المشاركة في الحكومة وأساسا حركة نداء تونس، فالغنوشي يتوقع جيدا موقف بقية الأحزاب، التي أعلن قادتها أنهم لم ولن يتحالفوا مع الحركة.
ايام قليلة بعد المصادقة على قانون الانتخابات البلدية والمحلية، أعلن رئيس الحركة عن موقف الحركة الأولي من التحالفات في الانتخابات، راشد الغنوشي الذي ظل محافظا لأكثر من سنتين على «نهج التوافق» يرغب ان ينتهي هذا النهج بقائمات مشتركة في الانتخابات البلدية القادمة.
رغبة عبر عنها بشكل صريح في حوار له مع وكالة الأناضول من تركيا أثناء زيارته لها، ليعلن وفق ما نقلته الوكالة ونشره الغنوشي على موقعه الرسمي وصفحته على شبكة التواصل الاجتماعي الفايسبوك، بقوله «نحن حريصون على ألا يحدث في الانتخابات البلدية استقطاب ثنائي بين تيارين، وإنما أن تتمّ الانتخابات في ظلّ توافقات، ونحن منفتحون على التوافقات مع الجميع بما في ذلك تشكيل قائمات مشتركة». متابعا قوله بـ«لكن إلى حد الآن النهضة لم تضبط استراتيجيتها بعد، هي حريصة على العمل المشترك والتوافق، وعلى انتخابات بلدية تعزز ديمقراطيتنا ولا تجعل منها صدمة وتراجعا إلى الوراء، وإنما مضيا إلى الأمام، وبلادنا احتاجت ولا تزال محتاجة، وستستمر إلى أمد محتاجة إلى تجربة التوافق».
ترك الباب مفتوحا على كل الاحتمالات دون تحديد اي حزب او عائلة سياسية يقصدها، لا يخفى مقصد رئيس الحركة، الذي يدرك أنّ رسالته وان كانت موجهة للجميع فإنها تستهدف أحزابا بعينها وهي الأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، وبدورها ليست جميعها معنية بذات الدرجة.
نداء تونس : نقبل ...لا نقبل
إذ ان راشد الغنوشي الذي أعلن عن هذا الموقف ثلاثة أيام اثر لقائه برئيس الجمهورية، يدرك ان الاحتمالات ضعيفة ان تعلق الامر بقبول جلّ الأحزاب المشاركة في حكومة يوسف الشاهد -لا تنظر الى وجودها مع حركته في ذات الحكومة على انه تحالف- لدعوته الى تشكيل قائمات مشتركة.
لكن الاحتمال الذي يراه «الشيخ» قائما هو قبول شق حافظ قائد السبسي في نداء تونس بمقترحه، وهو غير مستبعد خاصة وان قادة هذا الشق عدّلوا من مضمون تصريحاتهم بشأن التحالفات الانتخابية، فبعد رفض التفكير في إمكانية التحالف مع النهضة في الانتخابات، بات الامر واردا وله ايجابيات، وفق ما اكّد جلال غديرة القيادي بالحزب وعضو مجلس النواب.
غديرة اكّد في تصريح لـ«المغرب» ان الآراء في حركته «نداء تونس» متعدّدة بشأن إمكانية التحالف مع النهضة، رغم ان الأمر لم يناقش بعد بشكل رسمي، لكن هناك أصوات قال إنها تدعم فكرة الذهاب الى الانتخابات في قائمات مشتركة مع النهضة وأحزاب أخرى، وهي اصوات ترفض ان يقع رفض الامر دون نقاش والنظر الى كل المقترحات التي ستقدم للنداء.
غديرة بدوره يعتبر وفق رأيه الشخصي ان المقترح يجب ان يناقش، وان كل الآراء في هذا الامر لها ايجابيات وسلبيات، اي ان نداء تونس ان قرر رفض المقترح وقرر الذهاب بمفرده للانتخابات فان لهذا القرار سلبيات لم يحددها غديرة، لكنه في المقابل حدد سلبيات الذهاب الى الانتخابات بقائمات مشتركة، وهي موقف قاعدة النداء من القرار الذي ستتخذه القيادة ان هي لم تستشرهم. اي ان قبول قواعد الحزب بالتحالف مع الحركة سيكون ضروريا ان قررت قياداتها ان تتحالف مع النهضة.
هذا الموقف ليس موحدا صلب النداء وكتلته، فليلى الشتاوي لها رأي مغاير، رغم إقراراها هي الأخرى بان الامر لم يطرح للنقاش في هياكل الحزب وكتلته مطلقا. اذ تعتبر النائبة بمجلس نواب الشعب عن حركة نداء تونس أن النقاشات بشأن الذهاب الى الانتخابات في قائمات موحدة مع حركة النهضة ستكون حادة ولن يقع السماح بتمرير هذا القرار الذي سيكون له تداعيات على قواعد الحزب وناخبيه.
افاق تونس والمسار الديمقراطي: لا نقبل بتحالف من خارج عائلتنا السياسية
تعدد الآراء في حركة نداء تونس، التي اعلن شق الهيئة التسييرية انه لن يتحالف مع حركة النهضة، يقابله وضوح لدى كل من حزبي آفاق تونس، والمسار الديمقراطي الاجتماعي، اذ حسم الناطق الرسمي لآفاق تونس وليد الصفر الأمر واكّد ان حزبه غير معني بمقترحات حركة النهضة بشان التوافق في الانتخابات البلدية، بل اعتبر ان القول بضرورة التوافق في الانتخابات يهدد الانتقال الديمقراطي في تونس.
ولا تقف انتقادات افاق تونس لمبادرة الغنوشي عند هذا الحدّ، بل تتعدى ذلك ليلمح وليد صفر ان من يعتبر ان هناك تحالفا بين الأحزاب المشاركة في الحكومة عليه ان يدرك ان وثيقة قرطاج ليست اتفاقا على تشكيل تحالف بل على حكومة وحدة وطنية.
رفض لمقترح تشكيل قائمات مشتركة مع حركة النهضة يقابله حرص على تشكيل قائمات مشتركة من آفاق تونس مع من يشتركون وإياه في العائلة السياسية، التي يحدّدها صفر بثلاث كلمات ديمقراطية ، تقدمية، حداثية.
عدم التحالف مع من هم خارج العائلة الفكرية والسياسية هو ما يتمسك به ايضا حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، ليعلن جنيدي عبد الجواد ان حزبه غير معني بمقترح حركة النهضة ولن يقبل بتحالف معها، وبالنسبة لوثيقة قرطاج فهي ليست وثيقة تحالف سياسي وإنما أولويات حكومة وحدة وطنية يدعمها عدد هام من الأحزاب.
رفض التحالف مع النهضة يقابله اعلان ان المسار معني بعقد تحالفات مع احزاب تقدمية والجبهة الشعبية، مع الاشارة الى ان الحزب يناقش مع من ينتمون للعائلة الديمقراطية فكرة تشكيل قائمات مواطنية تكون مفتوحة للمجتمع المدني والشخصيات الجهوية.
الجمهوري نحن مع قائمات مواطنية
الرفض الصريح من قبل آفاق تونس والمسار، يقابله رفض دبلوماسي من قبل الحزب الجمهوري، الذي ينعقد اول اجتماع لمكتبه التنفيذي نهاية الأسبوع، ليناقش ملف الانتخابات البلدية، التي اكّد وسام الصغير، عضو المكتب، ان حزبه لم يحسم بشان التحالفات فيها لكنه أشار الى ان المواقف الأولى للحزب التوجه لتشكيل قائمات مواطنية مع احزاب وسطية ديمقراطية.
قائمات قال انها لا تنطلق من النظر الى حركة النهضة وحركة نداء تونس كحلفاء، ليشير ان تعديل هذه النظرة صعب جدا. لكن هذا يظل واردا خاصة وان الامين العام للحزب، عصام الشابي تجنب التعليق على مقترح رئيس الحركة.
خروج راشد الغنوشي وتصريحه بان الحركة وان لم تحسم خياراتها فأنها ترغب في تكرار تجربة التوافق لتجنيب البلاد التجاذب والاستقطاب الثنائي في الانتخابات، في نصف الأول دعوة للتحالف الانتخابي ، مع الرغبة في ان تتفاعل معه حركة نداء تونس، وهو واثق من ان هناك من سيدفع الى ذلك، اما نصفه الثاني فهو بحث عن عقد تحالفات ما بعد الانتخابات وقبلها، اي تشارك في ادارة البلديات على قاعدة تحالف مركزي يقتضي بان لا تكون الحملة الانتخابية ذات خطابات تحريضية.