المهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان : تأجيل الزيادة في الأجور قرار شجاع

• الكل مطالب بالتضحية ونحن لم نخضع لكل إملاءات صندوق النقد الدولي

صادقت حكومة الوحدة الوطنية يوم امس على مشروع قانون مالية 2017 وهي تدرك انها اتخذت قرارات لن تحظى بقبول جل الفاعلين، فرض ضريبة استثنائية على الارباح وتأجيل زيادة الأجور. لكنها في المقابل تراهن على ان تدفع الجميع الى القبول بتقديم تضحيات وترفع شعار العدالة الجبائية لاقناع معارضي بعض قراراتها بقبول الامر الواقع وتجنب تحمل مسؤولية «افلاس» الدولة.

• ماهي الفرضيات التي قام عليها قانون مالية 2017 وماهي المؤشرات المتوقعة ؟
اولا نحن وجدنا موازنة جاهزة اشتغلت عليها وزارة المالية لعدة أشهر ونحن تسلمناها وعدلنا منها وفق فلسفة وتصور يقوم على تطبيق ما ورد في اتفاق قرطاج وهي إعادة التوازن للمالية العمومية خلق تنمية والثروة ومحاربة الفساد. هذه الموازنة وضعت في ظل وضع صعب تمر به المالية العمومية كشفها رئيس الحكومة في مجلس نواب الشعب.
فلسفتنا في تعديل ورسم قانون مالية 2017 قامت على عدد من الأهداف التي رغبنا في تحقيقها وهي عدالة جبائية تعافي المالية العمومية والمحافظة على المقدرة الشرائية ودفع التنمية. ومن أجل ذلك حرصت الحكومة في فترة تقلدها للمهام على أن تجعل ملف الميزانية محل نقاش وطني مع الشركاء والمنظمات الاجتماعية وانتقل النقاش إلى الشارع وهذا مهم لأننا في السنوات الخمس الفارطة جعلنا الفضاء العام يقتصر على مسائل الهوية ومشروع مجتمعي في حين أن مطالب الثورة هي التنمية وخلق الثروة.

• هذا جيد لكن دعنا نتحدث عن مؤشرات الموازنة؟
أولا يجب أن نوضح أننا نواجه عجزا في موازنة 2016 إضافي بـــ 2,5 مليار سنتجه إلى السوق الدولية لتوفيرها كما اننا سنكون مجبرين علي وضع ميزانية تكميلية لسنة 2016، التي انتهت وقد حققنا نسبة نمو بـ 1,5. هذا العجز الاضافي في الموازنة التي يبلغ عجزها الكلي 5.9 مليار دينار مرده أن موازنة 2016 وضعت بمؤشرات في قمة التفاؤل.
تفاؤل يقابله انخرام مؤشرات 2016 وهو ما دفعنا الى وضع تصور وفرضيات في موازنة 2017 اكثر عقلانية منها تحقيق 2,5 معدل تنمية. وتقليل من نسبة العجز إلى حدود 5,6 مليار دينار بعد أن بلغ هذه السنة 5,9 مليار وهذه ستكون أول مرة منذ مدة يقع تخفيض العجز فيها. وكذلك سنقوم بتثبيت نسبة التداين العمومي.

• تثبيت الدين في أي نسبة؟
حاليا هو في حدود 62 % سنحرص على أن لا يرتفع بنقطة. في مرحلة أولى سيتبعها خفض النسبة.

• هذا الهدف لن يتحقق دون تنمية وخلق الثروة؟
نحن ندرك ذلك، وقد تضمن قانون المالية عددا من الإجراءات والمؤشرات الهامة لدفع التنمية فقد رفعنا من مخصصات التنمية وأحدثنا خمسة صناديق خاصة منها المختص بمنح القروض الصغرى وتمويل المشاريع ومنها صندوق تمويل عقد الكرامة الذي سينتفع به 25 ألف شاب إضافة إلى إجراءات تتعلق بامتيازات تمنح لمن سيقتني منزله الاول وذلك لتشجيع سوق العقارات وعدد من المشاريع الإضافية الأخرى.
لكن الموازنة تواجه ضغط النفقات التي ستتجاوز 20 مليار دينار إن وقع إقرار الزيادة في الأجر؟
لقد اتخذنا قرارا شجاعا بتأجيل الزيادة في الأجر وإبقاء كتلة الأجور في حدود 13,7 مليار دينار. وهذا التأجيل في زيادة الأجر سيكون لمدة سنتين.

• هذا سيحدث أزمة مع الاتحاد؟
قرار تأجيل الزيادة في الأجور ندرك أنه قد يحدث بعض الإشكاليات مع اتحاد الشغل شريكنا في اتفاق قرطاج. لذلك فالحوار معه لم ولن ينقطع. كما أن التضحية لن تكون مقتصرة على الأجراء فقط فالعدالة الجبائية ستوسع قاعدة التضحيات.

• قرار تأجيل الزيادة في الأجور سيدفعكم للصدام مع الاتحاد؟
نعلم أنه ليس من السهل أن نقول للموظفين أنه لا توجد زيادة في الأجور هذه السنة لذلك اتخذنا عدة إجراءات تمكنهم من امتيازات كإلغاء الزيادة في الضرائب أو الأداءات عليهم. كما أننا نضع فرضية لصرف جزء من زيادة الأجور أو كلها ولكن ذلك مقترن بما سنحققه من نسب نمو فلو حققنا 3 % سنتمكن من صرف جزء من زيادة الأجور في حين أنه لو حققنا 5 % سنتمكن من صرف المقدار المخصص للزيادة في الأجور.
نحن اخترنا أن نضع تصور الهدف منه خلق الثروة فزيادة الأجر دون خلق الثروة هذا سيعمّق الأزمة ويواصل انخرام المالية العمومية.

• لكن النقاشات بينكم تطرقت لــــ«الحل الصفر» القائم على نقص الأعباء الجبائية بما يمكن الأجراء من ربح مبلغ مالي مقارب لما اتفقت عليه كزيادة؟
سنعيد صياغة السلم الجبائي وفق مقاربة من له دخل أكبر هو من يدفع جباية أكثر ومن له مدخول أقل يدفع معاليم أقل هذا السلم سيمكن الشريحة الأدنى التي تقارب مداخيلها 5 آلاف دينار من تحقيق زيادة في أجورها الشهرية زيادة بـــ 40 دينار في 2017. وبقية الشرائح في الوظيفة العمومية سيكون لها مردود إيجابي بتعديل السلم الجبائي الذي سيمكن مئات الآلاف من القطاع الخاص من ربح مبلغ 40 دينار.

• هذا الحل هل يقبل به الاتحاد العام؟
إن الاتحاد العام هو منظمة التونسيين دون استثناء ونضالاته لكل التونسيين يدرك أن كتلة الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية تضاعفت في خمس سنوات.
واليوم بلغنا مرحلة لا يمكن لنا أن نستمر في الاقتراض لسداد الأجور أو نفقات التصرف علينا أن نتجه لخلق الثروة وذلك لن يكون إلا بالاستثمار والتنمية وهذا يتطلب أن يقدم الجميع تضحيات ليتقاسم الجميع المكاسب لاحقا.

• أنت تشير إلى بعض الإصلاحات في منظومة الجباية التي تشمل أصحاب المهن الحرة كالمحاماة والطب الذين يواجهون اليوم صداما مع ممثليها؟
هناك أرقام أعلنا عنها ومنها أن أكثر من 7000 محامي منهم ثلاثة آلاف غير مدرجين في المنظومة الجبائية وهذا جعل مجموع المداخيل الجبائية المتأتية من المحاماة في حدود 11 مليون دينار وهذا يعني أن معدل الجباية للمحامين أقل من المعلم وهو غير معقول. نعلم أن هناك محامين يدفعون معاليمهم الجبائية ولكن هناك من لا يقوم بذلك وفي إطار حرصنا على أن نطبق العدالة الجبائية اتخذنا بعض الإجراءات التي نعتبرها لا تعني صداما مع المحامين.
وقد أخذنا بمقترحات عمادة المحامين بفرض طابع جبائي أما بالنسبة للأطباء فقد أقررنا إجراء تقنيا يفرض على المصحات إصدار فاتورة وحيدة تتضمن كل الخدمات وفرض وضع المعرف الجبائي على الوصفات الطبية لنمكن الإدارة من آليات الرقابة.

• تراهنون على الاستثمار والتنمية وهي الإجراءات التي خصصت لتحقيق الانتعاش الاقتصادي دون العودة للحديث عن الصناديق والمنح؟
اقترحنا قانون الطوارئ الاقتصادي الذي سيمكن الدولة من جلب استثمارات كبرى فطيلة السنوات الفارطة خسرنا مستثمرين بسبب التعقيدات الإدارية ولا نريد أن نكرر ذلك اليوم نحن نبحث عن خلق الثروة وهذا يستوجب جلب الاستثمارات الكبرى التي نتنافس على جلبها مع عدد من الدول من بينها المغرب.

• سينظر لهذه الإجراءات على أنها استجابة لضغط صندوق النقد الدولي؟
لا نحن في مشاوراتنا مع صندوق النقد الدولي دافعنا عن مصالحنا فهناك مقترحات تقدم بها الصندوق رفضناها لتعارضها مع ما نهدف لتحقيقه منها إلغاء الامتيازات الممنوحة «أوف شور» ورفضنا إلغاء الضريبة الاستثنائية من الأرباح على المؤسسات الاقتصادية.

• ذات الموقف عبرت عنه منظمة الأعراف بطريقة غير مباشرة عبر جعل هذه الضريبة الاستثنائية تخضع لشروط ومعايير؟
نحن لن نفرض هذه الضريبة على القطاعات التي تعاني صعوبات إنما ستكون موجهة بالأساس للقطاعات التي تحقق أرباحا كالاتصالات والطاقة وغيرها.. هذه الشركات تحقق أرباحا وعليها المساهمة في التضحية في هذا الظرف الاستثنائي.

• الحديث عن التضحية الجماعية يقابله اهتراء الدولة في السنوات الفارطة مما جعلها غير قادرة على فرض هذه الخيارات على الجميع؟
الدولة ليست الحكومة نحن سلطة تنفيذية لنا شركاؤنا في.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115