في الذكرى السادسة لـ14 جانفي: ثورة فكرية، مشروع وطني جامع، وحكم محليّ ... لانجاز استحقاقات الثورة

يقف الجميع اليوم ليحيي ذكرى 14 جانفي 2011، وليقف على ما أنجز من استحقاقات الثورة التي عبرت عنها شعاراتها، شعارات لا تزال تردد في المناطق التي تعيش على وقع احتجاجات منذ 4 أيام، شعارات تدفع الطبقة السياسية سواء من هم في السلطة او من يعارضها

الى طرح سؤال ما الذي يجب فعله ليعود قطار الاستحقاقات الى مساره ويقع تحقيقها؟.

الإجابة عن سؤال ما المطلوب لتحقق الثورة استحقاقاتها، ليس إجابة معلبة جاهزة، فلكل طرف سياسي رده وتصوره الخاص، تصور ان جمع كما تجمع قطع الأحاجي، ستكون الصورة اشمل وادقّ، تحديد ما هي الخطوات المطلوبة لتحقق ثورة شعب ما وعدت به اهلها، من رخاء ورفاه وكرامة.

من الاجابات عن هذا، كلمات المهدي بن غربية، وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، التي تختزل في كلمات قليلة «ثورة فكرية»، كلمات تخنزل تصورا يقوم على ان التونسيين، من طبقة حاكمة وأحزاب في السلطة او المعارضة ومجتمع مدني بكل اطيافه ومنظماته، عليهم ان يغيروا من رؤيتهم وتصوراتهم لتكون منسجمة مع روح الثورة وأهدافها.

فللثورة أهداف يقول بن غربية انها صنفان، سياسية واجتماعية، السياسي فيها حقق منه الكثير وان اهدر التونسيون وطبقتهم السياسية 5 سنوات في نقاشات عن الهوية والمشروع المجتمعي، على أهميتها ما كان يجب ان تأخذ هذا الحيز. وأهداف اجتماعية تنموية تتطلب وقتا لتتحقق.

فشعارات الثورة ومطالبها كشفت استحقاقات واضحة، وهي التشغيل والقضاء على التميز بين الجهات، يطالب بن غربية الذي يتمسك بان هذا موقفه الخاص لا يلزم حكومته، بان الجميع مطالب بان يعي بها وان يعي بالأساس ان الثورة لا تخلق الثروة، التي هي اساس تحقيق المطالب الاجتماعية.

لذلك يعتبر بن غربية ا ن اولى الخطوات يجب ان تكون صوب تحقيق الثروة والاستثمار، للوصول الى تحقيق مطالب الثورة من رغد ورفاهية خلال سنوات، ولا يغفل الوزير عن التشديد على ان حكومته اختارت الطريق الصعب، بان تعيد تصويب بوصلة الوضع الاقتصادي وضرورة الإصلاحات الكبرى التي يجب ان يدعمها الجميع وان تقع ثورة فكرية تتمثل في التوقف عن طرح سؤال ماذا غنمت من الثورة والسؤال ماذا قدمت لها لتتحقق مطالبها؟.

ثورة فكرية يري بن غربية انها يجب ان تشمل التونسيين جميعا وطبقتهم السياسية، في المقابل يجد العجمي الوريمي القيادي في حركة النهضة إجابات أخرى للسؤال، فالوريمي يعتبر ان تحقيق اهداف الثورة يتم بتحقيق جملة من الأساسيات والحفاظ على ما تحقق، اولها ان تظل السلطة بيد الشعب يمنحها لمن يختار في انتخابات حرة ونزيهة، وثانيها ان يقطع التونسيون مع ثقافة الإقصاء، فتونس الثورة كما يقول الوريمي لا يمكن فيها ان نعوض اقصائيين قدامى بآخرين جدد لان هذا ضرب لروح الثورة وقيم الحرية.

عنصران يراهما ضروريين لتحقيق اجماع على مشروع وطني يحدد الإصلاحات الكبرى في كل المجالات، القضاء والتعليم والصحة والاستثمار والتشريعات والقوانين دون اغفال محاربة الفساد الذي يهدد تكافؤ الفرص وينسف الاصلاحات.
اصلاحات يراها الوريمي قادرة على ان تمكن التونسيين من تحقيق الرفاه والحد من البطالة التي اكد انها ليست قدر التونسيين وانه بالاستطاعة «الانتصار على غولها» توفير حياة كريمة للتونسيين.

حياة كريمة يراها عصام الشابي ، القيادي بالحزب الجمهوري، احد ابرز مطالب الثورة التي عبر عنها بمطالب العدالة الاجتماعية، مطلب قال الشابي انه من المفارقة ان يرفع والتونسيون يحيون ذكرى ثورتهم، مفارقة اكد ان النخب السياسية بمن فيها الحكومة او المعارضة عليها ان تدركها وان تدرك ان الوقت لم يعد وقت الوعود.

فالحكومات المتعاقبة وعدت التونسيين ولم تف، واليوم عليها ان توجه الاستثمار العمومي الى الجهات لأنه دون ذلك لن يوجه الاستثمار الخاص، من وجهة نظره، التي تشمل إقرارا بان وثيقة قرطاج لا تزال حبرا على ورق طالما لم يقع تنفيذ الإصلاحات وتنفيذ بنودها ذات الطابع الاجتماعي والتنموي.

هذه إجابات من هم اليوم عماد حكومة الوحدة الوطنية، إجابات لا تبتعد كثيرا في الجوهر عن رؤية من اختار المعارضة، فغازي الشواشي الامين العام للتيار الديمقراطي، ينطلق في إجابته من ضرورة ان تتوحد المجهودات وان يشارك الجميع في السلطة القائمة والأحزاب المعارضة او الداعمة والمجتمع المدني والهيئات دستورية في صياغة الحل.

حل يتمثل في مشروع وطني ينطلق من رؤية واضحة للمرحلة ومن تدقيق وتشخيص عميق للأوضاع، يساعد على وضع برنامج ينطلق تنفيذه، ويشمل إصلاحات كبرى، في القوانين التي تعطل الاستثمار والتنمية وتحسين الأوضاع، مشروع قال انه لن يكون ما لم يشارك الجميع من منطلق البحث عن الإصلاح والقدرة على اتخاذ قرارات موجعة وإيمان بالتضحية لصالح الاجيال القادمة. لكنه يأسف لغياب هذه الرؤية عن أحزاب الحكم التي يعتبرها منشغلة بتقاسم الغنيمة في بلد لم يحقق من استحقاقات ثورته شيئا.

تصور خامس للخطوات الضرورية لتحقيق أهداف الثورة يقدمه عدنان منصر، الامين العام لحراك شعب المواطنين، الذي يعتبر ان تحقيقها ينطلق من استكمال أهم مبدإ من مبادئ الدستور وهو اللامركزية، التي يعتبرها تتجاوز مسألة الانتخابات البلدية والجانب البيئي، فإرساؤها يرسى العدالة والديمقراطية التشاركية وهو ما سيخفف من حدة الاحتقان في الجهات التي لا تجد من يستمع الى مطالبها بسبب غياب الحكم المحلي.

إرساء اللامركزية سيجعل المواطنين، من وجهة نظر منصر، يدركون ان الديمقراطية والحرية «يوكلوا خبز» لان المسيرين المحليين سيكونون مدركين للاستحقاقات التنموية للجهة، لكنه بدوره يأسف لغياب رغبة السلطة الحالية في ارساء اللامركزية ويقول ان ذلك سببه عدم ايمانها بها.

ماذا نفعل لنحقق أهداف الثورة ، سؤال سيظل يتردد في تونس سنة بعد سنة ما لم يبحث الجميع عن حلول واقعية تغير حياة التونسيين الى الأفضل وتحفظ لهم حلمهم بتونس اخرى تحفظ حق اهلها وتكرمهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115