محمد الزواري: الرجل اللغز الذي نعته كتائب القسام

محمد الزواري، مقتله كان خبرا محليا بات بعد 48 ساعة خبرا دوليا، مواطن تونسي قتل في سيارته من أمام منزله يوم الخميس الفارط بـ8 رصاصات استقرت في جسده فيما أخطأتها 12 رصاصة أخري، جريمة كلما مرّت الساعات أثارت حيرة الشارع الذي حينما افتقد المعلومة

عوضها بالاستنتاجات والتحاليل، لملء فراغات جاء بيان منسوب لكتائب عز الدين القسّام الذراع العسكري لحركة «حماس» ليملأ جزءا منها بمعطيات بعد أن جعلت الاستنتاجات من القتيل و قاتله لغزا.
سيظلّ يوم الخميس 15 ديسمبر 2016، تاريخا مسجلا في أذهان التونسيين وسيظلّ مرتبطا باسم مواطن تونسي كان شبه مجهول لدى الرأي العام قبل ان يصبح بمثابة اللّغز، محمد الزواري، مواطن تونسي أصيل ولاية صفاقس قتل صباح الخميس على يد مجهولين أطلقوا عليه وعلى سيارته 20 رصاصة من أسلحة مزودة بكاتم صوت.

غرابة الجريمة وغياب اي معطيات عن ضحيتها من قبل السلطات التونسية، الى حدود يوم أمس السبت 17 ديسمبر الجاري، ساعدا على انتشار الاستنتاجات وتحاليل كانت تعوض المعطيات والمعلومات الدقيقة، التي كانت فقط طوال اليومين الفارطين منحصرة في :

• مجهولين استخدموا اربع سيارات على وجه الكراء، من مناطق مختلفة لتنفيذ عملية القتل، عثر عليها مهجورة في مناطق مختلفة من تونس.

• مواطن تونس له من العمر 49 سنة قتل بـ8 رصاصات استقرت في جسده أمام منزله

• القتيل من المتمتعين بالعفو التشريعي العام وانه من المنتسبين سابقا لحركة النهضة وانه فرّ من تونس في 1991 بعد صدور أحكام ضدّه على خلفية الحملة الأمنية التي طالت الحركة وقياداتها، وقد أصدرت الحركة بيانا تستنكر مقتله يوم الجمعة دون أن تنسبه الى أبنائها.

• القتيل عاد من فرنسا ليستقر في تونس سنة 2012 وفق الرواية التونسية الرسمية (انظر مقال دنيا حفصة) التي تنسف رواية لبنانية تقول انه عاد ليستقر في تونس سنة 2013 قادما من سوريا.

• القتيل متزوج من امرأة سورية وكثير الترّدد على سوريا وتركيا ولبنان.

• القتيل مؤسس لنادي «طيران الجنوب» المختص في صناعة نماذج عن طائرات دون طيار مدنية الاستعمال.

• القتيل كان في تركيا قبل فترة قصيرة من مقتله.
هذه المعطيات القليلة تواترت طوال اليومين الفارطين، قبل ان يصبح الخبر دوليا وتنشر تقارير في مختلف الوسائل الإعلامية العربية، ليتضح جزء آخر من التفاصيل المجهولة عن الرّجل وابرز من نشر المعطيات كانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من حزب الله:

• الزواري كان في لبنان قبل مقتله ومنها انتقل الى تركيا عائدا الى تونس قبل 5 ايام من مقتله.

• الزواري وجه معروف لدى فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية.

• أسلوب تنفيذ استهداف الزواري مطابقة إلى حد كبير لطريقة اغتيال مسؤول «الوحدة الجوية» في حزب الله حسان اللقيس، الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2013

• الزواري التحق بكتائب القسام في تسعينات القرن الماضي واشتغل في «الوحدة الجوية» للكتائب، وكانت مهماته تصنيع الطائرات من دون طيار وتطويرها.

• عاش الزواري في سوريا وعمل مع حزب الله في الأراضي اللبنانية والسورية، على تحديث الطائرات من دون طيار.

• غادر سوريا في 2013 بسبب سوء الحالة الأمنية لكنه بقي يتردد عليها بصفة معلومة للسلطات الرسمية.

المعطيات الجديدة التني نشرتها الصحفية المقربة من حزب الله ومن فصائل المقاومة الفلسطينية دعمها في وقت لاحق من مساء امس، بيان صادر عن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، تنعى فيه محمد الزواري، وتعلن انه أحد القادة «الذين أشرفوا على مشروع «طائرات الأبابيل القسامية»، التي كان لها دور في معركة «العصف المأكول» عام 2014».

واعتبرت كتائب القسام التي تحافظ على علاقتها الجيدة مع حزب الله اللبناني وسوريا وايران في بيان نشر على موقعها الرسمي على الانترنت يوم امس، أن الزواري «اغتيل» وانها تحمل» العدو الصهيوني» مسؤولية الاغتيال ولوحت بانها ستردّ الفعل بقولها في البيان ان دماءه لن تذهب هدرا، ولن تضيع سدى. كما حمل البيان عددا من المعطيات الجديدة عن الزواري الذي التحق قبل 10 سنوات بصفوف المقاومة الفلسطينية، وانضم لكتائب القسام وعمل في صفوفها.

معطيات ان وقع تجميعها سوية تقدم صورة عن الرّجل الذي نشط في شبابه بحركة النهضة قبل ان يغادر تونس في فترة الحملة الامنية متجها الى الشرق ليستقرّ به ويرتبط بعلاقات مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ظلّ محافظا عليها بعد اندلاع الحرب السورية وبداية الصدام بين حركة حماس من جهة وسوريا وحزب الله وإيران من جهة ثانية.

الحفاظ على العلاقة جعل الزواري يتمتع بقدرة على الدخول الى الأراضي السورية واللبنانية بكلّ يسر ويجتمع بقادة من حزب الله وكتائب القسام سواء في لبنان أو سوريا، كما انه ظلّ مرحبا به في تركيا التي لم تمنعه من الدخول الى أرضيها أسوة بما فعلته مع غيره.
يسر التنقل بين الدول الثلاث وتونس، تفاقم من لغز الزواري الذي تتهم المقاومة اللبنانية والفلسطينية إسرائيل بـ«اغتياله» استنادا الى وقائع الجريمة وعلاقة الرجل بها، ودوره في تطوير الصناعات العسكرية المرتبطة بحزب الله وكتائب القسام.

تعدد نقاط الاستفهام كذلك لا ينفي أي فرضية، فالرجل الذي نعاه الجميع على ما يبدو، اغتيل بذات الطريقة التي يتبعها جهاز «الموساد»، مما يرجح تورطه دون ان يثبت ذلك. فرضيات وأسئلة تستوجب عدم الوقوع في خطأ الحسم وتحديد من الجهة القاتلة ومن الجهة التي ينتسب إليها القتيل ساعة قتله، في انتظار أن تتضح الصورة أكثر وتبرز معطيات مدعومة بالأدلة، نظرا لتضارب الروايات وغياب الأدلة، التي لا تعني إن الرواية الفلسطينية واللبنانية خاطئة بقدر ما تثير الرواية أسئلة وتترك مساحات فارغة.

ابرز هذه المساحات هي تنقلاته بين دول هي في مرحلة صدام وصراع، سوريا تركيا، وقدرته على الدخول إليها وفق الروايات عبر الممرات الرسمية والقانونية دون ان يتعرض للمضايقات، وهو ما يثير الحيرة فتركيا التي قامت بمنع العشرات من التونسيين للدخول الى أراضيها لشبهة تسمح لرجل يحمل في جواز سفره تأشيرة ديوانية سورية ولبنانية بالدخول والتنقل في أراضيها وهي الخصم الصريح لنظام بشار الأسد، الذي يبدو انه راض على الزواري وسمح له بالدخول الى أراضيه في أكثر من مناسبة لم يتضح هدفها. ولو استندنا الى فـــرضيـــــة ان الــــزواري كان يقدم تدريبات للقساميين في سوريا يجب ان لا يقع إغفال ان سوريا اليوم ساحة حرب بين معسكرين لا يسمحان بوجود طرف محايد.

ما هو ثابت اليوم في عملية قتل/اغتيال محمد الزواري امام منزله هو ان الرّجل وقاتله لغز يتطلب فكه المزيد من الوقت والمعطيات، سننتظر ان تقدمها السلطات التونسية التي يبدو انها تجهل عن مواطنها الكثير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115