اغتيال الشهيد محمد الزواري: التخطيط للعملية انطلق منذ جوان 2016 وثلاثة تونسيين متورطون بشكل شبه مباشر

• الداخلية لا توجه اتهامات محددة للكيان الصهيوني
لاتزال عملية اغتيال الشهيد محمد الزواري تكشف عن تفاصيلها، بعد ان سبق و احدثت الصدمة والغضب وولدت مطالبة بكشف الحقيقة ومعاقبة من اذنب، والمذنبون لدى الشارع العام ثلاثة، حكومة لصمتها، الكيان الصهيوني لاقترافه الاغتيال ، ومن تعاون معه من ابناء

جلدتنا الذين كشفت الرواية الرسمية لوزارة الداخلية عن ضلوع عدد منهم بصفة غير مباشرة في الاغتيال الذي لم تحمّله صراحة لجهاز الموساد.

لا تزال الاسئلة المتعلقة باغتيال الشهيد محمد الزواري، يوم الخميس الفارط امام منزله بصفاقس، تتواتر لتتم يوم امس الاجابة عن جزء منها في ندوة صحفية انعقدت بمقر وزارة الداخلية التونسية ، كان من المفترض ان يشارك فيها رئيس الحكومة الذي تحول على عين المكان مصحوبا بفريقه، قبل ان يعدل عن قراره ويغادر مقر الوزارة تاركا الهادي مجدوب يتولى تقديم المعطيات الجديدة في قضية الاغتيال.

هوية الفقيد
وزير الداخلية الذي استهل كلمته بالحديث عن « النجاح » الامني في جمع معطيات وتفاصيل في فترة وجيزة ومنها تفاصيل عن هوية الفقيد الذي اطلق عليه الوزير صفات « القتيل » و «الهالك» و«المرحوم» معطيات لا تختلف عما نشر في الاعلام خلال اليومين الفارطين.

محمد الزواري مواطن تونسي يحمل الجنسية البلجيكية متزوج من مواطنة سورية، انتمى خلال 1989 الى حركة الاتجاه الاسلامي «النهضة» اثناء فترة دراسته التي من بينها فترة دراسة في الهندسة لم ينهها في تونس التي غادرها في 1991 بسبب الملاحقة الامنية وصدور احكام غيابية في حقه.

الزواري غادر تونس في اتجاه ليبيا ومنها الى السودان قبل ان يستقر في سوريا وينهي دراسته في شعبة الهندسة والطيران قبل ان يقرر العودة الى تونس سنة 2011 بعد سقوط الاحكام ضده وتمتعه بالعفو التشريعي العام. عودة اختار لها الفقيد ان تكون مخصصة للنشاط الاكاديمي والجمعياتي ليؤسس جمعية نادي الطيران في الجنوب المختصة في تصنيع وتركيب طائرات صغيرة يتم التحكم فيها عن بعد. اضافة الى نشاط مع شركات اجنبية منها شركة تركية وهو ما يفسر تواتر زيارته الى تركيا.
هذه هي المعطيات التي قدمتها وزارة الداخلية مع التشديد على انها لا تمتلك اية معطيات اخرى تربط بين الفقيد وحركة المقاومة الاسلامية حماس، التي نعى ذراعها العسكري كتائب القسام الفقيد يوم السبت الفارط وقال انه من كوادرها، التي تشتغل على مشروع طائرات الابابيل.

علاقة قالت الداخلية انها تجهلها كما انها لم تتصل بحماس للتاكد منها او الحصول على معطيات اشمل تملأ الفراغات في هوية الراحل، الذي قال الهادي مجدوب انه لم يسجل له اي نشاط سياسي منذ عودته في 2011وفق ما للداخلية من معطيات امنية لم تتضمن اي تحركات « مشبوهة » للرجل الذي عرف عنه محدودية علاقاته الاجتماعية وتكتمه الشديد وحماسته للمقاومة الفلسطينية التي وصفها الوزير بانها « امر عادي ».

التخطيط لعملية الاغتيال
بعد تقديم معطيات عن الزواري الذي تؤكد الداخلية انه زار لبنان لمرة وحيدة منذ 2011 كشف الوزير ان عملية اغتياله انطلق التخطيط لها مبدئيا منذ شهر جوان 2016 قبل ان يقع تنفيذها في 15 ديسمبر من نفس السنة، ومن ملابساتها انشاء شخصين اجنبيين شركة، استنتجت وزارة الداخلية انتماءهما الى جهاز استخباراتي اجنبي، لم تشر الى الكيان الصهيوني وجهاز الموساد، لدواعي التحفظ والقواعد الدبلوماسية
هذان الشخصان اللذان نشطا من النمسا والمجر لاستقطاب عناصر تونسية عبر موقع واب مخصص لتقديم عروض عمل في مجال الاعلام وصناعة الافلام الوثائقية، تمكنا في جوان 2016من تجنيد فتاة اصيلة ولاية زغوان لتشتغل معهم بطريقة غير مباشرة بعد ان اقنعوها بانها ستقوم باعداد أفلام وثائقية يقع بثها في قناة ماليزية.

وقد كلفت الفتاة بعدد من المهمات اتمتها لصالح المخططين للعملية الذين التقت بهما في مناسبتين اخرهما كانت في سبتمبر الفارط فيما اقتصر اتصالها بهما على تطبيقات «واتسب » و«الفايبر».
كما قام المشتبه في تخطيطهما لعملية الاغتيال باستقطاب شابين تونسيين، كلفا بفتح شركة للانتاج الاعلامي مقرها بصفاقس وطلب منهما توفير الهواتف وشرائح الاتصال وسيارتين وهو ما قاما به قبل ان يرفض احدهما ما طلب اليه من ترك السيارتين في مكان مخطط وترك مفاتيحهما ليقع استعمالهما من قبل فريق اخر.

تنفيذ الاغتيال
تشير وزارة الداخلية الى ان رفض التونسيين لترك السيارتين دون معرفة هوية من سيستخدمها دفع بمن خطط لعملية الاغتيال الى ان يطلب منهما اخلاء مقر الشركة واعادته الى صاحبه وبيع السيارتين وارسال الاموال اليه، مع اعطائه اوامر للفتاة بان تقوم باستئجار سيارتين بمواصفات محددة منها ان تكون احدهما ذات باب يفتح جانبيا، وهو ما قامت به الفتاة التي كلفت شخصين ، احدهما اصيل ولاية زغوان والاخر تونس بعملية كراء السيارتين وايصالهما الى صفاقس وتركهما بمفاتحيهما في نقطة معينة بتاريخ 13 ديسمبر الجاري كما طلب من الفتاة مغادرة تونس الي النمسا وهو ما قامت به بتاريخ 14 من نفس الشهر. الاعداد المادي لعملية الاغتيال التي نفذها شخصان لم تحدد وزارة الداخلية هويتهما مكتفية بالاشارة الى ان لديها تسجيلات فيديوان تكشف كيفية تنفيذ العملية. التي استخدمت فيها أسلحة من عيار 9 ملم مجهزة بكواتم صوت.

الجديد الذي كشفت عنه الداخلية هو ان عملية الاغتيال نفذها اجنبيان كشفت التحريات وشهادات شهود العيان انهما تحدثا بلغة اجنبية لم يقع تحديدها كما انهما يحملان سحنات اجنبية ايضا، هذان الاجنبيان نفت وزارة الداخلية ان تكون لها معطيات عن هويتهما او ان كانا قد غادرا تونس ام ظلّا بها. كما كشفت ان المخططين للعملية اعدا فريقين لتوفير الدعم التقني بطريقة غير مباشرة وحرصا على ان لا يحصل تقاطع بينهما قد يعرض العملية للخطر، وانه وقع الاستنجاد بالفتاة لتوفير السيارات بعد رفض الشابين التونسيين ذلك.
ما كشفته الداخلية ولكن رفض الوزير تقديمه هو ان بحوزتها معطيات عن هوية من خطط للعملية التي ترفض ان تتهم بها اسرائيل مباشرة مع التشديد على ان تونس ستقوم بتتبع الجناة قانونيا وستحرص على ادانتهم بعد ان تقوم بتجميع الادلة التي تربط بين الموساد وعملية الاغتيال.

فالوزارة لا يمكنها توجيه الاتهامات دون ادلة رسمية. كما قال الوزير في رده على سؤال «المغرب» مضيفا ان الاعلام يمكنه ان يتهم «الموساد» لان له حرية التعبيير ولكن الدولة لا يمكنها الاتهام بالاستناد الى الاستنتاجات التي وصفها بانها بديهية.
بداهة الاستنتاجات لن تكون داعما لتونس التي قال الوزير انها ستستنجد باصدقائها والأجهزة الاستخباراتية الغربية لجمع معطيات تدين «الجهاز الاجنبي» المورط في العملية التي تم ايقاف 10 اشخاص شاركوا بطريقة غير مباشرة في الاعداد لها.
هؤلاء العشرة من بينهم الفتاة التي قامت في وقت سابق بتغطية نشاط جمعياتي شارك فيه الفقيد لصالح « الجهاز الاجنبي » كما قامت بحوار معه عبر وساطة صديق له تعرفت عليه اثناء تغطيتها لتظاهرة في صفاقس.
ويضاف الى الفتاة الشابان التونسيان اللذان كانا يمثلان الفريق الاول المكلف بتوفير السيارات وشابان اثنان كلفتهما الفتاة بكراء السيارتين إضافة الى 5 اشخاص آخرين.

10 موقوفين ليس من بينهم من نفذ العملية او اشرف عليها تعتبره الوزارة نجاحا أمنيا يحقق في اربعة أيام لتنتهي الندوة الصحفية دون تقديم اي معطيات اخرى ولا شرح سبب مغادرة رئيس الحكومة لمقر الوزارة وهو من اعلن فريقه الاعلامي لـ«المغرب» انه سيشارك في الندوة ويقدم مداخلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115