حول الفساد: «عندما يختلط الحابل بالنابل»

بقلم: د. جودة بوعتور، جامعية
يا سادة يا مادة ، هل سأكتب أن الفساد صار في البلاد عادة و في الناس مرض دون إرادة وأن لا تنفع معه عيادة؟

حيث أنه ليس بحالة معزولة نترصدها من حين لحين أومن لجنة للجنة أو من سياية لسياسة نختارها آنيا، أو مرحليا أونجعل منها إستراتيجيا إعلامية ذات «أدوات شعاراتية «،حيث أننا، إدا واصلنا التطرق لها بهكذا طريقة فيعني دلك أننا لم و لن ولا نريد أن نفقه شيئا من الآفات التي تنخر مجتمعنا و التي تأصلت فيه و تمكنت منه مند سنين.

يكفي أن تتمعن بقليل من الفطنة و النباهة والوضوح في طيات سلوكنا اليومي حتى تتوضح لك الرؤى بطنينها و رنينها، وما أفزعني هو أني استيقظت دات صباح على هذه القناعة أن الفساد قد استشرى بالبلاد و العباد... و يكفي أن ندقق في مشهدنا اليومي في آداء واجباتنا المهنية حتى يتجلى لنا المشهد مليا.....

لنترصد المؤسسات و الأمثلة كثيرة، حتى تتكرر أمام أعيننا المسائل: سوف تنتبه إلى أن الساعات الوظيفية للموظف أيا كان، مهجورة، فمنها ما يخصص لمهام أخرى لاعلاقة لها بالمؤسسة ويتقاضى فيها دخلا ثانيا، ومنها من يوظفها لحسابه لتحسين وضعيته و لكن على حساب وقته الوظيفي ومهمته التي يتقاضى عليها أجرا، و ربما آجتاز شهادات جامعية أعلى وهو في هذه الحالة، يتحصل على أجر لم يعمل خلاله ويبقي على وظيفة يحرم العديد منها و أخيرا يضمن تسلق السلم الوظيفي بفضل الشهادة الحائز عليها خارج أطر التعليم المهني الليلي.

أما في التعليم الجامعي فحدث و لا حرج، حيث يتولى عدد من الإداريين مسؤولية تدريس بعض من الإختصاصات التي تسمى بالعرضية «transversales». و الأتعس هو أن يتغيب في مرات عديدة.... و الغياب في الحصص التعليمية أصبح من الميزات في بعض المؤسسات.

فكيف أن نصمت عن الفساد و هذا الفساد بعينه....لا شك و أن المؤسسات تغيرت نحو الأسوء مند عشرات السنين التي مضت....

فلقد كنا يوم نلتحق بالدروس، نجد الجداول جاهزة، والقاعات كذلك، و قوائم الطلبة، ونبدأ مهمتنا التعليمية منذ تاريخ المباشرة الرسمية والفعلية، أما والحال هذه فقد شهدت الأمور استياءا يوما مع يوم و آزدادت تراجعا سنة تلوَ السنة و قد تزايدت أجيال جديدة إن مهنية أو طلابية تتفاعل شيئا فشيئا مع هذا الواقع الذي يسحب للأسوأ، واقترنت الوضعية السلبية بالفعلية الطبيعية في الأذهان، وصارت القاعدة هي الخطأ والفساد و«المختلف» هو الإستثناء، عملا بالقول، أعمل كيف جارك و إلا حول باب دارك، و تتلمذت الأجيال الجديدة على التأخير والتلكؤ و الغياب خلال العشرية الأولى من كل مواعيد العودة الجامعية، صار من التحصيل الحاصل و من طبيعيات الأمور....نتيجة صار الفساد في «الجينات» وماهيات الإنسان في بلدنا.

ويلحق أجيال الموظفين بعنوان العقود الهشة، فيزداد الطين بلة، حيث تتأخر النتائج وتتأخر معها التعيينات والإلتحاقات، و يزداد التأخير وتكثر اللخبطات باسم البيداغوجيا والعلمية، وتترك القوانين المنصوصة جانبا وتخترع مقاييس مختلفة حسب المزاجات والعادات....
فلنحتسب هذه المعطيات بمنظورالميزانيات العامة، ملتزمين بساعات الأجور التي تحسب من دفع الضرائب الوطنية حتى نعرف وزنها على كاهل هذا الإقتصاد المتهالك وهذا البلد الذي لا نعرف قيمته و هذه الأجيال المتسارعة نحو المجهول.... لا شك أن العديد من العوامل أسرعت، في التهيئة لهذه الوضعية الإنتحارية، التي يختلط فيها الحابل بالنابل ولا تهيأ لروح المواطن الذي يغارولا يحترم ولا يدافع على وظيفته ولا موقعه ولا صيته.إنه في آن واحد الجهل والفساد بعينه يستشري بمؤسساتنا، فإن كنا نعلم فتلك مصيبة و إن كنا لا نعلم فالمصيبة أعظم.

وللحديث بقية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115