ماذا قدمت أكاديميات الأندية لفرق الرابطة الأولى؟ النجم يستثمر في أبنائه.. الترجي وفيّ لعاداته ومعلـــــــــول يحجب نقائص أبناء الــدار

• مشاكل الإفريقي مع لاعبيه أسست لثورة الشباب
• بين البطحاء والأكاديمية تاهت المواهب الكروية

لم تعد البطحاء ذلك المصدر الأهم لميلاد لاعب كرة القدم وذلك يعود لعدة أسباب يبقى أهمها البعيد عن الجانب الرياضي وليس الوقت المناسب لاستعراضه خاصة أن ما يهمنا في هذا التحليل هو صناعة اللاعبين ومدى مساهمتهم في تألق أنديتهم والأهم ما سيقدمونه للمنتخب الوطني...

نعود للحديث عن البطحاء تلك المساحة التي كانت شاهدة على ميلاد عدة نجوم في تاريخ الكرة التونسية حتى أن البطحاء أعلنت إنجاب أحد أفضل لاعبي الساحرة المستديرة ونعني الأرجنتيني «ديغو أرمندو ماردوانا› لكن الزمن لم يعد ذاك الزمن والكرة أصبحت الآن تعد من بين العلوم وتقوم على قواعد علمية تشمل الناحية البدنية والتكتيكية وهو ما جعل نموذجا جديدا يطل برأسه على عالم كرة القدم ونعني أكاديميات كرة القدم...وتكثر اليوم أكاديميات كرة القدم التي تهتم بالمواهب الناشئة وتصنع من الشبان الواعدين نجوما ومن أشهرها على صعيد العالم أكاديمية ‹لاماسيا› التابعة لنادي برشلونة و«دي توكومست» التابعة لنادي أياكس أمستردام الهولندي وأكاديمية مانشستر يونايتد الإنقليزية.

ولم تبق الأندية التونسية بعيدة عن مهمة تنمية مواهبها فأنشأت أيضا أكاديميات تمتلكها وتشرف عليها بهدف تدريب جيل واعد من اللاعبين المحليين يساعدها في المنافسة قاريا ومحليا والأهم أن يكون استثمارا على المستوي المتوسط والبعيد بما أن بيعه إلى البطولات الأوروبية سيمكن الفريق من عائدات مالية محترمة تشجعه على مزيد الاستثمار في أكاديمية الشباب وتدعيمها.

الأندية أول النماذج
بالمقارنة بالبدايات فإن الجميع تجنب فكرة إنشاء أو تكوين أكاديمية كرة قدم خاصة أنها تجربة غير محسوبة وخسائرها أكثر من مكاسبها في ظل المجازفة وعدم تواجد تجارب تشجع على ذلك لتبقى فكرة أكاديمية كرة القدم حكرا على الفرق الكبرى في الكرة التونسية وتحت مسمى مراكز تكوين الشبان التي وقع تطوير أسمها فيما بعد إلى أكاديميات كرة القدم التابعة للنادي وذلك يعود أولا للامكانيات المادية للنادي إضافة إلى الجانب القانوني الذي كان غير مهيىء لاستقبال النموذج الحالي كما أن تواجد المدربين في صلب النادي زاد في إمكانية النجاح لتكون الحصيلة قبل نظام الاحتراف في الكرة التونسية وحتى بعدها محترمة بما أن خريجي مدارس التكوين والذين مروا بكل المراحل السنية كانوا خير سند للفريق ووفروا عائدات مالية هامة.
صحيح أن خريجي مدارس التكوين كانوا محترمين إلا أن ظاهرة شراء اللاعبين ظلت تسيطر على المشهد وتؤكد أن التكوين يشتكي عدة علل جعلت المسؤولين ينظرون للخارج.

الأولمبي والشبيبة مزودان فوق العادة
كما أشرنا لم تكن الأكاديميات موجودة وهو ما جعل الأندية الصغرى أو عددا منها يبحث عن تكوين لاعبين قادرين على تمكين الفريق من الحياة ومواصلة المشوار مع فرق النخبة وذلك عبر بيعهم للفرق الكبرى التي تملك الأموال واقتنعت بمحدودية خريجي مدراس تكوينها لتوجه الأنظار نحو الخارج والكل يتذكر مدرستين كانتا أحد أهم الأندية التي قدمت لاعبين لكل من الترجي الرياضي والنادي الإفريقي والنادي الصفاقسي والنجم الساحلي... جيل الأولمبي الباجي الذي وصل إلى نهائي كأس تونس 1998 انتقل أغلبه إلى الفرق المتراهنة على اللقب المحلي حيث تحول كل من نبيل الكوكي وماهر الزديري إلى الإفريقي فيما أمضي مراد المالكي مع الترجي الرياضي فيما التحق نبيل بالشاوش بالنادي الصفاقسي فيما زاد الجيل اللحاق المكون من نبيل الميساوي وقيس الزواغي ورمزي الفطحلي في تأكيد خصال الأولمبي الباجي في التكوين.

النموذج الباجي ليس الوحيد في البطولة التونسية بما أن شبيبة القيروان كانت هي الأخرى أحد مدراس التكوين التي زودت أندية تراهن على البطولة فبعد خالد بدرة ومراد العقبي جاء جيل الكسرواي والمحجوبي ثم جيل الشرميطي والذوادي ليؤكد الجيل الحالي بقيادة خليل و العويشي الخصال التي جعلت الشبيبة من أهم مدارس التكوين في البطولة التونسية.
صحيح أنهما يعدان من أهم المدارس إلا أن النموذج الجديد والذي ابتاعته جل الأندية وخاصة الرباعي الكبير في كرتنا جعلها تعول كثيرا على خريجيها وأرقام هذا الموسم تظهر ذلك.

خريجو الإفريقي في الخدمة
ساهمت المشاكل الكبيرة لعدد من لاعبي الخبرة مع هيئة النادي الإفريقي في هذا الموسم في ظهور عدد من خريجي أكاديمية نادي باب الجديد إضافة إلى أن ما قدمه بعضهم زاد في القناعات بمنحهم فرصة المشاركة في مباريات هذا الموسم وما زاد في تكريس الظهور الكبير لصغار النادي الإفريقي هو قناعات المدرب الهولندي رود كرول بخصالهم إضافة أن تكوينه في مدرسة الكرة الشاملة تؤسس لمنح الفرصة للاعبين الشباب وهو ما ميز مرحلة كرول مع النادي الإفريقي حيث عرفت التشكيلة تواجد عدد كبير من مدرسة التكوين للأحمر والأبيض فبعد يوسف العياشي الذي نال ثقة الإطار الفني ليكون الظهير الأيمن بعد التجارب العديدة في هذه الجهة جاء الدور على الظهير الأيسر معتز الزمزمي شأنه شأن المهاجم وجدي بوعلاق في المقابل وجد الفريق في حارسه الشاب سيف الشرفي المعوض الجاهز لكل من بن مصطفى والدخيلي بما أنه شارك في المباريات التسع الأخيرة لنادي باب الجديد...
ثلاثي كان من بين عشرة لاعبين تخرجوا من مدرسة التكوين للنادي الإفريقي بما أنّ حصيلة اللاعبين أبناء الدار في النادي الإفريقي في هذا الموسم كانت 13 لاعبا بينهم قدماء الفريق على غرار وسام بن يحيي وبلال العيفة وأسامة الحدادي ثم جيل مهدي الوذرفي وشهاب الجبالي وغازي العيادي وسيف الجزيري ليأتي الدور على الرباعي المذكور سابقا.

النجم الأكثر استفادة
بحصيلة 12 لاعبا بين جيل قديم وجديد كان لخريجي بطل تونس النجم الساحلي كلمة كبيرة في اللقب المحقق في الموسم الفارط حيث قدم أبناء أكاديمية فريق جوهرة الساحل الإضافة الكبيرة وكانوا العلامة الفارقة في أداء فريق المدرب فوزي البنزرتي طيلة موسم جعل النجم الساحلي يؤكد أنه أحد أفضل مدراس التكوين في كرتنا فبعد فيلق المحترفين الذي مكن النجم من عائدات مالية كبيرة على غرار عبد النور وياسين الشيخاوي جاء الدور على جيل النقاز والبريقي ليؤكدوا أن سياسة التكوين في النجم تبقى أكبر مساند للفريق.
لغة الأرقام تؤكد ما قدمه خريجو أكاديمية النجم الساحلي فالتواجد الدائم في التشكيلة لكل من لحمر والبريقي وعبد الرزاق والنقاز يقيم الدليل على خصالهم والتي جعلتهم يساهمون بشكل كبير في احراز البطولة فالكل يتذكر أهداف حمزة لحمر وعلية البريقي رغم أنهم متوسطا ميدان فيما تعد مساهمة الثنائي النقاز وعبد الرزاق كبيرة في الأهداف المحققة في المقابل كان محور دفاع النجم المتكون في الفريق والمتمثل في القيدوم عمار الجمل والثلاثي رامي البدوي وزياد بوغطاس وصدام بن عزيز صمام الأمان وأحد نقاط القوة في الفريق.
خريجو أكاديمية النجم لم يتوقفوا عند الصناعة المحلية بما أن نسخة النجم 2016 قدمت ثنائي تدرج بأكاديمية فريق جوهرة الساحل ونعني بهما «خليل بانغورا» و النيجيري الشاب «انوفكي» ليكون الامتياز لخريجي مدرسة النجم الساحلي.

تباين في حصيلة الصفاقسي
يعد النادي الصفاقسي من أبرز الفرق التي تعول على أبنائها في قيادة الفريق إلا أن أخر المواسم جعلته يتجه إلى القادمين من الخارج سيما أنهم أثبتوا خصالهم والكل يتذكر موسم التتويج بالبطولة وكأس الكاف حيث عرفت تشكيلة ‹السي أس أس› رباعي من أبناء الدار ليؤكد هذا الموسم ذلك بما أن 9 لاعبين فقط من خريجي مدارس التكوين للنادي الصفاقسي كانوا في خدمة تشكيلة المدرب شهاب الليلي منهم ثنائي أجنبي أكد خصال فريق عاصمة الجنوب في تكوين اللاعبين الأفارقة. تألق رامي الجريدي طيلة الموسم حجب رؤية الثنائي المتكون في أكاديمية النادي الصفاقسي محمد الهادي قعلول وحارس منتخب الأواسط صبري بن حسن ليكون هذا الثنائي خارج نطاق الخدمة ويؤكد التباين الكبير لما قدمه خريجو مدارس النادي الصفاقسي بما أن تألق علي معلول وتتويجه بلقب الهداف رغم أنه مدافع حجب النقد الموجه للتكوين في نادي عاصمة الجنوب الذي استفاد من سداسي فقط تمثل في القطرة علي معلول والمدافع محمود بن صالح ومتوسطي الميدان محمد علي منصر ووسيم كمون وحسام اللواتي والثنائي الأجنبي ‹فالو نيانغ› و›ماندي› . نسخة الصفاقسي في الموسم الماضي رغم قلة أبناء الدار إلا أن مساهمتها كانت كبيرة فيما تحقق حيث تكفي أهداف معلول وتمريرات منصر الحاسمة في تخفيف النقد الموجه للقائمين على التكوين في النادي الصفاقسي.

الترجي وفي لعاداته
على مر تاريخه كان للقادمين إلى الترجي الرياضي المساهمة الكبيرة في التتويجات المحققة رغم أن أبناء الدار طالما كانوا همزة الوصل والقاطرة التي تمكن الوافدين من التألق والنسخ الأخيرة للترجي كانت تواجد أبناء الدار وخريجي أكاديمية الفريق التي كانت الأولى في كرتنا هامة فالكل يتذكر جيل الدراجي وشمام وبوعزي الذي ساهم في تتويج الفريق برابطة الأبطال الإفريقية... الموسم الماضي كان وفيا لعادة الترجي الرياضي بالتعويل على عدد من خريجي أكاديميته الذين مكنوا الفريق من تحقيق المرتبة الثانية المؤهلة لرابطة الأبطال الإفريقية وكانوا إلى أخر المطاف متراهنين على اللقب وبالعودة إلى تشكيلة الأحمر والأصفر في هذا الموسم يظهر أن عمار السويح استنجد بعشرة لاعبين من خريجي أكاديمية الترجي الرياضي خارج منهم وسيم النغموشي من الحسابات بعد إعارته في الشطر الثاني من البطولة إلى مستقبل القصرين ليبقى 9 لاعبين في خدمة الإطار الفني في مقدمتهم ثنائي حراسة المرمى معز بن شريفية والعائد من الإعارة علي الجمل.
وباستثناء القيدوم خليل شمام خريج مدرسة التكوين من الجيل القديم فان الجيل الثاني المتكون من إدريس المحيرصي وهيثم الجويني وطه ياسين الخنيسي أعلن عن نفسه في ظل المردود المحترم الذي قدمه المحيرصي والأهداف التي سجلها الثنائي الخنيسي والجويني فيما يبقى الحكم مؤجلا على كل ما قدمه الثنائي الجديد غيلان الشعلالي وخاصة المهاجم الشاب يوسف الخميري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115