لمنع اي تعديل جوهري يمس من ركائز مشروع قانون المالية.
انطلقت جلسات التصويت علي موازنات الوزارات وحكومة الشاهد لا تعلم بعد ان كانت ستحظى بدعم احزاب الاغلبية البرلمانية ام سخطها، فالخطابات والتصريحات الصحفية التي تناهت اليها حملت نذيرا بان قانونها لن يمر وان مر فبعد ادخال العديد من التغييرات التي ستمس من جوهره.
مخاوف تعززت بعد اشغال لجنة المالية في مجلس نواب الشعب، الذي الحق العشرات من التعديلات علي القانون ومنها اسقاط فصل رفع السر البنكي وسن ضريبة على المسابح، مع ترك الفصول الخلافية دون حسم وتمريرها بالصيغة التي ارسلتها حكومة الشاهد منذ 18 اكتوبر الفارط.
لكن سير اشغال جلسات التصويت على موازنات الوزارات ورئاستي الجمهورية و الحكومة وموازنة مجلس النواب حملت ما يخفف الثقل على كاهل حكومة الشاهد، فكل الموازنات التي نوقشت الى غاية يوم امس تمت المصادقة عليها وان باغلبية بسيطة لم تصل الى عتبة ثلثي الاصوات.
بالعودة الي المعطيات المتعلقة بجلسات التصويت، يتضح ان الاغلبية البرلمانية التزمت بالتصويت لصالح الموازنات التي عرضت عليها وان خير بعض المنتسبين اليها التصويت بلا، في حالات معدودة او الاحتفاظ، في ظل ارتفاع الغيابات التي تصل الى غياب 95 نائبا من الاغلبية البرلمانية في جلسة التصويت على موازنة وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني التي مرت بفضل 88 صوتا.
« نعم » كانت حركة النهضة من يدفع باتجاهها، بفضل التزام حوالي 50 نائبا منها بقرار الكتلة وهو التصويت لصالح الموازنات، انضباط حركة النهضة يقابله انضباط اقل من حركة نداء تونس ثاني كتلة برلمانية، سجلت في إحدى الجلسات غياب 41 نائبا من اصل 67، وهو وضع شبه دائم منذ انطلاق مناقشات الموازانات، اذ ان نواب الحركة سجلوا أعلى نسبة حضور لهم في الجلسة المخصصة مناقشة موازنة رئاسة الجمهورية التي حضرها 43 نائبا فيما استمر غياب 24 نائبا. اي حوالي ثلثي الغائبين من الاغلبية النيابية في تلك الجلسة. اغلبية تضم حركة النهضة وحركة نداء تونس وحركة مشروع تونس والاتحاد الوطني الحر وافاق تونس، اضافة الى العشرات من النواب غير المنتمين، اغلبية تقدر بثلثي المجلس بعدد نواب يتجاوز 167، وهم من صوت لصالح الحكومة.
مرور موازنات الوزارات باغلبية بسيطة لايطمئن حكومة الشاهد التي تنظر الى مؤشرات التصويت فتتجدد مخاوفها من انتكاسة او من تكرار ما حدث لقانون المجلس الاعلى للقضاء الذي كاد ان يسقط بسبب غيابات الاغلبية النيابية، وهو ما تنظر اليه الاحزاب الداعمة للحكومة وبالاساس حركة النهضة التي صرح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من ان حركته تدعم الحكومة وتطالب كل الاطراف بدعمها، دون ان يغفل عن الدفاع عن مشروع قانون المالية بما يتضمنه من فصول محل خلاف وجدل بين الحكومة والاطراف الاجتماعية والهياكل المهنية، دفاع قام على ان القانون املته الضرورة والحكومة لم تكن تمتلك الكثير من الخيارات.
قفز النهضة الى ضفة الحكومة يبدو انه وليد ادراك الفاعلين فيها ان التطورات لا تطمئن، فرغم ادراك النهضة ومن خلفها بقية الاحزاب ان المصادقة على ابواب الميزانية، اي موازنات الوزارات، سيضع المجلس امام حتمية التصويت لصالح قانون المالية دون ان تطال تعديلاته جوهر القانون الذي قدمته الحكومة.
والاغلب ان الجلسات ستصوت لصالح مقترحات الحكومة التي عدلتها لجنة المالية، او لصالح التعديلات الجديدة التي ستقدمها الحكومة خاصة في ملف تأجيل زيادة الاجور، كما انه من الناحية التقنية التصويت علي الوزارات مع ما يعنيه ذلك من اقرار اوجه النفقات المشار اليه في النقاشات سيحتم على المجلس احد الخيارين ،اما تعويض الموارد ان تم تعديل او الغاء الفصول المتعلقة بها او الابقاء على الموارد المنصوص عليها بفصول قانونية دون تعديل للحفاظ على التوازنات المالية.