعودة عن كل ما حملته المجلة نفسها؟
جزء من التونسيين طالبوا بتعدد الزوجات وهم لا يمثلون رقما هاما، اننا اليوم في عصر الحرية وفي بلد شهد ثورة ولم يعد هناك قيود على التعبير والفكر لذلك من الطبيعي ان تتعالى بعض الأصوات المطالبة بتعدد الزوجات وعودة المرأة الى البيت وغيرها من القضايا التي جاوزها المجتمع. وحملة المناصرة التي اطلقناها من بين اهدافها اقناع نواب المجلس بعد ان تعالت اصوات تنادي باسقاط القانون والتصدي له.

• هل هناك من طالب بهذا؟
اجل هناك بعض الجمعيات تعتبر ان العنف في إطار الزواج أمر عادي كما العنف ضد الأطفال ولا تقبل بتجريمه، وقد تصاعدت هذه الأصوات ويمكن ان تتنامى لاحقا لتكون عنصرا يعرقل تمرير القانون.

• هذا القانون ما الذي سيقدمه للمرأة في ظل ترسانة قانونية لا تطبق حاليا؟
ان القانون الحالي اعتمد تعريف مراجع حقوق الانسان الكونية، ونص على بعد وقائي بما في ذلك البرامج التربوية والعمل الثقافي كما اهتم بمسألة الاحاطة بضحايا العنف والتعهد بهن. كما نص على العقوبات الزجرية.

• العقوبات منصوص عليها في القانون الحالي لكن هناك ثغرات تسمح بإفلات الجناة كما في قضايا الاغتصاب؟
مثل قضية الكاف التي وقع تزويج قاصر تعرضت للاغتصاب من مغتصبها وباثر الحملة التي جرت تعهد رئيس الحكومة بتنقيح الفصل 227 مكرر، ان حملتنا تهدف الى تمرير القانون الذي ينهي العمل بقوانين تنتقص من حقوق المرأة والطفل، بل ويلزم مؤسسات الدولة على حمايتها، اليوم ان تقدمت امرأة بشكاية لمركز امن يتدخل عون الامن ليثنيها كما يتدخل الطبيب بحجة انه اب اطفالها ولا يجب سجنه، وهذا استبطان للعنف ضد المرأة نعمل على انهاءه والدفع الى تغيير الواقع الذي ندرك اننا نحتاج لعقود للوصول الى ما نبتغيه.

• هل توجد اطراف سياسية ضد مشروع القانون ؟
حاليا لا توجد، نحن ننتظر النقاشات وما ستفرزه ليتبين الأمر لنا، وان وجدنا نوابا غير مقتنعين بمشروع القانون سنعمل على اقناعهم وسنشركهم في نشاطاتنا بالجهات ليدركوا أهمية سن القانون الذي يقر للمرأة حقها كمواطنة ويحميها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115