وقصر المؤتمرات لمعرفة من سينتصر في أولى جولات المواجهة، الحزب الجديد ام القديم.
بعد ان أجلت المواجهة بين الحزب القديم (نداء تونس) والحزب الجديد مشروع تونس، يوم 2 مارس الجاري لأسباب رفض محسن مرزوق، المنسق العام لمشروع تونس، الكشف عنها، تواجه الخصمان لكن هذه المرة لم يكن المكان المنستير، التي شهدت صراع الحزب الحر الدستوري القديم والحزب الحر الدستوري الجديد، بل تونس العاصمة.
فقد اختار القائمون على الحزبين القديم والجديد، ان تكون المواجهة في الذكرى 60 لاستقلال تونس، الموعد الذي حرص كل منهما على ان يثبت فيه قدرته على التعبئة ووحدة صفه وقدرته على تنظيم تظاهرات كبرى.
فحركة نداء تونس التي بالكاد غادرت أزمتها والصراع بين قياداتها وتعيين رضا بلحاج رئيسا للهيئة السياسية بحثت يوم الأحد الفارط على ان تكون انطلاقتها في مخطط العودة للقمة من بوابة ذكرى الاستقلال وتحديدا باحتفالية سخّرت لها موارد الحزب وأنصاره من اجل ضمان النجاح.
أما حركة مشروع تونس وبعد أن اجبر على تأجيل موعد 2 مارس بالمنستير، الذي يمثل رمزية هامة، بولادة الحزب الحر الدستوري الجديد وبداية نهاية الحزب القديم، وهو امر يبحث أصحاب المشروع على تكراره وجدت في موعد 20 مارس رمزية قد تصل بين الحزب الجديد ومرجعية فكرية بورقيبية حرص الكل على إبرازها في الفترة الأخيرة.
هذه المواجهة التي راهن الجميع على ان النصر سيكون حليفه في اولى جولاتها، اعّدت فيها حركة مشروع تونس نفسها جيّدا، فالاحتفالية بذكرى الاستقلال التي تتزامن مع الاعلان الرسمي عن تاسيس الحزب وميثاقه التاسيسي وشعاره وأهدافه، عكست هاجس اصحاب المشروع على ان يكون الحدث «ضخما» إذ وقع نقل انصار المشروع من الجهات في حافلات، اكد محسن مرزوق في الندوة الصحفية التي عقبت التظاهرة ان القائمين على المشروع هم من دفع ثمن ايجارها، دون ان يغفل عن الاشارة الى ان عددا من الحافلات لم يصل بسبب إغلاق الطريق أمامها، إضافة إلى تراجع عدد من متعهّدي النقل عن الالتزامات بسبب ما قال عنه مرزوق «ضغوطات».
هذه الضغوطات التي نجح عدد من أنصار المشروع في تفاديها والقدوم الى قبة المنزه، التي كان فيها الحضور هاما مابين 2000 و2500 شخص، لمواكبة الاعلان الرسمي عن ميلاد الحزب، الذي قدّمه اربعة من قادة الحزب تناوبوا على تقديم الحزب وأهدافه وشعاره.
ولكن ما قدمه الاربعة بالأساس كان تعهدات الحزب، اولها “استكمال المشروع الوطني العصري سيرا على خطى الاباء المؤسسين” وخصوصا الحبيب بورقيبة، حماية القيم الانسانية الكونية والالتزام بمبادئ الجمهورية وعلوية القانون وأخلاقيات العمل السياسي والفصل بين الدين والسياسة ومحاربة الفساد وإنشاء اقتصاد تضامني وغيرها من النقاط.
وبانتهاء الاربعة من تقديم ثوابت الحزب تركوا المنصة للمنسق العام محسن مرزوق، الذي حرص هذه المرة على ان لا يكرر خطـأ جوان 2015 حينما قدّم نفسه للحاضرين كزعيم واحد ووحيد، بل خاطب الحاضرين على انهم الزعماء وأصحاب المشروع، فهم من بنى وسمى وفق قوله لهم كما ان عصر الزعيم الوحيد انتهى.
وما قاله مرزوق الذي حافظ على حضوره الخطابي لم يخرج عما قاله في ذات المكان قبل 9 اشهر، التعهد بتنفيذ ما وعد به الحزب القديم التونسيين في ألانتخابات التصدي للإرهاب ودخول الحرب بمنطق “الفاتحين”، الاخطاء التي وقعت في نداء تونس لن تتكرر وأهمها التحالف مع حركة النهضة التي قال انه لن يقبل إلاّ بالتعايش معها وان الحركة ستعمل من اجل الفوز بالانتخابات.
هذا الخطاب الحماسي الموجه لجمهور يدرك مرزوق انه جاء ليستمع لخطاب مماثل انخفضت حدّته في الندوة الصحفية التي عقدت بانتهاء التظاهرة، حيث اكد مرزوق في الندوة ما قاله في الاجتماع وهو ان المؤتمر الانتخابى والتأسيسي سينعقد خلال الفترة الممتدة بين موفى شهر ماي وبداية جوان على أن يقع يوم 9 أفريل القادم عرض خارطة المؤتمر التأسيسي الانتخابي للحركة للنقاش.
وقال ان هذه المحطة سيسبقها اعداد للمؤتمر في الجهات وان الحركة مفتوحة للجميع خصوصا اصحاب مبادرة الـ57 الذين دعاهم للالتحاق بالحركة التي ستقدم قائمة المؤسسين اليوم وغدا، وترك «الحزب القديم» الذي وصفه بانه «كركاسة» اهترأت بفعل الصراعات.
اما بشأن مصادر تمويل الحزب فقد اكتفى مرزوق بالقول أنها متأتية من تبرعات شخصيات منتمية للحركة وأنهم لا يمتلكون الكثير موضحا أنه عندما تصبح حركة مشروع تونس حزبا قانونيا سيقع الافصاح عن كل مصادر تمويله.
وجدد مرزوق في الندوة الاشارة الى ان حركة مشروع تونس ستعمل من أجل الفوز فى مختلف المحطات الانتخابية القادمة وانها تعمل من اجل ان تمسك بالحكم بمفردها أو مع احزاب شريطة ان تكون هي من يتولى قيادة البلاد . ولم يفت مرزوق الذي كشفت ملامح وجهه كما بقية قادة المشروع عن «ارتياح» بتجاوز التظاهرة سالمين دون «ازمات» رغم تأكيده على ان الاجتماع واجه صعوبات وتعطيلات.
في الضفة الاخرى وفي قصر المؤتمرات، كان الندائيون قد علموا بما تم في القبة، اجتماع نجح في المستوى التنظيمي والخطابي وحركة قدمت نفسها على ان الكل فيها زعيم، وهو ما فاقم من الضغط على الندائيين، الذين اختاروا ان يكون الرد فوريا على ما كان في القبة.
اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د
تظاهرة ضخمة توفر لها كل الامكانيات الممكنة لحشد الانصار وجلبهم من الجهات، اعداد القاعة الرئيسة قبل 24 ساعة من انطلاق التظاهرة، كل الظروف التي سبقت مكنت الندائيين في اول اختبار تنظيمي لهم بعد الخروج من ازمتهم، من الاطمئنان الى ان اليوم سينتهي لصالحهم.
فجل القيادات شاركت في التظاهرة، رئيس الهيئة السياسية القى كلمته التي شدّد فيها على ان الحزب تجاوز مرحلة الخطر وان وحدته امر يعني الجميع ويهمهم، وان البلاد تحتاج لنداء قوي وان الحرب على الارهاب تستوجب رص صفوف الحزب وتوفير وحدة وطنية.
ترك الخلافات جانبا هو ما يربط بين مطلب توحيد الحزب من قبل ابنائه وبين وحدة وطنية بين احزاب في الحكم والمعارضة، لكن كلمات رضا بلحاج لم تحل دون ان يفترق الاخوة الندائييون مع اول اشكال يبرز في قاعة التظاهرة.
حافظ قائد السبسي يغادر المنصة وقد بدا على وجهه الغضب والحنق، فوزي اللومي يلقي بكلمة فتنقطع الكهرباء، وبانقطاعها تنتهى التظاهرة بصراخ وجدل انتقل الي القادة الذين اجتمعوا في القاعة الشرفية لمنع تصاعد الازمة.
بعد مضي اكثر من نصف ساعة غادر الكل المكان دون ان تنتهي التظاهرة التي من اجلها انفق الحزب مئات الالاف من الدنانير، وغادر رضا بلحاج القاعة الشرفية ليلتحق بمعرض الصور اين قام بجولة لم تكن تعنى الا ان الامور خرجت عن السيطرة ويجب ان يقع الحفاظ على صورة الحزب التي تستوجب ان يختتم رئيس هيئته السياسية الاحتفالية ويغادر بدوره كما غادر الجميع.
انتهى يوم 20 مارس وبنهايته انتهت الجولة الاولى من مواجهة راقب طرفيها «خصمه» وما حققه، وان لم يعلن كلاهما من انتصر في الجولة الا انهما يدركان من حقق نقاط على حساب صاحبه، فحركة مشروع تونس حققت نقاطا، لن تكون كافية للفوز بالمواجهة، فيما اخفق النداء في ان ينهي ما اعدّه ويغادر قصر المؤتمرات وهو فائز.