وهي بالأساس المنتسبة للعائلة الدستورية/التجمعية، يشرح الكثير مما يحدث بين نداء تونس وبين رموز نظام بن علي من صراع من اجل الهيمنة على “المنظومة القديمة” والحديث باسمها.
منذ انطلاق أزمة نداء تونس اثر انتخابات 2014، انطلقت عمليات الاستعداد لوراثة «الرجل المريض»، ومن استعد هم بالأساس الأحزاب المنتسبة للعائلة الدستورية التجمعية، قبل ان تتغير الموازنة بدخول حركة مشروع تونس الى معترك تقاسم الكعكة.
هذه الكعكة التي تتمثل في القاعدة الانتخابية لحركة نداء تونس وفي القواعد المنتسبة لهذا الحزب، هي محل مطمح العديدين ومنهم بالأساس منذر الزنايدي الذي انطلق في رسم مشروعه السياسي الجديد القائم على استقطاب أبناء الحزب القديم ولكن بالأساس استقطاب الغاضبين من حركة نداء تونس.
الزنايدي رغبت حركة نداء تونس في أوج أزمتها في فيفري الفارط ان تغريه بالالتحاق بها ضمن مبادرة حل الأزمة التي اقترحها النائب سفيان طوبال، فوفق المبادرة ستتجه حركة نداء تونس لمنذر الزنايدي وتتفاوض معه من اجل ان ينضم والمجموعة المحيطة به إلى النداء.
ولم يكن الزنايدي الوحيد الذي رفض ان يلتحق بهذه المبادرة التي لم تكن موجهة له وحده بل إلى كمال مرجان وحزب المبادرة، حيث يعتبر نداء تونس ان من ظل في العائلة الدستورية التجمعية خارج أسواره قد التحق بهذين المشروعين وعليه ان يلحقهما به من اجل تحقيق استقراره وتعويض خسائره التي تكبدها بانقسامه.
النداء الذي بحث على ان يقدم نفسه بعد أزمته الأخيرة على انه حزب لا يزال يستقطب مجموعات وشخصيات هامة تراجع عن اندفاعه في المفاوضات مع الزنايدي ومرجان بعد ان وجد ان «الثمن» مرتفع جدا، فالقادمون طالبوا وفق مصادر من الحزب بان يكونوا من بين القيادات الأولى للحزب الذي عاش ولايزال أزمة قيادات.
تراجع النداء عن الذهاب بعيدا في هذا الخيار يشرحه رضا بلحاج، رئيس الهيئة السياسية، في تصريح لـ«المغرب» اكّد فيه انه لم يشرع في اي مفاوضات مع الزنايدي وان الندائيين اليوم اجلوا الخوض في مسائل تتعلق بتوسيع الحزب هي حاليا غير مطروحة، دون ان ينكر ان التقارب معهم فيه فائدة ان تم في إطار جبهة. ولكن ترك الأبواب مفتوحة مرتبط بان لا يصبح النداء حزبا تجمعيا، فالأحزاب التجمعية فشلت ولا مستقبل لها في تونس، وفق تأكيده.
بلحاج الذي يعتبر أنّ رموز النظام القديم من أفضل أن يتواروا عن الصفوف الأولى في المشهد السياسي والحزبي التونسي، يدرك جيدا أن أولئك الذين يطالبهم بالاختفاء يراقبون تطور الأوضاع في حركته، فهم يراهنون على انهيار النداء وتواصل تفككه سيكون في صالحهم.
فالعقل السياسي الذي يحرك رموز النظام القديم العائدين للمشهد العام يتعامل مع الاوضاع من منطلق ان هناك حتميات ثابته لا تتغير، الاولى ان البلاد لا تتسع الا لحزبين هم وحركة النهضة، والثاني ان مكانهم عائد ليصبح شاغرا مع ازمة نداء تونس، وثالثا انهم وبعد سنوات الثورة الخمس يمكنهم ان يتقدموا كتجمعيين %100.
هذه الحسابات التي تحرك اليوم منذر الزنايدي، الذي ينكب على مشروعه السياسي الجديد القائم على تجميع شتات الحزب القديم سواء الذين ظلوا دون تنظم او ممن التحقوا باحزاب ووجدوا في الصفوف الخلفية.
فللزنايدي ثقة استمدها من حملته الانتخابية بان الوضع السياسي التونسي والحزبي بالاساس مهيأ لعودة الحزب القديم، فنداء تونس الذي استوعب الكثير من ابناء الحزب لم يعد قادرا على ان يحتضنهم في ظل خيارات جديدة في الحزب، عبر عنها بالحاج،وهي الحفاظ على التوازنات وعدم تغليب اي رافد على الاخر.
لكن الزنايدي قد يكون غفل عن امر هام وهو ان المشهد الحزبي في تونس لن يتسع لحزب تجمعي/دستوري صرف وتجربة انتخابات2011 و2014 بينت ان الواقع السياسي الذي ينطلق منه رموز النظام السابق قد تغير تماما.