الاتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل: نصف مكسب

يوم قدمت حكومة الشاهد مشروع قانون ماليتها، أعلنت ان قانونها يقوم على ثلاث ركائز لن يقع التراجع عنها ورفعت يومها لاءاتها الثلاث. لكنها تراجعت تباعا عمّا قالت انه فلسفة مشروعها الإصلاحي، فهي قبلت بزيادة الأجور وان بتعديل، وهي قبلت بفرض رقابة شكلية على المساهمات

في الواجب الجبائي لأصحاب المهن الحرة، ولم يبق لها ما تتمسك به غير فرض ضريبة استثنائية على الأرباح. فيوم أمس توصلت الحكومة الى اتفاقين مع الاتحاد والمحامين، مضمونهما يختلف عمّا قالت انه جوهر قانونها.

اخيرا انفرجت الأزمة التي طالت لأكثر من شهرين ونصف، بين حكومة يوسف الشاهد وكلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل، وعمادة المحامين، كل على حدة. فالحكومة التي سقط من مشروع قانون ماليتها لسنة 2017، ما كان يقدم على انه جوهر الإصلاحات وركائز السياسات المالية للحكومة تم التخلي عنه يوم أمس، باتفاقين، احدهما تم توقيعه والأخر ينتظر الانتهاء منه في الساعات القليلة القادمة.

الاتفاق الذي كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد يبتسم وهو يراقب عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية يذيل توقيعه على محضر الاتفاق، فبالنسبة له الأزمة مرت وتفادى ما لم تكن حكومته قادرة على مواجهته، وهو غضب الاتحاد وتصعيده المتدرج ضد الحكومة، بثمن غير باهظ.

محضر الاتفاق الذي أدرجت في ديباجته عبارات ومصطلحات فرضها اتحاد الشغل كما فرض شروطه على الحكومة طوال مرحلة التفاوض، تضمن إقرارا بصرف الزيادة المتفق عليها في 22 سبتمبر 2015، على مرحلتين حيث تلتزم الـحكومة بصـــرف 50 % من الزيادات العامة الشهرية في الأجور بعنوان 2017 خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي الى شهر نوفمبر 2017 على أن تصرف كاملة في ديسمبر 2017.

إضافة الى صرف 50 % من المنحة الخصوصية بداية من أفريل 2017 الى غاية نوفمبر 2017 على أن تصرف كاملة خلال ديسمبر 2017، إضافة الى صرف ما تبقى من الزيادتين العامة والخاصة على امتداد أشهر جانفي وفيفري ومارس 2018 مع صرف الزيادة المتعلقة بالمنحة الخصوصية لسنة 2018 في مواعيدها طبقا لما نص عليه اتفاق ديسمبر 2015.

اتفاق قال عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي لدى إشرافهما على جلسة توقيعه، بقصر الحكومة بالقصبة، انه يلغي الإضراب العام المقرر اليوم. فلم يعد الشغالون في حاجة إليه بعد ان تمّ لهم ما رغبوا فيه. وضمنوا ان العلاقة بينهم وبين الحكومة حدّد إطارها العام، لصالح المنظمة النقابية.

فالنقابيون الذين اجبروا حكومة الشاهد على الذهاب بعيدا عمّا قدمته لهم في أكتوبر 2017 يدركون أنهم سيواصلون جني المكاسب في المفاوضات اللاحقة، بعد ان بينوا موازين القوى مع حكومة الشاهد، التي سوقت الاتفاق على انه شراء لـ»السّلم الاجتماعية»، الذي تحرص الحكومة عليه حرصها على الحفاظ على المقدرة الشرائيّة لجميع الشّغالين وخاصّة الفئات والشرائح الضعيفة. ليختتم الشاهد كلمته بالتأكيد على أنّ الاتفاق سيرسّخ ما ورد في مضمون «وثيقة قرطاج»، ويدعم عمل ومساعي الحكومة في إنجاز مشاريعها وتعهّداتها في آجالها المحدّدة.

حكومة الشاهد التي وجدت نفسها تتنازل تدريجا عن مبدإ تأجيل صرف الزيادة في الأجور، في إطار التزامها مع صندوق النقد بتجميد كتلة الأجور. تعتبر أن قبول الاتحاد بجزء من الزيادة إضافة الى وقوفه داعما لسياسة العدالة الجبائية التي ترفعها الحكومة شعارا في وجه انتقادات أصحاب المهن الحرة. مكسبا وتفاعلا ايجابيا لصالحها.

إنّ ما تنتظره الحكومة من الاتحاد في ملف الجباية هو الوقوف في صفها ضدّ المحامين والأطباء الذين بات المقترح الجديد للفصل 31 ينص على تعويض الطابع الجبائي بقسيمة إعلام النيابة تصدرها المطبعة الرسمية وتتضمن معرفا جبائيا يتم بيعه في القباضة المالية بذات المعلوم السابق للطوابع، 10و20و30 دينارا بالنسبة للمحامين، والتنصيص على المعرف الجبائي بالنسبة للأطباء. لكن هذا المقترح الذي صادقت عليه لجنة المالية مرشح بدوره للتعديل بجعل المبالغ المالية رمزية.

خطوة وان كانت تراجعا عن المقترح الأول للحكومة، إلا انها تعتبره ايجابيا، فبالنسبة للحكومة هذا التعديل ان مر سيفرض نوعا من الرقابة على أنشطة أصحاب المهن الحرة، وهذا يقع لاول مرة في تونس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115